وسط أزمة كورونا المستجدة عالمياً، تبرز مشكلة كبرى. من يلازم الأطفال في البيوت عند خروج الأهل إلى أعمالهم؟ سؤال يُطرح بالتزامن مع تحذيرات من اقتراب الصغار من أجدادهم الذين يُعدّون الحلقة الأضعف اليوم.
بعدما أصاب فيروس كورونا الجديد الأجساد كما النظم الصحية في مختلف بلدان العالم، ها هو يستهدف الأنماط الثقافية. فالأمر الواقع الذي يفرضه الفيروس يتسبّب في خلخلةِ توازنها. وهذا الأمر في فرنسا كما في سواها من بلدان أوروبية وغير أوروبية طاولها الوباء العالمي الجديد. وإذا كان حرياً بإعلان إغلاق المدارس ودعوة الناس إلى ملازمة منازلهم والعمل منها مع وعود باستمرار صرف رواتبهم أن تطمئن الفرنسيين في مكان، إلا أنّها فتحت الباب في مكان آخر على قلق آخر لدى الأهل خصوصاً، ألا وهو الاضطرار إلى قضاء الأيام كاملة مع الأولاد في البيت وأداء مهام العمل في الوقت نفسه.
ومنذ الإعلان عن تلك الإجراءات في فرنسا، راح ذلك القلق يمثّل واحداً من مواضيع النقاش الأساسية حول فيروس كورونا الجديد في الصحف وعلى الإذاعات ومحطات التلفزيون. وصارت وسائل الإعلام باختلافها تستضيف خبراء يحللون ويتوقعون أو يقدّمون نصائح وحلولاً لإنجاز العمل على الرغم من الظروف المعقدة في المنزل، أو يعدّون قوائم بنشاطات يمكن القيام بها مع الأطفال لتجنّب الملل والمشاكل.
قد يبدو الأمر مبالغاً فيه بالنسبة إلى بعض الأشخاص، خصوصاً الذين يعيشون أنماطاً حياتية بعيدة عن أساليب عيش المجتمع الفرنسي. لكنّ بعض الأرقام قد تساعد في إعطاء صورة، وإن مصغّرة، عن الواقع. ففي النسخة الأخيرة (2019) من دراسته السنوية المعنونة "مفاتيح لفهم العائلة"، يشير الاتحاد الوطني للجمعيات العائلية في فرنسا إلى أنّ 80.3 في المائة من الفرنسيات اللواتي هنّ أمهات لطفلَين يتجاوز عمراهما ثلاثة أعوام، هنّ نساء عاملات، بينما ترتفع هذه النسبة لدى الآباء إلى نحو 91 في المائة. وتنخفض هذه النسبة في العائلات المؤلفة من ثلاثة أطفال يبلغون من العمر أكثر من ثلاثة أعوام، فنجد أنّ 65 في المائة من الأمهات هنّ عاملات، و85 في المائة من الآباء هم عاملون. ويبدو الرقم الأوّل الخاص بالعائلات المؤلفة من طفلَين هو الأقرب إلى الواقع، إذ إنّ معدّل عدد الأطفال في العائلة الفرنسية الواحدة يبلغ 1.8، أي طفلان تقريباً. ويقضي الآباء والأمهات العاملون جلّ نهارهم بعيدين عن أطفالهم الذين لا يخرجون من مدارسهم قبل الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر، باستثناء يوم الأربعاء الذي ينتهي الدوام المدرسي فيه عند الساعة الـ11 والنصف من قبل الظهر. وأخيراً، مع الإعلان عن وقف التعليم في البلاد "حتى إشعار آخر"، انقطع نحو 12 مليون تلميذ عن المدرسة، بالتالي توجّب على الأهل إيجاد حلول، في وقت لم تقدّم فيه الحكومة الفرنسية، حتى الآن، حلولاً لكلّ القطاعات.
اقــرأ أيضاً
من جهة أخرى، إلى جانب الحضانات والمربيات وبعض النشاطات اللاصفية، يمثّل الأجداد دعامة أساسية في ما يتعلق بالاهتمام بالأولاد عند عودتهم من المدرسة أو في العطل ونهايات الأسبوع. وبحسب دراسة أعدتها مديرية الدراسات والتقييم والإحصاء وأصدرتها في عام 2018، فإنّ سبعة أطفال فرنسيين من أصل كلّ 10 أطفال يقضون أوقاتاً أسبوعية مع أجدادهم في غياب أهلهم.
لكنّ التعليمات التي أصدرتها الحكومة الفرنسية كانت واضحة في موضوع تجنّب احتكاك الأطفال (الذين قد ينقلون الفيروس من دون أن تظهر عليهم أعراض العدوى في معظم الأحيان) بالأجداد، حفاظاً على صحة الأخيرين، باعتبارهم الأكثر هشاشة أمام خطر هذا الفيروس، وقد دعت إلى تجنّب زيارة الأشخاص الذين تخطّوا 65 عاماً ومنعت زيارات هؤلاء في مساكن المسنّين الحكومية. بالتالي هي تأتي لتنزع من يد الأهل العاملين آخر الأوراق والحلول.
ولمواجهة المشكلة التي يجدون أنفسهم أمامها، يتوجّه عدد من الأهل إلى تقديم طلبات إجازة ليُتاح لهم الاحتفاظ بأولادهم في المنزل من دون الانشغال بالعمل. يُذكر أنّه في إمكان عاملين في عدد من القطاعات الحصول على إجازات مدفوعة الأجر، تدعم الدولة شركاتهم لسدادها. أمّا الموظفون المتعاقدون والعاملون في قطاعات أكثر حساسية كالممرضين والأطباء والمشتغلين في قطاعات الأغذية والمواصلات، وهي قطاعات ليست مدعوّة إلى ملازمة المنزل، فالحلول ما زالت غائبة بالنسبة إلى كثيرين منهم، خصوصاً الذين كانوا يعتمدون على الأجداد للاعتناء بالأطفال في غيابهم.
اقــرأ أيضاً
وتبدو المعاناة على أشدّها لدى بعض هؤلاء، كما هي حال ياسمينة، وهي مدرّبة متعاقدة في ثانوية مهنية، تعيش في مدينة أميان (شمال) مع طفلَيها البالغَين من العمر أربعة أعوام وثمانية. وتشكو ياسمينة لإذاعة "فرانس إنفو" من عدم وجود عائلة أو أقرباء لها يمكنهم مساعدتها في الاحتفاظ بالأولاد ريثما تُنهي عملها. كذلك تشتكي من عدم وجود قرار حكومي، حتى الآن، يسمح لها بالحصول على إجازة مدفوعة الأجر تساعدها على البقاء في المنزل والاعتناء بالطفلَين. أمّا أود وزوجها وهما والدا طفلَين، فقد قرّر كلّ منها العمل يوماً وأخذ إجازة في اليوم التالي، ما يسمح لأحدهما بالاعتناء بصغيريهما وللآخر إنجاز عمله، كحلّ مؤقت في انتظار ما ستؤول إليه الأمور.
ومنذ الإعلان عن تلك الإجراءات في فرنسا، راح ذلك القلق يمثّل واحداً من مواضيع النقاش الأساسية حول فيروس كورونا الجديد في الصحف وعلى الإذاعات ومحطات التلفزيون. وصارت وسائل الإعلام باختلافها تستضيف خبراء يحللون ويتوقعون أو يقدّمون نصائح وحلولاً لإنجاز العمل على الرغم من الظروف المعقدة في المنزل، أو يعدّون قوائم بنشاطات يمكن القيام بها مع الأطفال لتجنّب الملل والمشاكل.
قد يبدو الأمر مبالغاً فيه بالنسبة إلى بعض الأشخاص، خصوصاً الذين يعيشون أنماطاً حياتية بعيدة عن أساليب عيش المجتمع الفرنسي. لكنّ بعض الأرقام قد تساعد في إعطاء صورة، وإن مصغّرة، عن الواقع. ففي النسخة الأخيرة (2019) من دراسته السنوية المعنونة "مفاتيح لفهم العائلة"، يشير الاتحاد الوطني للجمعيات العائلية في فرنسا إلى أنّ 80.3 في المائة من الفرنسيات اللواتي هنّ أمهات لطفلَين يتجاوز عمراهما ثلاثة أعوام، هنّ نساء عاملات، بينما ترتفع هذه النسبة لدى الآباء إلى نحو 91 في المائة. وتنخفض هذه النسبة في العائلات المؤلفة من ثلاثة أطفال يبلغون من العمر أكثر من ثلاثة أعوام، فنجد أنّ 65 في المائة من الأمهات هنّ عاملات، و85 في المائة من الآباء هم عاملون. ويبدو الرقم الأوّل الخاص بالعائلات المؤلفة من طفلَين هو الأقرب إلى الواقع، إذ إنّ معدّل عدد الأطفال في العائلة الفرنسية الواحدة يبلغ 1.8، أي طفلان تقريباً. ويقضي الآباء والأمهات العاملون جلّ نهارهم بعيدين عن أطفالهم الذين لا يخرجون من مدارسهم قبل الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر، باستثناء يوم الأربعاء الذي ينتهي الدوام المدرسي فيه عند الساعة الـ11 والنصف من قبل الظهر. وأخيراً، مع الإعلان عن وقف التعليم في البلاد "حتى إشعار آخر"، انقطع نحو 12 مليون تلميذ عن المدرسة، بالتالي توجّب على الأهل إيجاد حلول، في وقت لم تقدّم فيه الحكومة الفرنسية، حتى الآن، حلولاً لكلّ القطاعات.
من جهة أخرى، إلى جانب الحضانات والمربيات وبعض النشاطات اللاصفية، يمثّل الأجداد دعامة أساسية في ما يتعلق بالاهتمام بالأولاد عند عودتهم من المدرسة أو في العطل ونهايات الأسبوع. وبحسب دراسة أعدتها مديرية الدراسات والتقييم والإحصاء وأصدرتها في عام 2018، فإنّ سبعة أطفال فرنسيين من أصل كلّ 10 أطفال يقضون أوقاتاً أسبوعية مع أجدادهم في غياب أهلهم.
لكنّ التعليمات التي أصدرتها الحكومة الفرنسية كانت واضحة في موضوع تجنّب احتكاك الأطفال (الذين قد ينقلون الفيروس من دون أن تظهر عليهم أعراض العدوى في معظم الأحيان) بالأجداد، حفاظاً على صحة الأخيرين، باعتبارهم الأكثر هشاشة أمام خطر هذا الفيروس، وقد دعت إلى تجنّب زيارة الأشخاص الذين تخطّوا 65 عاماً ومنعت زيارات هؤلاء في مساكن المسنّين الحكومية. بالتالي هي تأتي لتنزع من يد الأهل العاملين آخر الأوراق والحلول.
ولمواجهة المشكلة التي يجدون أنفسهم أمامها، يتوجّه عدد من الأهل إلى تقديم طلبات إجازة ليُتاح لهم الاحتفاظ بأولادهم في المنزل من دون الانشغال بالعمل. يُذكر أنّه في إمكان عاملين في عدد من القطاعات الحصول على إجازات مدفوعة الأجر، تدعم الدولة شركاتهم لسدادها. أمّا الموظفون المتعاقدون والعاملون في قطاعات أكثر حساسية كالممرضين والأطباء والمشتغلين في قطاعات الأغذية والمواصلات، وهي قطاعات ليست مدعوّة إلى ملازمة المنزل، فالحلول ما زالت غائبة بالنسبة إلى كثيرين منهم، خصوصاً الذين كانوا يعتمدون على الأجداد للاعتناء بالأطفال في غيابهم.
وتبدو المعاناة على أشدّها لدى بعض هؤلاء، كما هي حال ياسمينة، وهي مدرّبة متعاقدة في ثانوية مهنية، تعيش في مدينة أميان (شمال) مع طفلَيها البالغَين من العمر أربعة أعوام وثمانية. وتشكو ياسمينة لإذاعة "فرانس إنفو" من عدم وجود عائلة أو أقرباء لها يمكنهم مساعدتها في الاحتفاظ بالأولاد ريثما تُنهي عملها. كذلك تشتكي من عدم وجود قرار حكومي، حتى الآن، يسمح لها بالحصول على إجازة مدفوعة الأجر تساعدها على البقاء في المنزل والاعتناء بالطفلَين. أمّا أود وزوجها وهما والدا طفلَين، فقد قرّر كلّ منها العمل يوماً وأخذ إجازة في اليوم التالي، ما يسمح لأحدهما بالاعتناء بصغيريهما وللآخر إنجاز عمله، كحلّ مؤقت في انتظار ما ستؤول إليه الأمور.