09 يونيو 2017
كوريا الشمالية والعلاقات الصينية الأميركية
يشهد الملف الكوري الشمالي تصعيدا، في الوقت الذي تأخذ فيه العلاقة الأميركية الصينية اتجاها إيجابيا. وبالطبع، فإن العلاقة بين دولتين عظميين، مثل الولايات المتحدة والصين، لا يمكن تصنيفها في وصفٍ واحد، فالدولتان تشكل كل واحدة منهما بالنسبة للأخرى التحدّي الأول والأهم، كما أن كل واحدة منهما بالنسبة للأخرى أيضا هي الصديق المرشح الأكثر أهمية.
السياسة الأميركية المعلنة أنها تريد أو تحاول ترتيب وضع كوريا الشمالية على النحو الذي يوقف تهديدها كوريا الجنوبية واليابان، وإن كان التحليل يتضمن احتمال (أو افتراض) أن الولايات المتحدة تجد، في الخوف الكوري الجنوبي والياباني، مصلحة لها في دفع الدولتين باتجاه سياساتها ومصالحها، والسياسة الصينية المرجّحة أنها ترى في كوريا الشمالية أداةً للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها، وخصوصا اليابان وكوريا الجنوبية، وإن كان التحليل يتضمن احتمال أ(و افتراض) أن الصين تتطلع إلى علاقات أكثر إيجابية ودفئا مع الغرب واليابان وكوريا الجنوبية، فالصين مشغولةٌ بالأسواق العالمية والعلاقات الدولية التي تخدم اتجاهات الأسواق نحو مواجهة تدفق صادراتها وعلاقاتها التجارية. وهي، في تطوير سياساتها ومواقعها الاقتصادية، أصبحت في مرحلةٍ يجب أن تتخذ فيها أدوارا ومبادرات واصطفافات سياسية كانت تعتقد من قبل أنها تستطيع تحييدها أو تجاهلها، فلم يعد في مقدور الصين أن تكون دولةً محايدة مستقلة سياسيا عن العالم، لأن التطوّر الاقتصادي ينشئ تطورا سياسيا، لا مناص من ذلك، لأجل حماية المصالح الاقتصادية. ولأن الاقتصاد يساهم في إنشاء السياسة، فلم يكن مردّ عزلة الصين وحيادها إلى فلسفة سياسية أو ثقافة مرجعية تحاول أن تنأى بنفسها عن العالم ومشكلاته، لكنها عزلة كان سببها تواضع الإمكانات الاقتصادية، الفقر والضعف الاقتصادي، ما أنشأ فلسفة وثقافة العزلة والحياد!
لا تستطيع الصين أن تكون قوة عظمى اقتصاديا، وليست، في الوقت نفسه، قوة عظمى سياسيا، وتتحمل اليوم من وجهة نظر العالم مسؤوليةً تجاه كوريا الشمالية، والتزاما تجاه العالم وقضاياه المشتركة. ويشير التصريح الأميركي إلى ذلك بوضوح وصراحة، فالرئيس الأميركي، دونالد
ترامب، يقول إذا لم تبادر الصين إلى وقف كوريا الشمالية عند حدّها فسوف تقوم الولايات المتحدة بذلك، بمعنى أن الصين تتحمل مسؤولية واضحة ومباشرة تجاه كوريا الشمالية، وأنها أيضا تتحمل مسؤولية عالمية، ولا يمكنها أن تتخلى عن شراكتها القيادية، باعتبارها دولة عظمى سياسيا واقتصاديا، وعضواً دائماً في مجلس الأمن،...
وبعد ساعاتٍ من تحذير الرئيس الأميركي، فإن هيئة الإذاعة الصينية بثت تصريحا للرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن الصين تحتاج إلى مساعدة أميركية، وتعاون مشترك لكبح كوريا الشمالية وحل المسألة سلميا. وفي الوقت نفسه، حذرت صحيفة غلوبال تايمز الصينية كوريا الشمالية، وكتبت أن بكين سوف تدعم تشديد العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة، بما في ذلك الحد من صادرات البترول إلى كوريا الشمالية. وتوصف هذه الصحيفة التي تملكها الدولة بأنها تعكس تفكير القيادة الصينية، وقد ذكرت الصحيفة أن كوريا الشمالية تواجه احتمال انقطاع إمدادات النفط، إذا أجرت اختبارا على سلاح نووي. وأن الصين لم تعد تحتمل نشاطا عسكريا نوويا على حدودها، وأن إنهاء هذا الوضع المتزايد سوءا يتفق مع رغبة الشعب الصيني واتجاهه، كما دعت بيونغ يانغ إلى تجنب الصدام والاستفزاز، لأنها قد ترتكب خطأ يصعب إصلاحه. ومن المعلوم أن كوريا الشمالية تعتمد كليا على النفط القادم من الصين، وقد تواجه شللا اقتصاديا إذا فقدت إمداداتها النفطية.
وقد سبق لقاء الرئيسين الأميركي والصيني تصعيد سياسي وعسكري أيضا لإظهار تهديد جدّي
لكوريا الشمالية، فقد تحرّكت حاملة الطائرات الأميركية، كارل فينسون، باتجاه الساحل الكوري في عرضٍ للقوة، يهدف إلى ردعها وتهديدها، ويهدف أيضا إلى تطوير العلاقات الصينية الأميركية باتجاه تعاون جدي وتفاهمات سياسية واستراتيجية أكثر مما يبدو خلافا ونزاعا، فذلك ما لا تريده الدولتان. كما جاءت الزيارة، بعد هجماتٍ صاروخيةٍ، نفذتها الولايات المتحدة ضد النظام السياسي الحاكم في سورية، ردا على هجمات بالكيميائي، أدت إلى وفاة عشرات المدنيين في إدلب من بينهم أطفال؛ ما أظهر رسالةً واضحةً إلى العالم والصين وكوريا الشمالية أن الرئيس الأميركي ملتزم بوعوده وكلامه.
وقد ناقش الزعيمان، الصيني والأميركي، قضية كوريا الشمالية، وتقول وسائل الإعلام الأميركية إن تقدما ضئيلا حدث في التعاون بين البلدين، لأجل تدابير جديدة تحد من اتجاهات كوريا الشمالية أو تعاقبها. لكن، يبدو واضحا أن اللقاء قدّم إعلاميا ورسميا إلى العالم بأنه اجتماع مهم وجدي، وأن الدولتين وقيادتيهما تعطيان أهمية واحتراما كبيرين لهذا اللقاء. وبالطبع، المحتوى الحقيقي للقاء لم يعلن، ولا نعرف عنه الكثير. لكن، يرجّح أن الدولتين تمضيان باتجاه ترتيب أوضاع كوريا الشمالية، لتكون جزءا مقبولا في العالم، تتقبله ويتقبلها، بمعنى التخلي عن أسلحة الدمار الشامل، وأن تتجه إلى مزيد من الانفتاح السياسي والاقتصادي. لكن، تبقى مشكلة أن هذا التدبير، وإن كان يبدو سلميا، فإنه يتضمن تكاليف ومخاطر عالية.
السياسة الأميركية المعلنة أنها تريد أو تحاول ترتيب وضع كوريا الشمالية على النحو الذي يوقف تهديدها كوريا الجنوبية واليابان، وإن كان التحليل يتضمن احتمال (أو افتراض) أن الولايات المتحدة تجد، في الخوف الكوري الجنوبي والياباني، مصلحة لها في دفع الدولتين باتجاه سياساتها ومصالحها، والسياسة الصينية المرجّحة أنها ترى في كوريا الشمالية أداةً للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها، وخصوصا اليابان وكوريا الجنوبية، وإن كان التحليل يتضمن احتمال أ(و افتراض) أن الصين تتطلع إلى علاقات أكثر إيجابية ودفئا مع الغرب واليابان وكوريا الجنوبية، فالصين مشغولةٌ بالأسواق العالمية والعلاقات الدولية التي تخدم اتجاهات الأسواق نحو مواجهة تدفق صادراتها وعلاقاتها التجارية. وهي، في تطوير سياساتها ومواقعها الاقتصادية، أصبحت في مرحلةٍ يجب أن تتخذ فيها أدوارا ومبادرات واصطفافات سياسية كانت تعتقد من قبل أنها تستطيع تحييدها أو تجاهلها، فلم يعد في مقدور الصين أن تكون دولةً محايدة مستقلة سياسيا عن العالم، لأن التطوّر الاقتصادي ينشئ تطورا سياسيا، لا مناص من ذلك، لأجل حماية المصالح الاقتصادية. ولأن الاقتصاد يساهم في إنشاء السياسة، فلم يكن مردّ عزلة الصين وحيادها إلى فلسفة سياسية أو ثقافة مرجعية تحاول أن تنأى بنفسها عن العالم ومشكلاته، لكنها عزلة كان سببها تواضع الإمكانات الاقتصادية، الفقر والضعف الاقتصادي، ما أنشأ فلسفة وثقافة العزلة والحياد!
لا تستطيع الصين أن تكون قوة عظمى اقتصاديا، وليست، في الوقت نفسه، قوة عظمى سياسيا، وتتحمل اليوم من وجهة نظر العالم مسؤوليةً تجاه كوريا الشمالية، والتزاما تجاه العالم وقضاياه المشتركة. ويشير التصريح الأميركي إلى ذلك بوضوح وصراحة، فالرئيس الأميركي، دونالد
وبعد ساعاتٍ من تحذير الرئيس الأميركي، فإن هيئة الإذاعة الصينية بثت تصريحا للرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن الصين تحتاج إلى مساعدة أميركية، وتعاون مشترك لكبح كوريا الشمالية وحل المسألة سلميا. وفي الوقت نفسه، حذرت صحيفة غلوبال تايمز الصينية كوريا الشمالية، وكتبت أن بكين سوف تدعم تشديد العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة، بما في ذلك الحد من صادرات البترول إلى كوريا الشمالية. وتوصف هذه الصحيفة التي تملكها الدولة بأنها تعكس تفكير القيادة الصينية، وقد ذكرت الصحيفة أن كوريا الشمالية تواجه احتمال انقطاع إمدادات النفط، إذا أجرت اختبارا على سلاح نووي. وأن الصين لم تعد تحتمل نشاطا عسكريا نوويا على حدودها، وأن إنهاء هذا الوضع المتزايد سوءا يتفق مع رغبة الشعب الصيني واتجاهه، كما دعت بيونغ يانغ إلى تجنب الصدام والاستفزاز، لأنها قد ترتكب خطأ يصعب إصلاحه. ومن المعلوم أن كوريا الشمالية تعتمد كليا على النفط القادم من الصين، وقد تواجه شللا اقتصاديا إذا فقدت إمداداتها النفطية.
وقد سبق لقاء الرئيسين الأميركي والصيني تصعيد سياسي وعسكري أيضا لإظهار تهديد جدّي
وقد ناقش الزعيمان، الصيني والأميركي، قضية كوريا الشمالية، وتقول وسائل الإعلام الأميركية إن تقدما ضئيلا حدث في التعاون بين البلدين، لأجل تدابير جديدة تحد من اتجاهات كوريا الشمالية أو تعاقبها. لكن، يبدو واضحا أن اللقاء قدّم إعلاميا ورسميا إلى العالم بأنه اجتماع مهم وجدي، وأن الدولتين وقيادتيهما تعطيان أهمية واحتراما كبيرين لهذا اللقاء. وبالطبع، المحتوى الحقيقي للقاء لم يعلن، ولا نعرف عنه الكثير. لكن، يرجّح أن الدولتين تمضيان باتجاه ترتيب أوضاع كوريا الشمالية، لتكون جزءا مقبولا في العالم، تتقبله ويتقبلها، بمعنى التخلي عن أسلحة الدمار الشامل، وأن تتجه إلى مزيد من الانفتاح السياسي والاقتصادي. لكن، تبقى مشكلة أن هذا التدبير، وإن كان يبدو سلميا، فإنه يتضمن تكاليف ومخاطر عالية.