كوباني وقرابين الخلافات الكردية
وحدهم، قواعد ومناصرو الأحزاب الكردية، يدركون، أكثر من غيرهم، حجم التباعد والخلافات الشخصية بين الأحزاب الكردية. وبعد مضي ثلاث سنوات على مرحلة الانتقال من حكم النظام السوري المباشر إلى حكم النظام غير المباشر على كردستان سورية، لم تتغير الصورة النمطية بشيء يستحق الذكر، سوى أن حدّة الخلافات الكردية الكردية زادت وتيرتها، إلى درجة أن بعضهم بات يشتغل على تقسيم الشارع بين المجلسين، وتقسيم حصة المجلس الكردي إلى مؤيد ومعارض لسياسة المجلس الكردي، وتحميل المجلس الكردي المسؤولية المباشرة لما آلت إليه أوضاع الكرد في سورية، إضافة إلى نعته بالترهل والروتين والبطء والملل في العمل.
في هذه الأثناء، كانت هناك أحزاب كردية في المجلس تعمل كل ما في وسعها لتعطيل أي قرار يمكن أن يصدر من المجلس الكردي، من دون أن تتمكن بقية الأحزاب الكردية من الإتيان بأي فعلٍ، من شأنه إنقاذ المجلس منذ البداية، إما بسبب الخوف من الجهات داعمة تلك الأحزاب المعطلة قرار المجلس، أو لفرض أجنداتها الخاصة في مقابل الوقوف مع أحد الأحزاب في وجه القوة المعطلة، أو ترقب بعض الأحزاب الوضع، على أمل الاستفادة من صراع الأضداد والبروز على التناقضات. مع هذه اللوحة المعتمة، كان الشعب الكردي يدفع مرارة الخلافات، لتزداد وتيرة الهجرة، وتزداد معها النقمة على المجلس الكردي.
في الطرف الآخر، كان مجلس غرب كردستان يعمل كل ما يحلو له من تأسيس منظمات ومجالس وهيئات، يفرض قوانين يراها مناسبة، من دون أن يكترث بوجود شركاء له في العملية السياسية والخدمية والإدارية في كردستان سورية، إلى درجة أنه سحب بعض الأحزاب الكردية التي كانت منضوية تحت لواء المجلس الوطني الكردي. ولم يقبل بأي شكل تفعيل المكاتب التخصصية التي انبثقت عن الهيئة الكردية العليا، واستمر الحال على هذا السجال، مجلس يتصرف وفق قواعده التي رسمها وقوانينه التي يراها مناسبة، ومجلس آخر يزداد غرقاً في خلافاته ومصالح بعضهم.
وفق هذا الخطاب القائم على الإقصاء والتهميش، كانت سري كانيه، الحسكة، وقرى تربسبي تدفع ثمن التناحر الكردي، واليوم كوباني تنزف إلى حد الموت، نتيجة الإصرار على المضي في سياسة التفرد والاستحواذ على كل شيء.