الأردن مقبل على أزمة سكنية وأسعار العقارات مرشحة للارتفاع بنسبة 12%خلال العام الجاري، بسبب الزيادة الكبيرة في الطلب على الشقق السكنية من قبل الأردنيين واللاجئين السوريين المقيمين في البلاد التي دفعت المعروض من الشقق والمنازل الجديدة للهبوط مقارنة مع الطلب في السوق الاردني.
ويعد هروب المستثمرين الأردنيين العاملين في قطاع العقار إلى الخارج أو الاتجاه لقطاعات
أخرى، أبرز مظاهر الأزمة التي يمر بها القطاع. وتعزز ذلك بعض التوقعات بحدوث الأزمة، كما ذكرت جمعية مستثمري قطاع الإسكان.
إلى ذلك، قال البنك المركزي الأردني ودائرة الإحصاءات العامة الحكومية، إن الرقم القياسي لأسعار الاصول العقارية في الأردن ارتفع خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي بنسبة 9.66%، حيث بلغ 115.7%، مقابل 105.5% للفترة نفسها من العام 2013.
ووفقاً لأحدث بيانات أعدها كل من البنك المركزي ودائرة الإحصاءات العامة، فقد ارتفع الرقم القياسي لأسعار مجموعة المساكن من 103.1% في التسعة أشهر الأولى من 2013، إلى 109.85% للفترة ذاتها من العام الماضي.
وقال رئيس جمعية مستثمري قطاع الاسكان الاردنية، كمال عواملة، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار الأصول العقارية في الأردن، حدث بسبب الزيادة التي طرأت على أسعارالشقق السكنية والاراضي خلال العام الماضي وبنسبة بلغت 8%، مؤكداً أن الأسعار ستشهد مزيداً من الارتفاع خلال العام الحالي، 2015، وربما بنسبة 10% إلى 12%.
وأرجع عواملة أسباب الزيادة التي طرأت على أسعار الأصول العقارية في الأردن وخاصة الأراضي والمساكن، لعدة عوامل، أهمها أعداد اللاجئين السوريين الذين يقدّرون في البلاد بحوالى 1.4 مليون لاجئ، وهو ما رفع الطلب على الشقق السكنية والمنازل، وكذلك الإجراءات الحكومية المشددة والتأخر في إنجاز معاملات البناء. وذلك إضافة إلى ارتفاع أكلاف البناء، من مواد بناء وأسعار الاراضي وغيرها.
وقال إن الإقبال على الشقق السكنية والمنازل في الأردن ارتفع بنسبة كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث أصبحت بالنسبة للاردنيين نوعاً من الاستثمار الذي يدر عليهم دخلاً جيداً لقاء تأجير المساكن للاجئين السوريين، ومن ناحية أخرى تفضيل بعض السوريين الذين لديهم ملاءة مالية شراء الشقق بدلاً من استئجارها.
وبيّن العواملة أن قيمة مشتريات السوريين من الشقق السكنية بلغت العام الماضي 282 مليون
دولار، بزيادة مقدارها 205 شقق عن العام 2013.
وحذر رئيس جمعية مستثمري الإسكان من حدوث أزمة سكنية في الأردن خلال العام الحالي، وقال إن أزمة السكن ستتفاقم في 2016، وذلك نتيجة لارتفاع الطلب وانخفاض عمليات البناء، بسبب هروب كثير من المستثمرين إلى الخارج.
وقال إن عدداً كبيراً من المستثمرين الأردنيين في قطاع العقار قد هجروا موطنهم بحثاً عن أماكن أخرى تتوفر فيها ظروف أفضل لوضع استثماراتهم العقارية، وخاصة الاستثمار في بناء الشقق السكنية. وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على الاقتصاد الاردني وفقدانه مورداً مهماً، إضافة إلى احتمال حدوث أزمة إسكان بسبب عدم تلبية الطلب المحلي على المساكن والذي هو في
ازدياد بشكل مستمر.
وقال: "نسعى لوضع خطة إنقاذ لهذا القطاع وتحفيز المستثمرين الأردنيين للعودة إلى بلدهم وتوطين الاستثمارات العقارية، ونحتاج الى وقوف الجهات الحكومية المختصة من خلال تسهيل إجراءات الاستثمار وإعادة النظر بنظام الابنية الحالي بما يمكّن من زيادة عدد طوابق البناء، وفتح مواقع جديدة للمباني العقارية، وخاصة لغايات الاسكان".
وقد أثارت الارقام التي أعلنت عن حجم الاستثمارات العقارية الاردنية في دبي لوحدها، والتي تبلغ مئات الملايين، دهشة وقلق المسؤولين الاردنيين على أعلى المستويات الذين اعتبروا أن ذلك بمثابة جرس إنذار على وجود مشكلات حقيقية في سوق العقار داخل البلاد.
وقال العواملة إن حجم الاستثمارات العقارية التي تعود لأردنيين في الخارج، تراوح بين 5.64 مليارات دولار إلى 7 مليارت دولار، منها 1.4 مليار دولار في دبي، و1.33 مليار دولار في مصر، و705 مليارات دولار في تركيا، إضافة الى استثمارات بأحجام مختلفة في بلدان أخرى.
وقال إن معدلات هروب الاستثمارات العقارية من الأردن ارتفعت خلال العام الماضي، 2014، بنسبة 10% الى 15%، محذراً من استمرار هذا الهروب من السوق العقاري الأردني، وقال إن استمراره سيؤثر على اقتصاد البلاد ويخفض من مساهمة قطاع العقار في الناتج المحلي الاجمالي.
وقال العواملة إن إلغاء الحوافز التي كان معمولاً بها سابقاً، كإعفاء الشقق السكنية من رسوم التسجيل وتخفيض رسم نقل ملكية الأراضي الى 5%، قد أثّرا كثيراً على المستثمرين وأديا إلى زيادة الأكلاف والأسعار.
وقال رئيس جمعية مستثمري الإسكان إن حجم الطلب المحلي على الشقق السكنية يبلغ حوالي 50 ألف شقة سنوياً يوفر منها المستثمرون ما بين 40 إلى 45 ألف شقة، وأشار في هذا الصدد، إلى تأثير ارتفاع الطلب مقارنة بالمعروض على الأسعار التي ارتفعت بما نسبته 15% الى 20% خلال العام الماضي، 2014، وقال إن سعر المتر المربع في العاصمة
الأردنية، عمان، وصل إلى حدود تراوح بين 564 إلى 987 دولاراً، ولكنه يرتفع لحوالي 1700 دولار في المناطق المميزة وذات المواصفات الخاصة.
وبيّن أن العراقيين ما زالوا يحتلون المرتبة الأولى من إجمالي المشترين للعقارات في الأردن، من بين المستثمرين غير الأردنيين، وبنسبة 8%، فيما لا تتجاوز مشتريات السوريين 2.5%، لكن الطلب ارتفع بشكل كبير من قبل الأردنيين لغايات التأجير للاجئين، وخاصة السوريين.
وقدّر العواملة أن يكون حجم الاستثمار في قطاع العقار الاردني قد بلغ خلال العام الماضي 10 مليارات دولار مقارنة بـ 8.5 مليارات دولار العام 2013.
من جانبه، قال المستثمر في قطاع الاسكان، محمد أبو يوسف، لـ"العربي الجديد"، إنه بدأ بتخفيض حجم نشاطاته الاستثمارية في بناء المساكن بسبب ارتفاع الاسعار، كما أن القطاع لم يعد مجدياً من الناحية المادية، واشار إلى أنه يفكر بالاستثمار في مجالات أخرى أكثر راحة وذات عائد مادي سريع وجيد.