أصدر مجلس اللجوء في الدنمارك، وهو سلطة قضائية تنظر في طلبات اللجوء إلى البلاد، قراراً يسمح للاجئين بأن يمضوا إجازاتهم في وطنهم الأم الذي هربوا منه خوفاً من الحروب والقتل. القرار أثار حفيظة اليمين السياسي. وطالب حزب الشعب اليميني بحلّ مجلس اللجوء، بعد تشكيل الحكومة المقبلة. وأعلن مقرر شؤون الدمج في البرلمان من الحزب نفسه، مارتن هينركسن، أنّ هذا المجلس "يظهر مرة بعد مرة أنّه مجلس مسيّس، ولذا لم يعد من المقبول استمراره".
وجرت العادة حين يمنح الشخص اللجوء السياسي أو الإنساني، وفق معاهدة جنيف لعام 1951، أن تحظر عليه السلطات العودة إلى بلده لأمرين اثنين: الأول يتعلق بسلامته، وهو ما توضحه فقرة في وثيقة السفر الممنوحة له بأنه يحق له السفر إلى كل الدول، باستثناء بلده الأصلي. والثاني لأنه "لا يمكن لشخص يدّعي بأنه مطلوب في بلده وتقدم له الحماية من خلال اللجوء ويتلقى إعانة اجتماعية، أن يسافر إلى البلد نفسه الذي أتى منه"، وهي الحجة التي يرفعها يمين الوسط.
الإقرار الذي صدر عن مجلس اللجوء الدنماركي يأتي في وقت حساس جداً لأحزاب يسار الوسط التي تسابق الزمن لإقناع الناخبين بأنها تتشدد مع اللاجئين قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر الصيف المقبل.
وكانت السلطات الدنماركية قد سحبت إقامات 3 أشخاص، العام الماضي، تبين أنّهم سافروا إلى وطنهم بعد الحصول على اللجوء. وبالرغم من ذلك، فإن مجلس اللجوء منحهم فرصة البقاء في الدنمارك. وهو ما تسبب في غضب سياسي وشعبي من أوساط مختلفة. وتدخلت وزيرة العدل ميتا فريدركسن، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لتجيب على أسئلة أعضاء البرلمان بالقول: "لقد سحبت سلطة اللجوء إقامات هؤلاء الأشخاص بعد أن تبيّن أنهم سافروا إلى بلدهم مرات عدة، وفي المرات الثلاث عدّل مجلس اللجوء القرار".
منع السفر إلى البلدان الأصلية جرى تشديده عام 2009، بعد أن انتشر بين اللاجئين العراقيين السفر في إجازات إلى العراق، رغم أنّ "حياتهم مهددة بالخطر هناك" وفق الشائع. وهو ما أثار زوبعة سياسية وقانونية حينها، أدت إلى اتخاذ تشريع يقضي بسحب اللجوء والإقامة لكلّ من يثبت أنه سافر إلى بلده الأصلي بعد الحصول على اللجوء.
لكنّ مجلس اللجوء الدنماركي، من خلال قراره الأخير، يفتح ثغرة في التشريع السابق. ولا يقتصر الانتقاد على أحزاب اليمين، بل يمتد إلى بعض أحزاب يسار الوسط الداعمين للحكومة الحالية.
في المقابل، تثير الصحافة المحلية قضية المترجمين العراقيين للقوات الدنماركية في البصرة، الذين منح بعضهم اللجوء بعد الانسحاب الدنماركي من العراق. وفي إحدى القضايا، سافر أحد هؤلاء إلى العراق عام 2009 واستصدر جواز سفر عراقيا "بالرغم من أن اللجوء منح له على أساس أن حياته مهددة من مليشيا المهدي هناك"، بحسب القضية. سحبت من ذلك الشخص الإقامة، ثم عاد مجلس اللجوء للقول بأنه "يحق له زيارة زوجته وأطفاله، بما لا يتناقض مع قوانين اللجوء في البلاد".
وكانت قد أثيرت في السابق قضايا تتعلق باللاجئين الفلسطينيين من لبنان وزياراتهم الصيفية إليه، رغم أن قوانين اللجوء تمنع ذلك. ومثله تثار قضايا ضد اللاجئين الأكراد والإيرانيين، وهو ما يتمسك به معسكر اليمين بالقول: "هؤلاء يخدعوننا ويدّعون أنهم مطلوبون. وبمجرد حصولهم على اللجوء نراهم يذهبون في سياحة إلى بلدانهم".
بدورها، تذخر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الشعبية بأمثلة كثيرة يستغلها اليمين للمطالبة بوقف منح اللجوء حتى للمستحقين، ومنع تقديم المساعدات المادية للمقيمين منهم، باعتبارهم "يقومون باستغلال نظام الرفاهية لتقديم لجوء اقتصادي".
من جهته، يقول اللاجئ السوري عبدالسلام السعدي لـ"العربي الجديد": "أشعر مع آخرين مثلي بالتبدل الحاصل تجاه اللاجئين، ونظرة الناس إلينا. ويؤخذ الجميع بجريرة أخطاء البعض". فيما يشير صديقه خالد إلى أنّ "ذلك التبدل يمكن لمسه في رفض الدنماركيين تأجيرنا شقة أو غرفة".
بدورها، تقول المتطوعة في مساعدة اللاجئين، بيرغيتا سورنسن: "الجو مشحون قبل الانتخابات، لكن يجب أن يتصرف اللاجئون وفق القوانين، كي لا يمنحوا اليمين مبررات المطالبة بتشديدات تطال الجميع".
اقرأ أيضاً: الأُمم المتّحدة تُسائلُ الدنمارك