كتّاب سعوديون: العلاقات مع مصر متأزّمة

01 ديسمبر 2015
شنّ الإعلام المصري هجمات على السعودية (Getty)
+ الخط -
منذ فترة ليست بالقصيرة، يتم الحديث عن إشكاليات سياسية سعودية – مصرية، مدفونة تحت السطح، يستدل عليها من خلال مؤشرات عدة. أبرزها عدم اتخاذ مصر، أي خطوات إيجابية تجاه الخليج في ما يتعلق بجهودها في سورية، أو مواجهتها في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، الأمر الذي توليه دول الخليج أولوية كبرى. بل على العكس، دائمًا ما كانت السلطات المصرية تقوم بإرسال رسائل إيجابية تجاه بشار الأسد وإيران، وهو النقيض للموقف السعودي – الخليجي.
حتى مشاركة مصر في التحالف العربي في اليمن تكاد تكون شكلية، فلم تساهم مصر بشكل فاعل بجنود على الأرض، على عكس دول خليجية وعربية أخرى، كما أنها لم تشارك بالضربات الجوية.

هذه المؤشرات "شبه الصامتة" قابلها صراخ وضجيج في الجانب الإعلامي المصري، المحسوب بطبيعة الحال على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال هجوم مباشر وعنيف على السعودية، مما أوصل الأوضاع إلى نقاط غير مسبوقة من التوتر، منذ انقلاب 30 يونيو.

نواف عبيد، وهو كاتب وأكاديمي سعودي مقرب من أصحاب القرار، وعمل لفترة مستشاراً في الديوان الملكي، ومستشاراً للسفير السعودي في لندن، شنّ منذ يومين هجومًا صريحًا وواضحًا ضد النظام المصري، وعبد الفتاح السيسي شخصيًا، في خطوة غير مسبوقة، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، استناداً إلى تصريحات دبلوماسي سعودي.

وكتب عبيد في عبر صفحته في تويتر، نقلاً عن دبلوماسي سعودي لم يسمِّه: "السعودية تدرس
 بجدية إعادة تقييم علاقاتها مع حكومة السيسي في مصر، بعد الكشف عن أنباء مروعة أخيرًا تخص السيسي". وأضاف: "دبلوماسي سعودي: الوضع الاقتصادي في مصر لا يمكن للبلد الاستمرار فيه وسياسة السيسي الخارجية اللا معقولة ستجبر السعودية على اتخاذ مجرى آخر معه".

هنا يتوقف نقل عبيد عن الدبلوماسي السعودي، ويضيف عبر حسابه: "أوهام السيسي وزمرته المتكئة على أمجاد تاريخية سابقة لا صلة لها بالواقع المصري اليوم ستنقلب عليهم عاجلا إلى كوميدية ساخرة". وينسب عبيد إلى "لواء سابق في الجيش المصري" قوله: "إن لم ينتبِه السيسي عاجلاً لما سيؤول إليه الوضع في مصر ويتخلص من مستشاريه غير المؤهلين، سيلقى مصير مبارك قريباً".

ويلخص عبيد رأيه الشخصي في العلاقات السعودية - المصرية بقوله: "في رأيي لن تكون مصر تحت قيادة السيسي الحالية حليفا أو شريكا أوصديقا للسعودية أو دول الخليج".
من ناحيته، الكاتب والإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، دائما ما يثير الكثير من الجدل بسبب موقفه من النظام المصري من جهة، ومن تركيا، من جهة أخرى. فهو يعتبر من أبرز الداعين إلى تحالف سعودي – تركي لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. ومن البديهي، أن يصطدم صاحب هذه الرؤية، بشكل مباشر، مع نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، نظرا للخصومة الكبيرة والتناقض بين مصر وتركيا.

دأب الإعلام المصري على شن هجماته على خاشقجي، إثر أي انتقاد يوجهه إلى السيسي، أو أي تصريح حول التقارب مع تركيا، ويتعامل الإعلام المصري مع خاشقجي وكأنه متحدث باسم الحكومة السعودية، على الرغم من عدم تمتعه بأي صفة رسمية.

أبرز تعليقات جمال خاشقجي على الوضع في مصر، يمكن تلخيصه في أمرين: الإقرار في وجود أزمة في مصر، ولكن "أصدقاء مصر" لم يقروا بها بعد. والأمر الآخر، أهمية رفع
الحصانة عن مصر إعلاميا في الخليج.

يرى خاشقجي، بحسب ما قال في محاضرة ألقاها على هامش المعرض العربي للكتاب في إسطنبول، نوفمبر/تشرين الثاني، إن هناك أزمة كبيرة في مصر، لا يريد حلفاؤها في الخليج الاعتراف بها. ويعتبر أن هذه الأزمة ستؤدي إلى أمرين: عودة الشباب المصري إلى الميادين، ما سيكلف الكثير من الدماء، ونزوع بعضهم إلى التطرف، للالتحاق بداعش وتنظيمات على شاكلته. يطرح خاشقجي هذين الأمرين بشيء من الحتمية، ومن أجل تجنب هذا المصير، يقول: "على أصدقاء مصر أن يتحاوروا مع أصدقائهم الحاليين في مصر لإيجاد حل".

أما رفع الحصانة عن مصر في الإعلام، فجاءت في مقالة لخاشقجي في صحيفة الحياة اللندنية، حملت عنوان "أنجوا بمصر" في 7 نوفمبر/تشرين الثاني. يقول خاشقجي في مقدمة المقال: "من المحبة لمصر والحرص عليها إزالة ذلك الحظر المتوهم من تناول ما يجري فيها من الإعلام العربي الوحيد المؤثر، وأعني به السعودي أو المدعوم من السعودية".

يقرأ خاشقجي ضعف الإقبال على الانتخابات البرلمانية المصرية الأخيرة، بقوله: "جاء العزوف الهائل للمصريين في الانتخابات البرلمانية إشارة صريحة إلى أن ثمة خطأ ما هناك، إنه ليس إلا صيحة احتجاجية صامتة، ليست ثورة، ولا اعتصام ميادين".

وتتصاعد حدة خاشقجي في المقال، إذ يرى أن مصر ليست على توافق مع السعودية في سورية، ويضع تساؤله مستنكرا: "لماذا يؤيدون (النظام المصري) بقاء بشار الأسد ومعه
الغارات الروسية؟ لماذا لا يرون خطر خروج بشار منتصراً بأسنة حراب الإيرانيين، وهو ما يعني هيمنة إيرانية على سورية، الإقليم الشمالي لمصر؟".

أما الكاتب والأكاديمي السعودي، خالد الدخيل، فحلّل العلاقات السعودية – المصرية في مقاله يوم الأحد 29 نوفمبر/تشرين الثاني في صحيفة الحياة اللندنية كذلك، تحت عنوان "السعودية ومصر: مصالح مشتركة وسياسات رمادية". ويرى الدخيل أنّ هناك غموضاً في العلاقات السعودية – المصرية، ويحمّل الدخيل الحكومة المصرية مسؤوليّة هذا الغموض. يكتب الدخيل: "مصر هي السبب. هي من يريد للعلاقة مع السعودية أن تبقى غامضة، قابلة لأن تتسع للموقف ونقيضه. ومرد ذلك إلى دور افتقدته مصر وتحلم باستعادته، لكنها لا تجد إلى ذلك سبيلاً".

ويضيف: "تريد مصر المساعدات المالية السعودية والخليجية، لكنها لا تريد أن يكون لهذا ثمن عليها أن تدفعه ضمن معادلة المصالح العربية المتبادلة، ليس للسعودية ولا لدول الخليج العربي، وإنما لمتطلبات هذه المصالح المشتركة".

ويرى الدكتور الدخيل أن أبرز نقطتين ضمن هذه المصالح المشتركة، والتي تتجاهلها حكومة السيسي، تتلخص في الموقف من سورية، والدفع باتجاه رحيل بشار الأسد. والنقطة الأخرى، مواجهة السياسات الإيرانية في المنطقة، والتي يلخصها الدخيل بأنها تقوم على "نشر فكرة الميليشيا على أساس طائفي كمنافس للدولة في العالم العربي بشعار مزيف اسمه المقاومة".


اقرأ أيضاً: بوادر مناوشات إعلامية مصرية - سعودية
المساهمون