كورونا يُرعب أسواق سورية: غلاء السلع وتراجع الليرة بعد أول إصابة

24 مارس 2020
فيروس كورونا يفاقم معيشة السوريين (محمد قدور/فرانس برس)
+ الخط -

 

قفزت أسعار السلع في الأسواق السورية أكثر من 25%، بعد إعلان أول حالة إصابة بفيروس كورونا، أول من أمس.
وسادت بحسب مصادر لـ"العربي الجديد" حالة من الهلع بأوساط السوريين، ما زاد الطلب على الدولار والذهب بالتوازي مع تراجع حاد في سعر صرف الليرة، وخاصة بعد طلب رئاسة الوزراء من المحافظين إغلاق الأسواق والأنشطة التجارية والخدمية والثقافية والاجتماعية حتى إشعار آخر. ويُستثنى من القرار الصيدليات والمراكز الصحية الخاصة ومحال الغذائيات.

وتأتي توجيهات حكومة الأسد في إطار حزمة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها لمواجهة كورونا، منها تعليق المدارس والجامعات، وإغلاق المطاعم والحدائق والملاهي الليلية، ومختلف الأماكن التي فيها تجمّعات.

 

سباق على التخزين

تشهد الأسواق السورية إقبالاً شديداً على شراء السلع الغذائية والمنظفات، الأمر الذي رفع الأسعار إلى مستويات قياسية، منذ بداية حرب الأسد على الثورة عام 2011.

وساهمت الإجراءات الاحترازية، في رفع الأسعار وتراجع العرض في مقابل زيادة الطلب، فسجل كيلو الأرزّ لأول مرة 1400 ليرة، وكيلو الشاي 7500 ليرة، واقترب سعر كيلو السكر من ألف ليرة، حسب مصادر لـ"العربي الجديد".

ولم تسلم الخضر من موجة ارتفاع الأسعار، فقفز سعر كيلو الخيار والبطاطا إلى 1100 ليرة والليمون إلى ألف ليرة بنسبة ارتفاع 25% مقارنة بالأسبوع الماضي. ونالت أسعار الفواكه ارتفاعات أكبر تعدت نسبتها 30%. كذلك قفزت أسعار مواد التنظيف بأكثر من 40%.

ويعقب الاقتصادي السوري، محمود حسين، قائلاً لـ"العربي الجديد": "إن كان متوسط دخل السوريين لا يزيد على 50 ألف ليرة شهرياً، في حين أنّ النفقات الشهرية بواقع هذه الأسواق تتعدى 500 ألف، فهل سيموت السوريون بمنازلهم جوعاً إن طبق عليهم الحجر الإلزامي؟".

وتقول مصادر، رفضت ذكر اسمها، في العاصمة السورية دمشق: "رغم قرارات الحكومة وإعلان أول إصابة رسمياً، إلا أن الازدحام على أفران الخبز ينبئ بكارثة انتشار الفيروس بنحو أوسع مع غلاء أسعار الخبز"، مضيفة أن سعر ربطة الخبز "أقل من 2 كلغ" تعدى 600 ليرة، بعد الإقبال على التخزين وغياب الدور الرقابي.

من جهته، وعد معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة الأسد، جمال الدين شعيب، بتشديد الرقابة أكثر على الباعة الجوالين قرب الأفران، وذلك ضمن تضافر الجهود بين مختلف الجهات وبالتنسيق بين وزارتي التموين والداخلية.

ويذكر أن سورية التي كانت تنتج قبل الحرب أكثر من 3 ملايين طن قمح، تستورد اليوم احتياجاتها من روسيا الاتحادية بعد أن تراجع الإنتاج المحلي إلى عتبة المليون طن، يتوزع بين مناطق المعارضة والنظام ومناطق الأكراد شمال شرق سورية.

 

إغلاق المعابر

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة بشار الأسد أمس، إغلاق جميع المعابر أمام حركة القادمين من لبنان، بمن فيهم المواطنون السوريون، وذلك في إطار إجراءات التصدي لفيروس كورونا.

وأوضحت الوزارة في بيان اطلعت عليه "العربي الجديد" أن القرار دخل حيّز التنفيذ اعتباراً من مساء أمس وحتى إشعار آخر، واستثنى القرار سيارات الشحن مع إخضاع السائقين للفحوص الطبية اللازمة في المراكز الحدودية.

وكان وزير الصحة في حكومة الأسد، نزار يازجي، قد كشف ليل أول من أمس الأحد، عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في سورية، وهي لفتاة تبلغ 20 عاماً كانت قادمة من دولة وصفها بالموبوءة.

ويرى التاجر السوري محروس الخطيب، أن إغلاق المعابر، على ضرورتها، سيزيد من رفع الأسعار ومعاناة السوريين، بعد أن تراجع الإنتاج السوري، الصناعي والزراعي، إلى أقل من نصف احتياجات الأسواق.

ويضيف الخطيب لـ"العربي الجديد": ربما كان لدى النظام المبرر بإغلاق المعابر الحدودية مع لبنان التي جاءت منها حالة الإصابة، أو مع العراق الذي يعجّ بالإصابات، ولكن أن يترك الباب مفتوحاً للوافدين من إيران "حجاجاً ومقاتلين" ويغلق معبر كسب مع تركيا، فهذا ينذر بغلاء أسعار وأزمات جديدة ستشهدها الأسواق قريباً.

 

تراجع الليرة

تراجعت الليرة السورية أمس إلى أدنى سعر مقابل العملات الأجنبية في السوق السوداء، منذ أن أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد في يناير/ كانون الثاني الماضي مرسومي 3 و4 جرّم خلالهما التعامل بالدولار، لتسجل 1200 ليرة مقابل الدولار، فيما يبلغ السعر الرسمي نحو 514 ليرة، مع توقعات بمزيد من التراجع، رغم الملاحقة الأمنية في منطقتي الحريقة والمرجة وسط العاصمة السورية، بحسب ما تفيد مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد".

وبدأت الليرة بالتهاوي منذ نحو أسبوعين، بعد تثبيت على عتبة 1050 ليرة مقابل الدولار، لتبلغ الأسبوع الماضي 1180 ليرة، فيما تراجعت بنحو 20 ليرة مقابل الدولار الواحد أمس، بعد إعلان أول إصابة بفيروس كورونا في سورية، لتفقد الليرة منذ مطلع العام الجديد نحو 12% من قيمتها أمام العملات الأجنبية الرئيسة، وذلك بعدما خسرت العام الماضي نحو 44% من قيمتها.

المساهمون