كورونا يستغيث في بغداد!

08 مارس 2020
+ الخط -
يعاني العالم من عدة أزمات في الفترة الأخيرة ولعل أبرزها الفيروس الجديد المعروف بكورونا، فمن بؤرة انتشاره في ووهان الصينية التي يطوقها الجيش كإجراء للعزل الكامل، إلى مركز ثان في قم الإيرانية ليتخذ المرض قاعدتين للانتشار بدلاً من البؤرة الأولى بالصين، في حين لا تزال الأسئلة تُطرح عن الكيفية التي أوجد فيها هذا الضيف وسط خوف مرهق تضج حوله الشائعات.

أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الأعراض الأولية مشابهة لأعراض الإنفلونزا الموسمية من صداع وارتفاع حرارة الجسم وسعال حاد إلى متوسط، وأكدت أن حالات الوفاة ترتفع بارتفاع عمر الشخص لضعف مناعته.

يرافق كل هذه الأعراض سوء إدارة الأزمة في عدة بلدان عربية وبالأخص في العراق، حيث أعلن وزير الداخلية بعد أيام قليلة من انتشار المرض في إيران، عن فتح الحدود بين البلدين والموافقة على دخول الإيرانيين بلا تأشيرات، في تصرف يوصف بعديم المسؤولية..


ينص قانون عقوباته في المادة 368: يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات كل من ارتكب عمداً فعلاً من شأنه نشر مرض خطير مضر بحياة الأفراد، فإذا نشأ عن الفعل موت إنسان أو إصابته بعاهة مستديمة عوقب الفاعل بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت أو جريمة العاهة المستديمة حسب الأحوال، كما نصت المادة 369 بما يشابه هذه العقوبة حيث يعاقب الفاعل بالعقوبة المقررة للقتل الخطأ.

حيث أكدت وزارة الصحة بعد ذلك بأيام إصابة مواطن إيراني يدرس في حوزة النجف الأشرف و5 مواطنين عراقيين آخرين جميعهم عادوا من إيران قبل أيام قليلة، ولم تتخذ إدارة المطارات والمعابر الحدودية أي إجراءات احترازية لمنع دخول هذا المرض للعراق، كما نقلت وسائل التواصل الاجتماعي حالة لمواطن عراقي قرر عزل نفسه في منزله بعد رفض مستشفى الفرات ومستشفى اليرموك في بغداد استقباله، في تصرف أثار استياء المواطنين، ولكنه لم يثر السؤال عن دور المؤسسات الصحية العراقية، حيث اعتاد العراقيون على مثل هذا السلوك داخل كل المؤسسات الحكومية، كما لم يخرج السيد وزير الصحة بأي تصريح أو بيان حول هذا الأمر!.

إن هذا الأمر ليس بالجديد على المؤسسات الصحية العراقية بالأخص، والتي عُرفت بإهمالها الشديد رغم أنها تعد من أكثر الوزارات استهلاكاً للموازنة بعد وزارتي الدفاع والداخلية..

من جانب آخر، نجح المواطن العراقي بتحويل الخوف السائد إلى مادة دسمة للضحك والاستهزاء، بسبب اعتياده على توقع الأسوأ، ليس بنظرة التشاؤم ولكن لما يعانيه منذ سنوات من آفات مختلفة أخلت بالتوازن الاجتماعي، ليظهر سخطه على الأداء الحكومي بطرق فكاهية مبتكرة تعبر عن أساه، حتى يمكننا القول وبنبرة حزينة ضاحكة بأن كورونا يستغيث من ضحك العراقيين عليها!

يعاني العراق منذ أكثر من عشر سنوات من حكومات مهملة مشبعة بالفساد والفتن، خرج ضدها أواخر العام المنصرم آلاف الشباب الرافض للعملية السياسية وداعميها، ولا تزال المظاهرات مستمرة رغم صعوبة الظرف الراهن، كما لا تزال الحكومة مستمرة بفسادها، كحال وزير الصحة، ففي حين لا يزال العالم يعمل جاهداً للسيطرة على المرض، تسعى دول أخرى لتصدر قائمة دخول فيروس كوفيد 19..

الوضع الراهن لا يبشر بخير، ويجب توقع الأسوأ في أزمة إن اتسعت قد تشكل تهديداً جدياً للوجود العراقي!