عبرت كتلة نداء تونس، في أكثر من مناسبة، على رفضها عودة الإرهابيين من بؤر التوتر بأكثر من شكل، بيد أن الاحتجاج أخذ نسقاً تصاعدياً في رد على التصريحات الأخيرة لزعيم حزب النهضة راشد الغنوشي حول الموضوع. ورأت كتلة النداء أنه من العاجل أن يتم تقديم مبادرة تشريعية حول منع عودة الإرهابيين إلى البلاد.
وفي إطار رد الفعل على ما أشيع عن وجود مبادرة لتمرير قانون حول "توبة الإرهابيين"، رفعت كتلة نداء تونس خلال الجلسة العامة المخصصة للتصويت على مشروع قانون المالية التكميلي، أمس الثلاثاء، لافتات احتوت شعارات رافضة لعودة الإرهابيين أو تمرير مشروع "التوبة".
وعلى الرغم من أن قانون التوبة المذكور ومسألة عودة المقاتلين التونسيين في تنظيمات متطرفة، سبق وأن تعرض له رئيس البلاد، الباجي قائد السبسي، في تصريحاته، ولم تواجه بردة فعل من نواب الحزب الذي أسسه وترأسه نداء تونس آنذاك، فإن التصريحات الأخيرة لزعيم النهضة راشد الغنوشي التي شبه فيها الإرهابيين بـ"اللحم الفاسد الذي على أصحابه التكفل به" (وهو مثل شعبي تونسي يحيل إلى أن الشخص إذا فسد حاله على أهله وذويه التكفل به) أثارت حفيظة نواب النداء الذين عقدوا اجتماعاً خصص لتباحث المسألة والخروج بحلول تلزم الحكومة بعدم الخضوع لإرادة الخصوم الحلفاء في النهضة المتعلقة باستقبال الإرهابيين.
وفي بلاغ صدر إثر الاجتماع النيابي أمس، قالت كتلة نداء تونس، إنه تم التداول بشأن ملف عودة مجموعة من الإرهابيين من بؤر التوتر إلى التراب التونسي في ظروف يشوبها الغموض وغياب المعلومة، فيما يتعلق بعددهم وطرق عودتهم، وأعلنت الكتلة "رفضها القطعي عودة هذه المجموعات الإجرامية والإرهابية التي تلطخت أيادي عناصرها بدماء الأبرياء وأعلنت ولاءها وانتماءها لتنظيمات إرهابية ولرايات أخرى غير الراية الوطنية" ودعت "إلى تكثيف الجهود
الدبلوماسية باتجاه ضمان محاكمتهم في البلدان التي ارتكبت فيها جرائمهم وتشديد الرقابة على التراب الوطني وحمايته من عمليات التسلل اللاشرعية وإحكام التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية لكشف وتفكيك شبكات تسفير الإرهابيين وتتبع ومقاضاة المشرفين عليها"
فيما كشفت الكتلة اعتزامها تشكيل لجنة قانونية لإعداد مقاربة تشريعية تعزز مجهود مجابهة مخاطر عودة الإرهابيين من بؤر التوتر.
وصرحت النائب عن الكتلة، صابرين قوبنطيني، لـ"العربي الجديد" في هذا الصدد، أن العائدين من بؤر التوتر ومن بينهم من حمل السلاح وقتل أبرياء في دول أخرى، أو من انضم ولم يقاتل وهما فئتان بذات الخطورة على البلاد في حال عودتهما. مضيفة أن الكتلة ترى أنه من المرفوض تماماً الحديث عن توبة أو مصالحة مع هؤلاء، مشيرة إلى أن قبول عودتهم للبلاد هي ضربة موجعة أخرى لتونس، التي أجرموا بشكل كبير في حقها، على حد تعبيرها.
وأضافت النائب عن نداء تونس، أن المحاسبة تشمل من سفّر ومن استقطب ومن درّب ومن دبّر عودتهم، وأن الحديث عن توبة يعد تهديداً تاماً للتونسيين وخرقاً لقانون الإرهاب، مبرزة أن كتلة النداء ستشكل لجنة قانونية تضم في صفوفها نواباً وخبراء في القانون والأمن والجيوسياسة من أجل الخروج بمبادرة قادرة على حل الأزمة التي ستداهم تونس بمجرد انتهاء الحرب في بؤر التوتر وعودة هؤلاء للنشاط في تونس.