لأول مرة... رمضان بلا صلاة في الأقصى
محمد محسن
ويقول خبير القدس والمقدسات جمال عمرو لـ"العربي الجديد": "إن المقدسيين وعموم شعب فلسطين عاشوا جمعة حزيناً اليوم، بسبب عدم تمكنهم من دخول الأقصى والصلاة فيه، وإقامة تراويح رمضان بسبب جائحة كورونا، وإجراءات الاحتلال وتدابيره المشددة".
وأكد عمرو أنّ آخر مرة أقفل فيها الأقصى كانت في زمن احتلال الصليبيين للقدس وسيطرتهم عليه، وهي سيطرة دامت ثمانية وثمانين عاماً، مُنع فيها المسلمون من الصلاة فيه.
وقال عمرو: "بعد ذلك تعرض المسجد الأقصى لكوارث بشرية من قبل الاحتلال، سواء بإحراقه في العام 1968 أم ما أعقب ذلك من مجازر وتدنيس، إلا أنه لم يغلق على نحو ما نشهده اليوم، حتى حين ضرب زلزال مدمر القدس في عام 1927، وطاول بعض مبانيه التدمير، لكنه لم يغلق تماماً كما يحدث اليوم".
مشاعر الحزن التي عبر عنها عمرو شاركه فيها العديد من أبناء البلدة القديمة في القدس، القاطنين بجوار المسجد الأقصى، الذي أوصدت أبوابه أمامهم رغم ملاصقتهم لسور وأبواب المسجد، كما هو الحال في شارع الواد، وحي الجالية الأفريقية، وأحياء باب حطة، وحارة السعدية، حيث خلت شوارع المدينة من المواطنين.
وانتشرت أعداد كبيرة من جنود الاحتلال الإسرائيلي في الشوارع والأزقة، وواصل المستوطنون ممارساتهم الاستفزازية فيها على مرأى شرطة الاحتلال؛ وهو ما تكرر الليلة الماضية، حين أغلق الاحتلال أبواب القدس القديمة بالحواجز الحديدية وقيّد الدخول إليها، في الوقت الذي سمح فيه للمستوطنين بإقامة زفة عريس اخترقت شارع الواد قرب الأقصى وصولاً إلى حائط البراق، أحد أبواب المسجد الأقصى الذي يسيطر عليه الاحتلال.
وتطبيقاً لتدابير الوقاية من كورونا، أدت مجموعات صغيرة من المقدسيين صلاة الجمعة، اليوم، في أحيائهم القريبة من البلدة القديمة وداخل حاراتها؛ كما هو الحال في سلوان، وجبل الزيتون، وفي بعض حارات المدينة المقدسة.
في ذلك الوقت، كان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، يخطب من داخل المسجد الأقصى بحراس المسجد وسدنته وعدد من كبار مسؤولي الأوقاف الذين سمح بدخولهم وسط تدابير الوقاية.
وجدد المفتي ما كان قد صرح به في وقت سابق من تبرير لإغلاق المسجد الأقصى ارتباطاً بفيروس كورونا، مؤكداً أن الهدف من القرار "هو حماية أرواح المواطنين من الفيروس"، داعيا إلى الصبر والرباط، ومبتهلاً إلى الله لأن يزيل الغمة.
وقامت دائرة الأوقاف الإسلامية بنقل وقائع خطبة الجمعة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتصل إلى المواطنين في مواقع وجودهم.
في السياق، كانت أسواق البلدة القديمة من القدس، اليوم الجمعة، على غير ما جرت عليه العادة حيث ازدحامها الشديد في رمضان من كل عام، وفيما التزم العديد من التجار بفتح محلاتهم في ساعة مبكرة جداً، امتنع أصحاب محلات آخرون عن فتحها؛ وبدا تسوق العامة ضعيفاً، باستثناء ما شهدته محلات بيع القطايف والعصائر واللحوم من إقبال في سباق مع الزمن، حيث ستعود تلك المحلات إلى إغلاق أبوابها عند الساعة الثالثة، وهو إجراء بدأت شرطة الاحتلال بتطبيقه منذ مساء أمس الخميس، تحت طائلة الغرامة المالية العالية للمخالفين.