لا ينحصر تأثير العقوبات الأميركية على إيران في قطاع دون آخر. فقطاع البيئة من الأكثر تأثراً، وستمتد الانعكاسات السلبية إلى الأجيال المقبلة.
لدى الحديث عن آثار وتداعيات العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في الثامن من مایو/ أيار في عام 2018، يكون التركيز على الأبعاد الاقتصادية لهذه العقوبات فحسب، من دون الاكتراث بقطاعات أخرى ينسحب عليها تأثير هذه العقوبات، وفي مقدّمتها قطاع البيئة. ولا تتضمن العقوبات الأميركية على إيران ما يشير بالاسم إلى عقوبات ضد البيئة. على الرغم من ذلك، تبقى من القطاعات الأكثر تأثراً.
تترك العقوبات الأميركية أثرين مختلفين على البيئة الإيرانية بشكل غير مباشر: الأول سلبي على نطاق واسع، والثاني إيجابي محدود. والبعض قد يستغرب من وجود أي آثار إيجابية للعقوبات، إلا أنها تتجلى في تقليص ملحوظ بمعدلات إنتاج النفايات في البلاد، إذ إن ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير على خلفية العقوبات، التي هوت بالعملة الإيرانية، الريال، إلى مستويات متدنية غير مسبوقة لفقدانها نحو 150 في المائة من قيمتها، قلصت القوة الشرائية للمواطن الإيراني، ما دفعه إلى التقشف وترشيد الاستهلاك.
ويؤكد رئيس قسم النفايات في منظمة حماية البيئة الإيرانية، بيام جوهرجي أن "الاستهلاك في إيران تقلص مع ارتفاع الأسعار بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ما يؤدي تلقائياً إلى تقلص النفايات التي تخلّف أضراراً بالغة الخطورة على البيئة. لكن المعادلة كانت عكسية. فعندما وقّعت البلاد مع المجموعة السداسية الدولية على هذا الاتفاق في عام 2015، زادت النفايات باطراد، خصوصاً في العاصمة طهران، إلا أنها تراجعت بشكل لافت مع تصاعد التوترات في المنطقة والانسحاب الأميركي من الصفقة النووية"، على حد قوله.
في هذا السياق، نقلت صحيفة "جوان" المحافظة عن المدير التنفيذي لمنظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، رضا عبدلي، خلال مايو/ أيار من العام الماضي، أنّ معدلات إنتاج النفايات في العاصمة تراجعت بمقدار ألف طن في اليوم، أي أنها وصلت إلى 7400 طن، بعدما كانت 8400 طن يومياً. ويعزو السبب إلى هبوط العملة الإيرانية وارتفاع الأسعار والسلوك الأكثر عقلانية للمواطنين في الشراء والاستهلاك.
وبالنسبة إلى الآثار السلبية للعقوبات الأميركية على البيئة الإيرانية، يقول النائب السابق لرئيس منظمة حماية البيئة الإيرانية كاوه مدني، إنها ستظهر بشكل تدريجي، لكن مستدام وستطاول الأجيال المقبلة. هذه الآثار تشمل القطاعات البيئية كافة، ويمكن رصدها على ثلاثة أصعدة: الأول أن هذه القطاعات تعتمد في إيران على موازنة الدولة، التي تواجه ضغوطاً هائلة نتيجة العقوبات، وتفشي فيروس كورونا، ما أدى إلى عجز كبير في الموازنة قدّره مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني بأكثر من ثلث الموازنة الحالية، في تقرير نشره أواخر شهر إبريل/ نيسان الماضي، الأمر الذي غيّر أولويات الدولة الإيرانية وصوّب جل اهتماماتها خلال العامين الماضيين نحو توفير الاحتياجات الضرورية الملحة للمواطنين الإيرانيين على حساب القطاعات الأخرى، منها قطاع البيئة الذي أصبح يواجه مشاكل مالية تقلص قدراتها في تسيير أمورها ومواجهة المعضلات البيئية مثل التغيرات المناخية.
في هذا السياق، أفاد المجلس الأطلسي، ومقره الولايات المتحدة، في تقرير له نشره في مايو/ أيار في عام 2018، بأن العقوبات الأميركية تفاقم تداعيات التغيرات المناخية في إيران، من خلال تحجيم قدراتها في مواجهة التصحر وأزمة المياه والجفاف والتلوث.
اقــرأ أيضاً
وعلى الصعيد الثاني، قلّصت العقوبات الأميركية كثيراً قدرة إيران على الاستيراد من الخارج بسبب الحظر الشامل لمعاملاتها المصرفية وتحويلاتها المالية، ما دفعها إلى الاعتماد على إمكاناتها وقدراتها الذاتية، لتوفير حاجاتها الأساسية في مختلف المجالات، وخصوصاً المواد الغذائية. وهذا الأمر أصبح يشكّل ضغطاً كبيراً على البيئة الإيرانية، بسبب زيادة الاعتماد على الموارد الطبيعية لتأمين احتياجات البلاد. وأشار رئيس منظمة حماية البيئة في إيران عيسى كلانتري في يوليو/ تموز الماضي، خلال لقاء مع السفير الفرنسي لدى طهران فليب تيه بو، إلى أن "ظروف العقوبات تضغط على موارد المياه في إيران، وعلينا توفير المواد الغذائية التي تحتاج إلى مياه أكثر".
يشار إلى أن إيران تعاني من نقص كبير في مواردها المائية منذ ثلاثة عقود، ولا سيما خلال العقد الأخير. ويقول كلانتري إنه بسبب التغيرات المناخية، تراجعت الأمطار فيها بنحو 20 في المائة خلال السنوات العشر الأخيرة، ليهبط معدل الهطول إلى 250 ملم. وكان عام 2018 الأكثر جفافاً خلال خمسين عاماً، بحسب السلطات الإيرانية.
وحرمت العقوبات إيران استيراد التقنيات الحديثة الصديقة للبيئة، وخصوصاً في مجالي إنتاج الوقود وصناعة السيارات، التي انسحبت منها شركات عالمية كبرى، مثل بيجو ورينو، ما فاقم معضلة تلوث الجو في المدن الإيرانية الكبرى، مثل العاصمة، وسبّب أيضاً تلوث مدن أخرى لم تشهد معدلات تلوث على غرار العامين الماضيين، نتيجة الجودة المنخفضة للوقود أو السيارات المصنعة محلياً واستهلاكها كميات كبيرة من الوقود، مقارنةً بنظيراتها الأجنبية.
إلى ذلك، اتهم نائب رئيس منظمة حماية البيئة في إيران، مسعود تجريشي، خلال مؤتمر التغييرات المناخية الذي عقد في مدريد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الولايات المتحدة بأنها "من خلال عقوباتها غير القانونية، تمنع إيران من الحصول على التقنيات الخضراء والاستثمار في تجديد الصناعات المتهالكة"، معتبراً أن هذه السياسة "تتعارض مع القوانين الدولية ومبادئ اتفاقيات التغيرات المناخية".
اقــرأ أيضاً
أما على الصعيد الثالث، فإن العقوبات الأميركية أحدثت خللاً كبيراً في التعاون بين إيران والمؤسسات البيئية الدولية ونقل الخبرات والعلم المرتبط بالبيئة والطبيعة إلى داخل إيران والدعم المالي الدولي لمشاريع بيئية، بحسب تقرير نشره موقع "Equal Times" في السابع والعشرين من فبراير/ شباط 2019. يضيف أن العقوبات الأميركية تعرّض التنوع البيئي الإيراني لخطر من خلال التهديد الذي تمثله الحيوانات المهددة بالانقراض في إيران، وهي بحاجة إلى دعم دولي لإنقاذها، مثل الفهد الآسيوي.
إضافة إلى ذلك، فقد طاولت العقوبات الأميركية، على مدى السنوات الماضية، مشاريع أممية مرتبطة بالبيئة في إيران، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق البيئة العالمية.
تترك العقوبات الأميركية أثرين مختلفين على البيئة الإيرانية بشكل غير مباشر: الأول سلبي على نطاق واسع، والثاني إيجابي محدود. والبعض قد يستغرب من وجود أي آثار إيجابية للعقوبات، إلا أنها تتجلى في تقليص ملحوظ بمعدلات إنتاج النفايات في البلاد، إذ إن ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير على خلفية العقوبات، التي هوت بالعملة الإيرانية، الريال، إلى مستويات متدنية غير مسبوقة لفقدانها نحو 150 في المائة من قيمتها، قلصت القوة الشرائية للمواطن الإيراني، ما دفعه إلى التقشف وترشيد الاستهلاك.
ويؤكد رئيس قسم النفايات في منظمة حماية البيئة الإيرانية، بيام جوهرجي أن "الاستهلاك في إيران تقلص مع ارتفاع الأسعار بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ما يؤدي تلقائياً إلى تقلص النفايات التي تخلّف أضراراً بالغة الخطورة على البيئة. لكن المعادلة كانت عكسية. فعندما وقّعت البلاد مع المجموعة السداسية الدولية على هذا الاتفاق في عام 2015، زادت النفايات باطراد، خصوصاً في العاصمة طهران، إلا أنها تراجعت بشكل لافت مع تصاعد التوترات في المنطقة والانسحاب الأميركي من الصفقة النووية"، على حد قوله.
في هذا السياق، نقلت صحيفة "جوان" المحافظة عن المدير التنفيذي لمنظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، رضا عبدلي، خلال مايو/ أيار من العام الماضي، أنّ معدلات إنتاج النفايات في العاصمة تراجعت بمقدار ألف طن في اليوم، أي أنها وصلت إلى 7400 طن، بعدما كانت 8400 طن يومياً. ويعزو السبب إلى هبوط العملة الإيرانية وارتفاع الأسعار والسلوك الأكثر عقلانية للمواطنين في الشراء والاستهلاك.
وبالنسبة إلى الآثار السلبية للعقوبات الأميركية على البيئة الإيرانية، يقول النائب السابق لرئيس منظمة حماية البيئة الإيرانية كاوه مدني، إنها ستظهر بشكل تدريجي، لكن مستدام وستطاول الأجيال المقبلة. هذه الآثار تشمل القطاعات البيئية كافة، ويمكن رصدها على ثلاثة أصعدة: الأول أن هذه القطاعات تعتمد في إيران على موازنة الدولة، التي تواجه ضغوطاً هائلة نتيجة العقوبات، وتفشي فيروس كورونا، ما أدى إلى عجز كبير في الموازنة قدّره مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني بأكثر من ثلث الموازنة الحالية، في تقرير نشره أواخر شهر إبريل/ نيسان الماضي، الأمر الذي غيّر أولويات الدولة الإيرانية وصوّب جل اهتماماتها خلال العامين الماضيين نحو توفير الاحتياجات الضرورية الملحة للمواطنين الإيرانيين على حساب القطاعات الأخرى، منها قطاع البيئة الذي أصبح يواجه مشاكل مالية تقلص قدراتها في تسيير أمورها ومواجهة المعضلات البيئية مثل التغيرات المناخية.
في هذا السياق، أفاد المجلس الأطلسي، ومقره الولايات المتحدة، في تقرير له نشره في مايو/ أيار في عام 2018، بأن العقوبات الأميركية تفاقم تداعيات التغيرات المناخية في إيران، من خلال تحجيم قدراتها في مواجهة التصحر وأزمة المياه والجفاف والتلوث.
وعلى الصعيد الثاني، قلّصت العقوبات الأميركية كثيراً قدرة إيران على الاستيراد من الخارج بسبب الحظر الشامل لمعاملاتها المصرفية وتحويلاتها المالية، ما دفعها إلى الاعتماد على إمكاناتها وقدراتها الذاتية، لتوفير حاجاتها الأساسية في مختلف المجالات، وخصوصاً المواد الغذائية. وهذا الأمر أصبح يشكّل ضغطاً كبيراً على البيئة الإيرانية، بسبب زيادة الاعتماد على الموارد الطبيعية لتأمين احتياجات البلاد. وأشار رئيس منظمة حماية البيئة في إيران عيسى كلانتري في يوليو/ تموز الماضي، خلال لقاء مع السفير الفرنسي لدى طهران فليب تيه بو، إلى أن "ظروف العقوبات تضغط على موارد المياه في إيران، وعلينا توفير المواد الغذائية التي تحتاج إلى مياه أكثر".
يشار إلى أن إيران تعاني من نقص كبير في مواردها المائية منذ ثلاثة عقود، ولا سيما خلال العقد الأخير. ويقول كلانتري إنه بسبب التغيرات المناخية، تراجعت الأمطار فيها بنحو 20 في المائة خلال السنوات العشر الأخيرة، ليهبط معدل الهطول إلى 250 ملم. وكان عام 2018 الأكثر جفافاً خلال خمسين عاماً، بحسب السلطات الإيرانية.
وحرمت العقوبات إيران استيراد التقنيات الحديثة الصديقة للبيئة، وخصوصاً في مجالي إنتاج الوقود وصناعة السيارات، التي انسحبت منها شركات عالمية كبرى، مثل بيجو ورينو، ما فاقم معضلة تلوث الجو في المدن الإيرانية الكبرى، مثل العاصمة، وسبّب أيضاً تلوث مدن أخرى لم تشهد معدلات تلوث على غرار العامين الماضيين، نتيجة الجودة المنخفضة للوقود أو السيارات المصنعة محلياً واستهلاكها كميات كبيرة من الوقود، مقارنةً بنظيراتها الأجنبية.
إلى ذلك، اتهم نائب رئيس منظمة حماية البيئة في إيران، مسعود تجريشي، خلال مؤتمر التغييرات المناخية الذي عقد في مدريد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الولايات المتحدة بأنها "من خلال عقوباتها غير القانونية، تمنع إيران من الحصول على التقنيات الخضراء والاستثمار في تجديد الصناعات المتهالكة"، معتبراً أن هذه السياسة "تتعارض مع القوانين الدولية ومبادئ اتفاقيات التغيرات المناخية".
أما على الصعيد الثالث، فإن العقوبات الأميركية أحدثت خللاً كبيراً في التعاون بين إيران والمؤسسات البيئية الدولية ونقل الخبرات والعلم المرتبط بالبيئة والطبيعة إلى داخل إيران والدعم المالي الدولي لمشاريع بيئية، بحسب تقرير نشره موقع "Equal Times" في السابع والعشرين من فبراير/ شباط 2019. يضيف أن العقوبات الأميركية تعرّض التنوع البيئي الإيراني لخطر من خلال التهديد الذي تمثله الحيوانات المهددة بالانقراض في إيران، وهي بحاجة إلى دعم دولي لإنقاذها، مثل الفهد الآسيوي.
إضافة إلى ذلك، فقد طاولت العقوبات الأميركية، على مدى السنوات الماضية، مشاريع أممية مرتبطة بالبيئة في إيران، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق البيئة العالمية.