تطوّق المخاوف نازحي مخيم الهول في بلدة الهول بمحافظة الحسكة شمال شرقي سورية، كون أي تفشٍ محتمل لفيروس كورونا فيه سيتسبب بكارثة إنسانية تصعب السيطرة عليها، خاصة أن المخيم يفتقر إلى الخدمات والبنى التحتية، وعلى وجه التحديد قطاع الصحة الضعيف للغاية فيه.
وجاءت مخاوف النازحين بعد تسجيل ثلاث إصابات بفيروس كورونا في المخيم، والإصابات هي لثلاث عاملات في القطاع الصحي، ويعملن في القسم الذي تقيم فيه عوائل تنظيم "داعش"، وأكدت إصابتهنّ في 3 أغسطس/ آب الجاري.
في المقابل، دعا مدير "الرابطة السورية لحقوق اللاجئين" مضر حماد الأسعد لحماية النازحين في المخيم من فيروس كورونا، واتخاذ خطوات عاجلة لمنع تفشي الفيروس بين النازحين المقيمين فيه.
وقال الأسعد لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، "يترتب حالياً إطلاق سراح أكثر من نصف أبناء المخيم، وهم من السوريين وتم احتجازهم من دون أيّ سبب؛ فقط لأنهم تركوا مناطقهم في جنوب الحسكة وبعض المدن السورية بسبب القتال الذي كان دائراً في هذه المدن مع تنظيم داعش، وتم احتجازهم من قبل مليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي التي وضعتهم في المخيم، وهؤلاء يجب أن يعودوا إلى مناطقهم أو يتركوا ليختاروا المنطقة التي يريدون البقاء فيها".
وأضاف الأسعد أن هناك حالة تخوف لدى المنظمات الدولية المعنية بشؤون الصحة والطبابة من العمل في مخيم الهول، "فهذه المنظمات أصبحت تخاف دخوله أو أن تقوم بواجبها في المناطق تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي بسبب ممارساته غير المشروعة، والسرقات التي تطاول المواد الصحية والأدوية، وكل هذه الأسباب دفعت الكثير من المنظمات إلى أن توقف أعمالها في الكثير من المخيمات خاصة في مخيم الهول، الذي توجد شكاوى كثيرة على الإدارة فيه، بسبب ما تقوم به من إجراءات تعسفية"، حسب توضيحه.
وطالب الأسعد بتفكيك هذه المخيمات التي شبهها بـ"المعتقلات النازية"، وأن يتم تسليمها للأمم المتحدة للإشراف عليها طبياً وإغاثياً وأمنياً ومن كافة النواحي.
وحذر مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" من أنّ هناك مخاطر كبيرة من تفشي فيروس كورونا في مخيم الهول، لا سيما أن قطاع الصحة فيه ضعيف للغاية، ومن الصعب تطبيق إجراءات الوقاية.
ويسود نوع من التراخي والإهمال من قبل إدارة مخيم الهول في شروط خروج ودخول العاملين من المخيم وإليه، "فدخول شخص واحد مصاب بالفيروس كفيل بحدوث كارثة وتفشي الفيروس بين مئات النازحين"، بحسب المصدر.
وأضاف المصدر أنه للحيلولة دون انتقال تفشي الفيروس في المخيم المعزول في الأصل عن محيطه، "يتوجب على إدارته تطبيق رقابة صارمة على الداخلين إليه، من مسؤولي أمن وعاملين في المجال الإنساني أو الطبي، وعليها وضع آلية محددة لهذا الأمر".
وكان المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ديفيد سوانسون، قد قال في حديث لوكالة "فرانس برس" أنه "في الثالث من آب/ أغسطس، جرى تسجيل ثلاث إصابات بوباء كوفيد-19 في صفوف العاملين الصحيين في مخيم الهول للنازحين"، مضيفاً أن عملية التتبع لمعرفة من تواصلوا معهم مستمرة"، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ بعض الخطوات الاحترازية ومنع دخول الموظفين غير الأساسيين للمخيم.
ويعاني النازحون المقيمون في المخيم من حالة قلق مستمرة نتيجة خوفهم من الإصابة بفيروس كورونا، كما يوضح ياسر أبو محمد، النازح من ريف دير الزور الشرقي والمقيم في المخيم منذ قرابة عام ونصف، لـ"العربي الجديد"، ويقول: "نريد العودة إلى أرضنا وبيوتنا بريف دير الزور، سئمنا الحياة هنا، الحياة في هذا السجن الكبير، لا خدمات في الوقت الحالي، ونخاف من وصول فيروس كورونا إلينا".
وتساءل أبو محمد عن الوقت الذي سيجبر على قضائه في المخيم، مشيراً إلى أن هناك تأخر في خروج دفعات النازحين منه، معتبراً أنّ العودة إلى بلدته شرقي دير الزور "باتت أكثر أمناً له من المخيم، كون انتشار الفيروس في المخيم سيتسبب بإصابة الجميع".
ونفت هيئة الصحة في "الإدارة الذاتية" الكردية تسجيل أي إصابات جديدة بفيروس كورونا في مخيم الهول، موضحة أن المصابين هم من أعضاء الهلال الأحمر الكردي وقد ذُكر عددهم سابقاً، وليست هناك إصابات جديدة، ولم يكونوا من الموجودين في مخيم الهول.
وسجلت "الإدارة الذاتية" 12 إصابة جديدة بفيروس كورونا في مناطق سيطرتها، والإصابات الجديدة سجلت اليوم الجمعة، لأربع نساء وثمانية رجال، وتوزعت على كل من القامشلي 8 إصابات، وتل كوجر إصابة واحدة، والرقة 3 إصابات. بينما سجلت هيئة الصحة التابعة لـ"الإدارة الذاتية" وفاة ثانية بفيروس كورونا، حيث وصل عدد الإصابات المسجلة في مناطق سيطرتها إلى 66 إصابة.
وأنشئ مخيم الهول على المشارف الجنوبية لبلدة الهول، التي أخذ اسمه منه، بإشراف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 1991، وأعادت "قسد" افتتاح المخيم، الذي كان مهجوراً منذ عام 2007، بشكل رسمي في 21 إبريل/ نيسان 2016، بعد توسع رقعة معاركها ضد "داعش" ووصول دفعات كبيرة من النازحين إلى مناطق سيطرتها، ويضم في الوقت الحالي قرابة 65 ألف شخص، يخشى أن فيروس كورونا وصل إلى عدد منهم عن طريق الكوادر الصحية التي سجلت إصابتها في وقت سابق ما أثار المخاوف من كارثة وشيكة فيه.