05 سبتمبر 2019
كتاب التاريخ بين الماضي والحاضر
آزاد عنز (سورية)
تاريخٌ لُفّق على عجل بعد نفض التراب عنه، ليَبدو أكثر جاذبية ثم تم إكساؤه بين دفتي الكتاب لغزو العقول واحتلالها، وحاضرٌ شُوّه على عجل أيضاً، وأُلحِق بكتاب التاريخ المُلفق أصلاً كملحق ثقافي، بعد تزيينه وتحسين شكله الخارجي بأدوات ومستحضرات تجميل، كالتي يستعملها خبراء التجميل لإخفاء الحقائق المطلقة، فتصبح متوارية عن الأنظار وراء كم هائل من الصِباغ.
تاريخٌ يدوّنه المنتصر على مقاساته، لا على مقاسات الصواب، فيحرّر ما يشاء في مؤلفات ومجلدات من دون رقابة أو حساب، بل ويغيّر المصائر ويبدّلها، فيرى هزائمه في مرآته انتصارات، ويرى انتصارات غيره في مرآته هزائم، وبعدها يقوم فقهاء اللحن بتلحين انتصاراته، وعزفها على مقاساته، لا على مقاسات المدرج الموسيقي، فيغني له الشعب طرباً، وكيف لمهزومٍ أن يدوّن التاريخ، وهو مجرّدٌ تماماً من أدوات الكتابة ومقيّد اليدين، تماماً كما فعل الشيوعي، جوزيف ستالين، الذي صرخ نيابة عن ماركس وأنجلز، وردّد شعارهما الشهير "يا عمال العالم اتحدوا"، وما أن تظلّل العمال تحت ظلّ هذا الشعار، لم يتردّد ستالين أبداً في التسلّق على ظهر العمال الكادحين، إلى أن وصل إلى هرم السلطة، فالشيوعية لم تورّث للعالم إلّا حكاماً طغاة وشعوباً تُعساء وعمالاً شبعوا القهر والخضوع وأطناناً من الوعود الجميلة.
لم يتردد جوزيف ستالين المنتصر في الحرب على خصمه زعيم النازية، أدولف هتلر، لم يتردد في إهانة المهزوم في ساحة ستالينغراد، فأصبح هتلر في نظر العالم وضيعاً، حقيراً، سافلاً ومجرماً، على الرغم من أن ستالين أو ونستون تشرشل لم يكونا أقل إجراماً من هتلر. ولحسن حظهما فقد انتصرا في الحرب الطاحنة التي قذفت البشرية إلى الهلاك، وهُزم هتلر، الحرب التي لم تبخل على العالم برمته بالدمار والخراب. ولكن ماذا نتكلم عن روزفلت وهاري ترومان اللذين تقاسما الإجرام مناصفة، فلم يبخل ترومان على اليابان في إهدائها قنبلتين نوويتين دفعة واحدة، فقد كان قائداً كريماً بطبعه، قنبلتان لا غير كانتا كافيتين لتشويه هيروشيما وناغازاكي من أقصاهما إلى أقصاهما، بل وتسرّب التشوّه إلى نطاف رجالهم وأرحام نسائهم ليبقى أطفالهم مشوّهين إلى أبد الآبدين، أيّ إجرامٍ هذا الذي لحق بالعالم من وراء حماقات قادة الموت، إجرامٌ لا يليه إجرام، ولكن سيبقون منتصرين لا مهزومين، وسيبقى العالم برمته يتيمّم بتراب انتصارات قادة الدمار.
حسم ستالين وأصدقاؤه في حلف القتل والدمار أمرهم في حرق برلين وتدميرها، فكان تركة الحلف للألمان دولة من الأنقاض، إلى درجة أن طفلاً كردياً أعمى يستطيع أن يقف في مداخل برلين، وينظر بعيداً، فيرى على الرغم من عماء بصره مخارجها. ولكن ماذا لو انتصر هتلر في حربه الطاحنة، واحتل العالم برمته، ووضع حذاءه العسكري على خريطة العالم؟ لكانت الآن شعوب العالم ترقص على ألحان انتصاراته وبطولاته، ويردّد أطفالنا في الشوارع المزدحمة أقواله ذهاباً وإياباً. لكن لسوء حظه، هُزم وأصبح مجرماً، فكيف نثق بالماضي والتاريخ، إذا كان الحاضر يُشوه على مرأى أعيننا ونصدقه ونحن نبتسم، كأن يُعتقل شخص ما بجرم الدعارة، وبعد عقد أو عقدين يكون الشخص نفسه مُنقذاً للوطن!
تاريخٌ يدوّنه المنتصر على مقاساته، لا على مقاسات الصواب، فيحرّر ما يشاء في مؤلفات ومجلدات من دون رقابة أو حساب، بل ويغيّر المصائر ويبدّلها، فيرى هزائمه في مرآته انتصارات، ويرى انتصارات غيره في مرآته هزائم، وبعدها يقوم فقهاء اللحن بتلحين انتصاراته، وعزفها على مقاساته، لا على مقاسات المدرج الموسيقي، فيغني له الشعب طرباً، وكيف لمهزومٍ أن يدوّن التاريخ، وهو مجرّدٌ تماماً من أدوات الكتابة ومقيّد اليدين، تماماً كما فعل الشيوعي، جوزيف ستالين، الذي صرخ نيابة عن ماركس وأنجلز، وردّد شعارهما الشهير "يا عمال العالم اتحدوا"، وما أن تظلّل العمال تحت ظلّ هذا الشعار، لم يتردّد ستالين أبداً في التسلّق على ظهر العمال الكادحين، إلى أن وصل إلى هرم السلطة، فالشيوعية لم تورّث للعالم إلّا حكاماً طغاة وشعوباً تُعساء وعمالاً شبعوا القهر والخضوع وأطناناً من الوعود الجميلة.
لم يتردد جوزيف ستالين المنتصر في الحرب على خصمه زعيم النازية، أدولف هتلر، لم يتردد في إهانة المهزوم في ساحة ستالينغراد، فأصبح هتلر في نظر العالم وضيعاً، حقيراً، سافلاً ومجرماً، على الرغم من أن ستالين أو ونستون تشرشل لم يكونا أقل إجراماً من هتلر. ولحسن حظهما فقد انتصرا في الحرب الطاحنة التي قذفت البشرية إلى الهلاك، وهُزم هتلر، الحرب التي لم تبخل على العالم برمته بالدمار والخراب. ولكن ماذا نتكلم عن روزفلت وهاري ترومان اللذين تقاسما الإجرام مناصفة، فلم يبخل ترومان على اليابان في إهدائها قنبلتين نوويتين دفعة واحدة، فقد كان قائداً كريماً بطبعه، قنبلتان لا غير كانتا كافيتين لتشويه هيروشيما وناغازاكي من أقصاهما إلى أقصاهما، بل وتسرّب التشوّه إلى نطاف رجالهم وأرحام نسائهم ليبقى أطفالهم مشوّهين إلى أبد الآبدين، أيّ إجرامٍ هذا الذي لحق بالعالم من وراء حماقات قادة الموت، إجرامٌ لا يليه إجرام، ولكن سيبقون منتصرين لا مهزومين، وسيبقى العالم برمته يتيمّم بتراب انتصارات قادة الدمار.
حسم ستالين وأصدقاؤه في حلف القتل والدمار أمرهم في حرق برلين وتدميرها، فكان تركة الحلف للألمان دولة من الأنقاض، إلى درجة أن طفلاً كردياً أعمى يستطيع أن يقف في مداخل برلين، وينظر بعيداً، فيرى على الرغم من عماء بصره مخارجها. ولكن ماذا لو انتصر هتلر في حربه الطاحنة، واحتل العالم برمته، ووضع حذاءه العسكري على خريطة العالم؟ لكانت الآن شعوب العالم ترقص على ألحان انتصاراته وبطولاته، ويردّد أطفالنا في الشوارع المزدحمة أقواله ذهاباً وإياباً. لكن لسوء حظه، هُزم وأصبح مجرماً، فكيف نثق بالماضي والتاريخ، إذا كان الحاضر يُشوه على مرأى أعيننا ونصدقه ونحن نبتسم، كأن يُعتقل شخص ما بجرم الدعارة، وبعد عقد أو عقدين يكون الشخص نفسه مُنقذاً للوطن!
مقالات أخرى
10 مايو 2019
30 يناير 2019
26 أكتوبر 2018