كواليس المدينة: فضح الفساد في لبنان

31 مارس 2016
كارمن لبّس وعمّار شلق ( حسين بيضون)
+ الخط -
بدأ مساء أمس، الأربعاء، عرض المسلسل اللبناني المحلي "كواليس المدينة". لا يبدو العنوان مثيراً للجدل، لولا التسريبات التي بيّنت أن العمل الذي كتبته الصحافيّة اللبنانيّة، غادة عيد، وهي التي تقدّم منذ سنوات برنامج "الفساد" على محطة "الجديد" اللبنانية، سيروي بالتفاصيل قصّة أشهر مصرفٍ من مصارف لبنان الذي طاولته يد الفساد السياسي والأمني والقضائي إبان الوصاية السوريّة على لبنان. وما أنتجته تلك الحقبة من مشاكل، لا يزال لبنان وجزءٌ من الوطن العربي يُعاني منها، لاسيما وأن القضية دخلت في متاهة التحقيقات الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق، رفيق الحريري، عام 2005.

"لا يجتمع القانون مع الفساد، ولا الحب مع الخيانة، ولكن، التسويات دائماً ما تجد طريقها بين التوفيق بين هذه الصيغ المتناقضة". بهذه الصيغة تُعرِف النبذة الخاصّة بالمسلسل نفسها. طعنات غدرٍ على حساب الضعفاء والمشبوهين لصالح الفاسدين والمفسدين والجلادين. شخصيَّات كواليس المدينة، هي انعكاس لهذا الواقع المؤلم والحقيقي. وتدور أحداث العمل في صراع درامي بين الخير والشر، خارج إطار الإطلاقية النمطية، وذلك في مساحات حساسة وعلاقات وملفات شائكة، كثير منها لم يتم التطرق إليها في الدراما اللبنانية من قبل. من هنا، يدخل العمل في كواليس السلطة والنفوذ، البعيدة عن الأعين.

لا تريد كاتبة القصة، غادة عيد، الاعتراف بأن قصة "كواليس المدينة"، هي قصة المصرف نفسها، لكنها تؤكد لـ"العربي الجديد"، أن المسلسل هو مرآة حقيقية للمجتمع اللبناني في السنوات الأخيرة. وتشير إلى أنّ الإسقاطات في المسلسل حقيقية جداً، وتنقل مسار القضاء اللبناني الذي يعاني هو أيضاً من الفساد، وهذا ما تناولته لسنوات في برنامجها الأسبوعي على قناة "الجديد" نفسها. تقول عيد: "ينقل المسلسل وقائع حقيقية حصلت في صناعة الفساد المحلي، وكل الشخصيات التي يتناولها العمل سيدركها أصحابها الحقيقيون على أرض الواقع فرداً فرداً". استعانت عيد بالكاتب السوري، بلال شحادات، الذي كتب السيناريو بطريقة تتماشى مع أحداث القصة والوقائع الخاصة، وأيَّدت كل التفاصيل التي أشرف عليها المخرج السوري، أسامة شهاب الحمد. المنتج المُنفذ للمسلسل، عماد جمعة، وهو صهر مالك قناة "الجديد"، تحسين خياط، قال لـ"العربي الجديد"، إنه يعوّل كثيراً على الدراما اللبنانية من خلال "كواليس المدينة"، وهو يريد الدخول بهذا الإنتاج إلى كافة الدول العربية والأوروبية وحتى أفغانستان، ويؤكّد أن أعماله كصاحب شركة إنتاج GROUP j، وصلت إلى أفغانستان وكردستان، وأمنيته أن يوصل الدراما اللبنانية المحلية إلى هناك أيضاً. 


لا يخشى جمعة من التبعات القضائيّة والأمنية والسياسية اللاحقة لعمليّة الإسقاط الواقعي، الذي بُنيت عليه أحداث مسلسل "كواليس المدينة"، يقول: "لقد منحنا الأمن العام اللبناني رخصة للتصوير، وتواجدنا في أكثر من مائتي موقع تصوير، ثم جاءت الموافقة من قبل الإدارة العامة للأمن العام ممثلة في المدير العام، اللواء عباس إبراهيم، ونحن لا نخاف من أحد". ويصعّد جمعة في الكلام قائلاً: "وأقول للمنتظرين، أو للذين سيستفزهم العمل "ما تجربونا". وحول معنى كلمة "لا تجربونا"، يضيف جمعة: "إن كانت المواجهة قضائية، فنحن جاهزون للمواجهة القضائيّة، ولا أتمنى بالطبع الدخول في مثل هذه المعارك، لكن يجب التنبّه والحذر والتحضير، لأي "شوشرة" قد تأتينا بعد بداية عرض المسلسل".

يكمل جُمعة: "نحن عملنا بجد، وبرؤية فنية درامية تتناسب مع واقعنا، بعيداً عن أي رغبة في إثارة قلاقل وحساسيات ضيقة. المسلسل كما تحدثت كاتبته، غادة عيد، يتناول قضية الفساد الذي نعانيه جميعاً في الوطن العربي، ومن خلاله سنكون على تماس مع الناس في رؤية معاصرة، أشرف عليها المُخرج، أسامة الحمد". يستعين جُمعة بمحامية قناة "الجديد"، مايا حبلي، التي شاركت في المؤتمر الصحافي كمُشرفة قانونية على المسلسل الذي يبلغ ثلاثين حلقة، وسيعرض 4 مرات في الأسبوع.

وتشير الممثلة، كارمن لبّس، عن مشاركتها في المسلسل، بأنها لم تتردد في الموافقة على العمل. وقالت لبّس "نحن كلبنانيين متورطون في هويتنا أولاً، فالفساد يحيطنا من جميع الجهات. هناك أفعال ومواقف وقضايا من المعيب أن تبقى في الخفاء بالطريقة التي تحصل، ثمة معطيات إيجابية سينقلها العمل الدرامي في إطار من التشويق، والحسّ الأقرب إلى الحقيقة دون مواربة". أما الممثلة ميرفا القاضي، فهي التي استطاعت إثبات، ولو بطريقة غير مباشرة، أن المسلسل يصل إلى حدود قضية إفلاس "بنك المدينة". قالت ميرفا القاضي لـ"العربي الجديد": "كل ما سمعتموه عن المسلسل صحيح". وقال الممثل، عمار شلّق: "لا أعتبر أن الإضاءة على مسألة الفساد في المجتمع ورطة. على العكس من ذلك، هذا العمل يمس كل شخصٍ يجد أنه ناجح وماهر في الفساد، ويستطيع أن ينجو بنفسه. لا أوافق على أن الممثلين تورطوا في هذا العمل بناء على خوفهم من تداعيات أحداث المسلسل، لأننا كلنا كممثلين ضد الفساد، وعلينا أن نتحمل مسؤولية آرائنا". وتوافِقُه الرأي الممثّلة سارة أبي كنعان، التي عانت وفق كلامها من الفساد المُستحكِم في لبنان، لذلك، كانت أوَّل من تقدَّم بالشكر والامتنان لكاتبة القصة، غادة عيد، لشعورها بظلم الفساد.


الممثل مجدي مشموشي، قال: "الفساد قابض على صدورنا كلبنانيين، ولا يقتصر على قضيَّة النفايات المنتشرة في الشوارع، بل يتعدَّى ذلك إلى كواليس خفيّة، منها على سبيل المثال، تلاقي مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب تحت الأرض، والمسلسل سوف يعالج هذه القضية الاجتماعيّة الحسّاسة، بأسلوب درامي وفني".

يتقاسم دور البطولة في المسلسل كل من: كارمن لبّس، وعمار شلق، سارة أي كنعان، وميرفا القاضي، وطلال الجردي، وخالد السيد، ومجدي مشموشي.
المساهمون