كورونا يزج بثلث العراقيين إلى دائرة الفقر

06 يوليو 2020
الوباء يفاقم معاناة الفقراء (حيدر الحمداني/فرانس برس)
+ الخط -

قفز وباء كورونا بنسب الفقر في العراق إلى مستويات قياسية، إذ كشفت بيانات رسمية أن الملايين من المواطنين دخلوا إلى قائمة الفقراء بعد تدهور الأوضاع المالية والمعيشية في البلاد بسبب تفشي الفيروس وتهاوي الإيرادات النفطية، ما تسبب في تعثر دفع مرتبات المتقاعدين والمشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية.
وأصبح نحو ثُلث العراقيين في دائرة الفقر رسميا، في حين أن خبراء اقتصاد أكدوا أن النسبة أكبر من ذلك بكثير وقد تصل إلى نحو 50% من إجمالي السكان.
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن "وزارة التخطيط قدمت رؤية من ثلاثة محاور لمعالجة أزمة الفقر ومنع الوصول لمرحلة الجوع، الأول يتضمن تأمين برنامج غذائي، والثاني يتمثل بالدعم المالي من خلال تقديم المنح المالية، أما المحور الثالث يتلخص بمعالجة التحديات المحتملة مستقبلياً بالقدرة على الشراء لدى الفئات الهشة والفقيرة في المجتمع".
ولفت الانتباه إلى أن "العراق يعاني مما يعاني منه العالم من تداعيات كورونا، والتغييرات المناخية التي ألقت بظلالها على عملية إنتاج الغذاء، إلا أن الوزارة وضعت خططاً مناسبة لمواجهة ذلك".
وبالرغم من انتشار الفقر في العراق إلى مستويات عالية جراء فيروس كورونا والأزمات المتراكبة، استبعد الهنداوي حدوث مجاعة في العراق كما يحدث في دول أخرى كون العراق بلدا زراعيا غنيا بالثروات، فضلا عن قدرة الحكومة على تأمين رواتب موظفي الدولة التي من شأنها تعزيز السيولة النقدية بين العراقيين وتديم عجلة الحياة.

وأضاف الهنداوي أن "الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي يمر بها العالم بشكل عام والعراق بشكل خاص بسبب انتشار جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط وتوقف الكثير من الأنشطة التجارية، أدت إلى تزايد نسبة الفقر في البلاد من 20 إلى 34%، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر من ذلك لكن بنسب محدودة".
وأوضح أن "عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر تقدر بنحو مليوني أسرة عراقية لم تتقاض أي مبالغ حكومية من الدولة، وليس لديها مصدر رزق ثابت وتضررت بشكل كبير جراء أزمة كورونا، ومتوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة ما بين 5 -6 أشخاص، ما يعني أن ما يتراوح بين 10 و12 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر في العراق".
وفي المقابل، قالت الخبيرة الاقتصادية، سلام سميسم، لـ "العربي الجديد" إن "نسبة الفقر في العراق أعلى بكثير من المعلن عنه من قبل الجهات الرسمية، وذلك كون أن البلاد تعاني من ارتفاع نسبته قبل انتشار جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط وفق معايير صندوق البنك الدولي، ما يعني أن نسبة الفقر في العراق تبلغ نحو 40% وربما تصل بمناطق إلى 50%".
وأضافت أن" التراجع الكبير الذي شهده الاقتصاد العراقي، جراء جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط وعجز مالي تجاوز 50 تريليون دينار، أثر بشكل لافت وكبير على شرائح كبيرة من السكان، تحولت فيها عائلات كثيرة إلى تحت خط الفقر، فيما تحولت الشرائح التي تعيش تحت خط الفقر إلى مستويات خطرة تصل لحد المجاعة".
وأشارت سميسم إلى أن "كثيرا من الأسر العراقية بحاجة إلى إعانات مالية ودعم غذائي لمنع حدوث كارثة إنسانية تهدد المجتمع العرقي، لذلك فإن الحكومة ملزمة بتقديم إعانات مالية حقيقية وتفعيل البطاقة التموينية من خلال توزيع المفردات الغذائية بشكل صحيح ومتكامل، منوهة إلى أنه حتى اللحظة اقتصر تقديم المعونات الاجتماعية على منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية من المدنيين، ولا دور للحكومة العراقية يذكر في ذلك.

ومن جهتها، قالت القيادية في تحالف "النصر"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، آيات المظفر في حديث مع "العربي الجديد" إن جائحة كورونا لم تكن بالحسبان ولم يتم التهيئة لمثل هكذا وباء، لذلك شكل صدمة على جميع الدول العظمى فكيف هو الحال بالدول الضعيفة؟
وأضافت أن "صمود الدول في مثل هذه الأزمات يكمن في قوة الأنظمة الصحية والوعي المجتمعي والاقتصادي وتأمين الغذاء الغذائي لضمان بقاء الطبقات الفقيرة على قيد الحياة، والعراق بكل صراحة يعاني من ضعف جميع هذه الركائز، وذلك يعود لعاملين أساسيين، الأول تراكمي والآخر حكومة عادل عبد المهدي السابقة التي كانت لديها فرصة كبيرة في وضع معالجات لهذه الملفات بعد أن استلمت البلاد بوضع مستقر وجاهز للنمو".
وعزت المظفر "سبب تدهور الوضع المعيشي والاقتصادي في العراق إلى السياسة الخاطئة للحكومات السابقة التي أدت إلى مزيد من التدهور، لذلك فإن حكومة مصطفى الكاظمي، ستكون ملزمة بوضع خطة طوارئ وعرضها على البرلمان لمناقشتها وتصويبها، لتقويض أو منع إي ارتدادات سلبية تتأثر بها الشرائح الفقيرة والحكومة العراقية بشكل عام نتيجة هذا الوباء".
وكانت عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي ندى شاكر جودت، قد حذرت في وقت سابق من وجود أكثر من 35 مليون شخص في العراق، تضررت مصادر رزقها بدرجات متفاوتة بسبب الوضع الحالي.

المساهمون