تناقصت المستلزمات الطبية والصحية اللازمة للمريض عمر الغرباوي بسبب حظر التجول الذي دخل أسبوعه الثالث في قطاع غزة، نظراً لتفشي فيروس كورونا، حتى اضطر إلى تكرار استخدام بعضها، ما قد يعرض حياته للخطر وبروز مشاكل صحية جديدة لديه.
ويعاني الغرباوي (37 عاماً) من إعاقة حركية إثر تشوهات في العمود الفقري تصاحبه منذ الولادة، ما يجعله في احتياج دائم للعلاجات والمستلزمات الطبية بشكل دائم، إلا أنّ جائحة كورونا عرقلت وصوله إلى احتياجاته أو تلقي العلاج الطبيعي في المؤسسات المعنية.
وتفرض الجهات الحكومية في غزة المحاصرة حظراً للتجول على حركة مليوني فلسطيني بسبب تفشي فيروس كورونا، وأغلقت مداخل الأحياء والمحافظات في القطاع، وبلغت آخر إحصائية لأعداد المصابين بكورونا حتى اللحظة 1269 إصابة، من بينها 1171 لا تزال نشطة، فيما توفي 9 آخرون متأثرين بالإصابة.
ويقول الغرباوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كثيراً من المستلزمات والمهمات الطبية كأكياس البول والقسطرة وأدواتها باتت غير متوفرة لدي بسبب حظر التجول، والقلق الذي يدفعني إلى عدم الخروج من بيتي، هو خشية انتقال العدوى إليّ بسبب مناعتي الضعيفة".
وتوجه الغرباوي بمناشدات كثيرة لعدد من الجهات، لتوفير هذه المستلزمات العاجلة، بحسب وصفه، إلا أنّ رسالته لم تلقَ أي استجابات من تلك الجهات.
وألقت أزمة جائحة كورونا بظلالها على حياة أكثر من 130 ألف شخص من ذوي الإعاقة في قطاع غزة، غالبيتهم يعاني من إعاقات حركية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية التي ضاعفت أعدادهم خلال السنوات الأخيرة.
وتشكو المريضة فايزة حسان (40 عاماً) حالة معيشية وظروفاً اقتصادية قاهرة تمنع عائلتها من استجلاب بعض الأدوية أو المستلزمات الطبية ما لم توفرها لها الجهات والمؤسسات التي تعنى بشؤون ذوي الإعاقة.
وتعاني حسان من تشوهات في قدميها تؤثر بحركتها وتنقلها، ما سبّب لها تقرحات في القدمين، وصلت إلى حد التهاب العظام.
وتفيد لـ"العربي الجديد" بأنّها يجب أن تأخذ علاجات ومهمة طبية يومياً، وإلا فهذا سيضاعف معاناتها ويسبب لها آلاماً شديدة، غير أنّ أزمة جائحة كورنا حرمتها الكثير من هذه المهمات والعلاجات.
وتعيش حسان وسط أسرة تعاني من أمراض متعددة، حيث إنّ والدتها كبيرة في السن وتعاني من أمراض مزمنة، ووالدها متوفٍّ، وتعاني شقيقتها من السرطان أيضاً، ما يصعب على أحدهم الخروج من المنزل لاستجلاب ما يكفيهم، سواء من علاجات وأدوية، أو حتى طعام ومواد غذائية.
وتعيش غالبية ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة ظروفاً اقتصادية صعبة، وصنّف تقرير أممي، مطلع العام الحالي - قبل حلول الجائحة - نصف سكان القطاع أنّهم فقراء، مشيراً إلى أنّ 4 أشخاص من بين كل 5 يتلقون مساعدات مالية، بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع.
في الأثناء، يشير ظريف الغرة، رئيس شبكة الأجسام الممثلة للإعاقة في قطاع غزة، إلى أنّ هناك صعوبة بالغة في إيصال المهمات والعلاجات اللازمة لذوي الإعاقة لبيوتهم بسبب جائحة كورونا.
ويضيف، في حديثه لـ"العربي الجديد" : "لدينا أكثر من 130 ألفاً من ذوي الإعاقة، أكثر من ثلثيهم بحاجة لتوافر العلاجات والمهمات الطبية، إلا أنّنا لا نستطيع أن نوفر لهم ذلك في أحسن الظروف، فكيف سيكون الحال في ظل جائحة كورونا ؟".
ويشير الغرة إلى أنّ "وزارة الصحة كانت من قبل حلول الجائحة توفر ما لا يزيد على 30% من هذه العلاجات والمهمات لذوي الاحتياجات الخاصة، والآن لا تتوافر لدينا أيضاً إلا هذه الكميات التي لا تكفي مطلقاً للإيفاء بكل متطلبات ذوي الإعاقة".
وتوجه وزارة الصحة في غزة جل اهتمامها، وتسخر كل إمكاناتها المتواضعة لمواجهة فيروس كورونا وسبل تقنين تفشيه، ما يجعل ذوي الإعاقة من الاهتمامات المتأخرة حيث ما زالت طواقم الوزارة تحاول الوصول إلى أصحاب الأمراض المزمنة والأورام من أجل توفير العلاجات والمهمات اللازمة لهم.
ويبيّن رئيس شبكة الأجسام الممثلة للإعاقة، أنّ الجهود ما زالت قائمة مع وزارة الصحة من أجل ضمّ ذوي الإعاقة إلى الناس الذين يمكن إيصال الأدوية والمهمات الطبية إلى بيوتهم خشية إصابتهم بفيروس كورونا.
ويخدم في قطاع غزة أكثر من 75 جمعية ومؤسسة تُعنى بشؤون ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة ما بين مزود للخدمة، والاستشارية، وأخرى تُعنى بالتعليم والعلاج الطبيعي والنطق.
من جهته، يقول غسان فلفل، مدير دائرة الإعاقة في وزارة التنمية الاجتماعية بغزة، إنّ ذوي الإعاقة أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، لمناعتهم الضعيفة بشكل عام، واحتياجهم للمساعدة في الحركة وغيرها من الأدوات المساعدة.
ويشير إلى أنّ "كثيراً من حالات ذوي الإعاقة تحتاج إلى ظروف خاصة وبيئة مختلفة عن الإنسان العادي لدى النزول إلى المستشفى أو العيادة"، مبيّناً أنّ أزمة جائحة كورونا تضاعف من معاناة هؤلاء الناس كثيراً، ويحتاج الأمر إلى وقفة جادة بجانبهم".
ويؤكّد فلفل أنّ وزارة التنمية الاجتماعية، كجهة راعية لهذه الفئة، "تعكف خلال الأيام المقبلة على ترتيب خطة ومنظومة تتمكن من خلالها من تخصيص مرشدي تأهيل في كل محافظات قطاع غزة من أجل استقبال شكاوى ذوي الاحتياجات الخاصة واحتياجاتهم ومتطلباتهم، ومحاولة توفيرها بالقدر المستطاع، وحلّ كثير من الإشكاليات التي تواجه ذوي الإعاقة الذين يعيشون ظروفاً صعبة في بيوتهم بسبب جائحة كورونا".