كل منهما في وادٍ؟

09 ديسمبر 2016
يتظاهرن رفضاً للعنف (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
يُلحظ ارتفاع في نسبة العنف ضد النساء والفتيات في لبنان وبلدان أخرى في المنطقة العربية بشكل ملحوظ في السنوات العشر الأخيرة مقارنة بالسابق، واتخاذها أشكالاً أكثر حدة وعنفاً بحق النساء ـــ الضحايا أو الناجيات.

لماذا يعنّف الرجالُ النساء؟ ولماذا ارتفعت نسبته وحدّته؟ سؤال تصعب الإجابة عليه لتعدد أشكاله ولتعدد دوافع ممارسته من قبل الرجال. قد تكون أحد أبرز الأسباب الجذرية التي يمكن أن تفسّر ظاهرة العنف لا سيما المنزلي منه هو التباين في إدراك كل من النساء والرجال لمكانة ودور كل منهما.

منذ تسعينيات القرن الماضي، بدأت النساء المعنّفات أو ضحايا العنف بمسار التثقيف القانوني والوعي الاجتماعي لحقوقهن ومكانتهن، وهو مسار أخذ أكثر من عشرين عاماً ليتبلور ويُترجم على مستوى إدراك النساء لحقوقهن ووعيهن ما تُرجم لاحقاً في سلوكياتهن وعلاقاتهن الأسرية منها والاجتماعية. جاء ذلك بالتوازي مع دخول النساء إلى سوق العمل. وهو أمر ليس تفصيلاً. لم تحصّل النساء حقوقاً متوازية في سوق العمل، لكنها كانت خطوة إضافية تجاه تمكينهن اجتماعياً وأسرياً. كما ساهمت الحركات الاجتماعية والنسوية والحقوقية إلى ازدياد في الوعي العام والخاص حول الحقوق لا سيما لدى النساء.

أما الرجال، فما زالوا في إدراكهم محصورين في ذلك الزمن الذي كانوا فيه "المسؤولين المطلقين" في الأسر، والمرجعية المطلقة في العلاقات مع النساء والأطفال. ما زالوا بمعظمهم يعتقدون أن النساء يجب أن يقدّمن ولاءً مطلقاً لهن. هذا التباين في الإدراك وما حصل عنه من سلوكيات وتصرفات، آلت فيما آلت إليه إلى تغيّر في ديموغرافيا الأسر من حيث ارتفاع نسب الطلاق، وإلى ارتفاع نسبة العنف. في العراق مثلاً، أشارت إحدى المنظمات النسائية إلى أنه من بين 4 زواجات، ثمة 3 حالات طلاق.

ينبع العنف الأسري أو المنزلي هنا إذاً من منبعين: أولاً من عدم قدرة الرجال على فهم أو مواكبة ما جرى من تغيرات اجتماعية وثقافية وكيف تُرجمت في الوعي والسلوك لدى النساء، وثانياً من استغلالهم الحظوة أو الامتياز الذكوري الذي لا يزال قائماً برعاية أبوية وذكورية المؤسسات.

هذا الاستنتاج ليس تعميماً، بل هو ربما يشكل مدخلاً لدراسة اجتماعية حول تغير أحوال وديناميات الأسر، وكيف تفضي هذه التحولات في أحد أسبابها إلى ارتفاع في نسبة العنف المنزلي.

"لماذا ضربت زوجتك؟ لأنها كانت تتكلم على "واتس آب" ليلاً. لا بد أنها تتحدث مع شاب أو رجل آخر. وأشار آخر: "لأنها لم تحضّر وجبة الطعام بعد عملها ولم تتعاطَ معي باحترام". وردت الإجابتان في دراسة أجرتها منظمة "أبعاد" لمعرفة وجهة نظرهم فيما خص العنف الأسري. هل يمكن أن تكون هذه أدلة على أن الرجال في واد والنساء صرن في واد آخر؟

المساهمون