كيف صنع كمال الطويل أغنيتين توأمين؟

08 ابريل 2018
غنّى عبد الحليم بلاش عتاب في "معبودة الجماهير" (فيسبوك)
+ الخط -
اللقاء الثالث بين عبد الحليم حافظ وشادية بعد فيلمي "لحن الوفاء" و"دليلة"، جاء بعد أكثر 10 سنوات من آخر تعاون بينهما، فكان فيلم "معبودة الجماهير" الذي لم تغن شادية فيه باستثناء أغنيتها الشهيرة مع حليم "حاجة غريبة". أما باقي الأغاني فأداها "العندليب" وحيداً مثل "أحبك"، "جبار"، "بلاش عتاب"... سنتوقف هنا عند الأغنية الأخيرة أي "بلاش عتاب".

قد تكون هذه الأغنية من أهم أغاني حليم العاطفية، ولا تقل أهمية أيضاً في مسيرة ملحنها كمال الطويل، رفيق الرحلة منذ البداية، وصديق العندليب الشخصي: الاثنان يدينان بالفضل لثورة 52، فهما ابنا المرحلة بكل ما فيها من مميزات وعيوب. فضّل الطويل صوت حليم على كل الأصوات التي عمل معها. فكان آخر تعاون بينهما في الأغاني العاطفية هو في "بلاش عتاب".
أغنية استغرق تلحينها 4 سنوات، أي مدة تصوير فيلم "معبودة الجماهير"، لأسباب مرض حليم. لحن الطويل المقطع الأول واللازمة الموسيقية، وقرر السفر إلى الخارج، وأوكل لحليم اختيار أحد الملحنين (بليغ - رؤوف ذهني) ليكمل اللحن. واختار عبد الحليم حافظ، رؤوف ذهني وأكمل اللحن بالفعل. وعندما عاد الطويل من السفر وقبل الانتهاء من الفيلم، طلب سماع اللحن، لكنه لم يعجبه. فكان الطويل معروفا بشكه الدائم في ألحانه هو شخصياً، حتى ولو أثنى عليها الجميع، فما بالك بألحان غيره؟ فغيّر اللحن مجدداً وأكمله بنفسه.



تقريباً في نفس فترة العمل على كلمات أغنية بلاش عتاب، جاءت إليه كلمات أخرى تحمل نفس المشاعر. كانت الكلمات الأخرى من كتابة حسين السيد. وتماماً كعلاقة حليم بكمال الطويل، كانت علاقة هذا الأخير بنجاة الصغيرة، فكان يوزّع ألحانه بينهما. هكذا وضع على القصيدة الجديدة نفس لحن "بلاش عتاب" مع تعديلات بسيطة لتغنيها نجاة، فولدت أغنية "الشوق والحب" الشهيرة، والتي تكاد تكون توأم "بلاش عتاب". أي لحن سبق الآخر فعلياً؟ لا أحد يملك الجواب باستثناء الطويل، لكن ما نعرفه أن أغنية نجاة ظهرت في حفلة التلفزيون في مسرح سينما قصر النيل، الخميس 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1964، وأغنية "بلاش عتاب" ظهرت في فيلم معبودة الجماهير 9 يناير/كانون الثاني 1967.

كان بناء الأغنيتين شبيهاً، على نسق الطقطوقة، ولكنها متطورة عن الشكل التقليدي. المذهب المعاد في الأغنية بين المقاطع الغنائية، هو المقطع الأول للأغنية وليس المذهب الرئيسي. في أغنية "بلاش عتاب" نجد المقطع المكرر هو "ياما قلبي داب.."، وليس "بلاش عتاب"، رغم استخدامه لكلمة حبيبي للرجوع للحن الأساسي، مع نجاة نجد مقطع "شوف يا قلبي اللي بكاني.." هو المكرر وليس المذهب الرئيسي "الشوق والحب حلي؟"، والربط بينهم بكلمة "لا لا لا" التي ترددها نجاة في نهاية المذهب الرئيسي والمقطع الأول المكرر بين المقاطع الأخرى.

مع المقدمة الموسيقية نجد الهارب والبيانو يظهران بقوة في "بلاش عتاب"، والغيتار يحل مكانهما في أغنية الشوق والحب، والكمان هو العامل الرئيسي والمشترك بين الاثنتين، بالطبع كانت الفرقة الماسية هي أيضا القاسم المشترك في إخراج الأغنيتين بهذا الشكل العظيم والمثالي.

لم يكتف صناع الأغنيتين، من اللعب على تطور قالب الطقطوقة، لكن نجد روح المونولوج أيضاً. الأغنيتان قائمتان على فكرة المشهدية والسرد من جانب شخص واحد لحالة درامية زمنيا ومكانيا.

المساهمون