كثرة القتلى ترفع أسعار القبور في سورية

16 أكتوبر 2015
أسعار بعض المقابر تتجاوز مليون ليرة (أرشيف/Getty)
+ الخط -



نشطت، مع زيادة أعداد القتلى يومياً، تجارة الموت في سورية، حيث نالت مستلزماته من أقمشة الكفن وثمن القبر وأجور صالات العزاء، من ارتفاع الأسعار، ما طرأ على أسعار وإيجار المنازل ووسائط النقل والسلع الاستهلاكية اليومية، وربما بالنسبة نفسها التي تتراوح بين 10و12 ضعفا في السنوات الخمس الأخيرة.
 
تكاليف قبل الدفن

يقول محسن الدالي من حي "دمر" في دمشق: "ارتفع سعر متر قماش الكفن بأكثر من 10 أضعاف عما كان عليه قبل الثورة، وبلغ ثمن ما يحتاجه الميت أكثر من 4 آلاف ليرة اليوم، فضلاً عن تكاليف حفر القبر التي لا تقل عن 4 آلاف ليرة وأجرة غسل الميت نحو 3 آلاف ليرة وأجور نقل الميت وبعض أهله ومرافقيه ومستلزمات القبر من إسمنت وبلوك ورمل، تلك مواد بات سعرها خيالياً".

وتختلف تكاليف المقابر من منطقة لأخرى في مدينة دمشق نفسها، والتي تجمع نحو 30 منطقة مقابر موزعة بين الأحياء الفقيرة والغنية، إذ ترتفع تكلفة القبر في الأحياء الراقية مثل "الباب الصغير" أو "الدحداح " وسط دمشق، عن نظيره في منطقة فقيرة كحي "دمر"، وفق الدالي.
 
لكن الحال مختلف بالنسبة للمناطق المحررة، فمعظم من يموت هذه الأيام، وفق ما يقول حسين الآغا، العامل بالشأن الإغاثي في "سرمين" بريف إدلب، حيث يُدفن المقاتلون بملابسهم كـ "شهداء"، وعادة ما يتم حفر القبور بمساعدة "شباب الفصائل المقاتلة".

أما إن كان المتوفى مدنياً، فالتكاليف ترتفع كثيرا، فسعر الكفن يبلغ نحو 3 آلاف ليرة وتكاليف حفر القبر تقريبا ألف ليرة وثمن مواد البناء التي تُستخدم في بناء المقبرة تتجاوز 4 آلاف ليرة، هذا ما يؤكد عليه الآغا، في تصريحاته لـ "العربي الجديد".

ويقول أحمد (طلب عدم ذكر اسمه كاملا)، من حي "كفرسوسة" في دمشق: "ليس من سعر محدد للقبر بمدينة دمشق، لأن العملية تتم بشكل اتفاق شخصي بعيداً عن الدور الرسمي الحكومي، كما يختلف السعر حسب نوع القبر وموقع المقبرة واضطرار أهل المتوفى إن كانوا على عجالة".

ويرى أحمد، العامل السابق بمحافظة دمشق، أن تجارة القبور تتم بعلم الجهات المسؤولة، التي لا تعير اهتماماً ولا تلاحق مستغلي أهل الميت، "لأن السعر وفق المحافظة لا يتجاوز 20 ألف ليرة، فيما لا تقل أسعار المقبرة الواحدة حاليا عن 400 ألف ليرة في مناطق دمر وقدسيا والميدان، وتصل لأكثر من مليون ليرة بوسط دمشق كمقبرة الدحداح بشارع العابد."

اقرأ أيضاً: ارتفاع الأسعار في سورية 10% خلال أسبوع

والحال ذاته ينسحب على مدينة حلب (العاصمة الاقتصادية) المنقسمة إلى شطرين، الأول تحت سيطرة النظام والثاني يتبع للمعارضة. ويقول حسن جوكانة من حي "الكلاسة" في حلب: "ارتفع سعر القبر لنحو 800 ألف ليرة في مناطق سيطرة النظام، لعدم قدرة أهل المتوفى على إخراجه إلى الريف أو إلى مناطق سيطرة المعارضة".

ويروي الناشط جوكانة كيف شابت تجارة الموت سمسرات واحتيال حفاري القبور المتعاقدين مع مكتب دفن الموتى (حكومي)، بالتعاون مع موظفين في المكتب، يقومون بإنشاء قبور بدون قيود أو سجلات، أو يستولون على القديم منها ويعيدون بناءها، لتباع بالسوق السوداء عن طريق سماسرة ومروجين بأسعار تزيد عن 500 ألف ليرة سورية.

وحول أسباب ارتفاع أسعار القبور ونشاط هذه "التجارة" يضيف الناشط الحلبي: "أن عدد الموتى في زيادة وأحياناً يزيد عن 20 شخصاً يومياً بسبب القصف، مما أدى إلى اكتظاظ المقابر وعدم إمكانية التوسع".

الرد الرسمي

ويقول عضو المكتب التنفيذي لقطاع التخطيط والموازنة في "محافظة دمشق"، فيصل سرور: "القانون يمنع بشكل كامل بيع القبور، لكن المواطنين يبيعونها بين بعضهم بعضاً خارج إطار المحكمة، ثم يقومون بالتنازل عن القبر، بحجة أنه تنازل دون مبلغ مادي، لكن في الواقع يكونون قد اتفقوا مسبقاً على عملية البيع والسعر خارج إطار المحكمة".

وأضاف سرور، خلال تصريحات صحافية، أن المواطنين يتوجهون إلى المحافظة، ومعهم حكم قضائي بالقبر، لذلك لا تستطيع المحافظة التدخل، ومنع عملية نقل القبر، بسبب وجود هذا الحكم، مبيّناً أن معالجة هذه الظاهرة، تتم عبر تعميم يرسل من وزير العدل إلى المحاكم، برفض منح المواطنين حكماً قضائيّاً، لملكية القبور.

بدوره، أكد مدير مكتب الدفن في دمشق، حسام النقطة، أن ثمة قبوراً برسوم رمزية، تتبع لصندوق مقابر المسلمين، وبإمكان أي مواطن التقدم إليها، وفي حال تم الحصول على موافقة المحافظ، يسدد مبلغ 5000 ليرة رسم تخصيص، و12500 ليرة بدل حفر وعمار القبر، وفي حال مخالفة الحفار يتدخل مكتب الدفن ويعالج الموضوع مع الحفار.

(الدولار الأميركي يساوي نحو 300 ليرة سورية)


اقرأ أيضاً: اللجوء إلى أوروبا يرفع أسعار الجوازات السورية

المساهمون