تعيش المدن اليمنية معظم ساعات أيامها بلا كهرباء. وبعض مناطق العاصمة صنعاء لا تغذّى بالتيار الكهربائي أكثر من ساعة واحدة طوال اليوم، الأمر الذي يخلّف مشكلات كثيرة للسكان، ومنها عزلهم عن العالم الخارجي.
انقطاع الكهرباء المتكرر يعود إلى أجواء الحرب التي تشهدها البلاد، إلا أن ذلك لا يمنع اليمنيّين من التأفف بغضب من تداعيات هذا الانقطاع على حياتهم اليومية.
بالنسبة إلى أسامة الذيب، فإن مقهى الإنترنت الذي يملكه هو مصدر دخله الوحيد وهو ما يؤمّن لقمة العيش لأسرته المكوّنة من أربعة أفراد. لكنه متوقّف عن العمل حالياً، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي. ويشير الذيب إلى أن "عدداً كبيراً من أجهزة الكمبيوتر أصيب بالتلف، بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر والمفاجئ"، مضيفاً أنه ينوي البحث عن فرصة عمل في الخارج. فمقهى الإنترنت لم يعد مجدياً، وفرص العمل معدومة في اليمن.
أصحاب محلات بيع المواد الغذائية بالتجزئة يعانون كذلك. فانقطاع التيار المتكرر تسبّب في تلف السلع التي يحفظونها في الثلاجات. يقول خلدون اليوسفي، وهو صاحب بقالة، إنه لا يشتري السلع التي تُخزّن في الثلاجات بكميات كبيرة؛ لأنها تتعرّض للتلف. فهو سبق وتكبد خسائر مالية كبيرة في خلال الأيام الماضية. ويقول: "خسارتي تهون أمام كارثة تجار اللحوم والخضار الذين يملكون ثلاجات مركزية كبيرة".
إلى ذلك، ينتظر سكان المنازل عودة التيار الكهربائي كل يوم على أحرّ من الجمر، ويحرصون على استغلال كل دقيقة. فبمجرّد عودة التيار، يتسابقون على شحن أدواتهم الكهربائية وهواتفهم، وتشغيل مضخات المياه، بالإضافة إلى متابعة مستجدات الأحداث في اليمن عبر القنوات الفضائية. وهو ما تؤكده سلوى محمد التي تخبر أنها لم تعد تشتري الخضار والأجبان والحليب بكميات كبيرة حتى لا تتلف.
وتخبر سلوى أن الانقطاع المتكرر للكهرباء يمنعها من مشاهدة برامجها التلفزيونية المفضلة عند العصر وبعد العشاء، لكنها تشير ساخرة إلى بديل وهو أصوات الانفجارات وأزيز الرصاص.
من جهة أخرى، أدت الأعمال العسكرية في محافظة عدن (جنوب) إلى إتلاف بعض محطات توليد الكهرباء في مدينة عدن، فانقطعت الكهرباء بشكل تام عن منطقة كريتر ومناطق مجاورة.
ويصف مواطنون انقطاع الكهرباء هذه الأيام بالكارثة. فيقول خليل سالم: "تنقطع الكهرباء لفترات طويلة، وهو ما يفاقم مشكلات أبناء عدن. فالحرّ قاتل والكهرباء ضرورة من ضرورات الحياة هنا". يضيف: "الحر والحرب يفتكان بأهالي عدن".
ويلجأ عدد كبير من اليمنيين إلى شراء المولدات الكهربائية التي تعمل على الوقود. لكن هذه المولدات بلا فائدة عندما تنعدم المحروقات من الأسواق اليمنية، الأمر الذي يدفع عددا كبيرا من اليمنيين، خصوصاً أصحاب الدخل المرتفع والمتوسط، إلى شراء بطاريات تخزين طاقة توفّر الكهرباء عند الانقطاع لساعات.
يسري عبدالخالق من هؤلاء، يشير إلى أنه أنفق مبلغاً كبيراً في مقابل شراء البطاريات لتيسير أعماله. يقول: "هذا النوع من البطاريات لا ينفع للأعمال التي تستهلك كهرباء بشكل كبير. فهي لا تصمد لساعات طويلة. هي مناسبة فقط للمنازل". كانت أسعار هذه البطاريات قد بدأت ترتفع منذ أقبل اليمنيّون على شرائها بشكل كبير، مع تزايد فترات انقطاع الكهرباء. وقد تصل إلى 200 ألف ريال يمني (930 دولاراً أميركياً).
وتعزو وزارة الكهرباء والطاقة في اليمن أسباب الانقطاع المتكرر للطاقة الكهربائية، إلى الاعتداءات التخريبية المتكررة التي تطال خطوط النقل التي تمتد من محافظة مأرب النفطية شرق اليمن إلى عدد من المدن. لكن أهالي محافظة مأرب ينفون علاقتهم بأي انقطاع للتيار، مؤكدين أن الأمر يعود إلى مشكلات فنية.
يُزوَّد 41% فقط من سكان اليمن بالتيار الكهربائي، في حين يعاني 77% من سكان الريف من انعدام خدمات شبكة الكهرباء. كذلك يتسبب الانقطاع المتكرر في الكهرباء في تراجع حجم الإنتاج الاقتصادي والتنموي والاستثماري. ويصل معدّل نصيب الفرد اليمني من الكهرباء إلى 202 كيلوواط ساعي، وهو يعتبر من أدنى المعدلات بالمقارنة مع عديد من الدول العربيّة التي تعاني من اقتصادٍ متدنٍّ.