كارثة تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء: ألغاز تنتظر أجوبة

01 نوفمبر 2015
معظم ركاب الطائرة من النساء والأطفال (أولغا مالتسيفا/فرانس برس)
+ الخط -

يُسجل يوم أمس السبت في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015، كأحد الأيام التي شهدت أسوأ كوارث الطيران في العالم، مع سقوط طائرة مدنية في مصر ومقتل 224 شخصاً كانوا على متنها. وبعدما كان الحديث في الساعات الأولى لإعلان تحطمها ينصب على معرفة ما إذا كان يوجد أي ناجين، وهو ما تم نفيه لاحقاً، تحول الحديث تباعاً عن أسباب التحطم. وبعدما كانت الترجيحات تشير إلى العطل الفني أولاً، جاء إعلان تنظيم "ولاية سيناء"، الذي بايع "داعش" سابقاً، مسؤوليته عن إسقاط الطائرة ليخلط الأوراق. وعلى الرغم من أن السلطات المصرية والروسية سارعت إلى التشكيك في رواية داعش، لكنه إن صح، فمن شأنه التمهيد لتداعيات أمنية عدة.

وتحطمت الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء المصرية، أثناء قيامها برحلة بين شرم الشيخ وسان بطرسبورغ في روسيا، ولم يتأخر المسؤولون المصريون للإعلان عن مقتل جميع ركاب الطائرة وطاقمها. وقُطع الاتصال مع الطائرة عندما كانت على ارتفاع ثلاثين ألف قدم (9144 متراً)، بعد 23 دقيقة على إقلاعها من شرم الشيخ، كما أعلن مسؤول في شركة الملاحة الجوية المصرية، المسؤولة عن المراقبة الجوية في مصر والتابعة لوزارة الطيران المدني. وكان على متن الطائرة 214 راكباً من روسيا و3 من أوكرانيا، هم 138 سيدة و62 رجلاً و17 طفلاً، بالإضافة إلى طاقم الطائرة بأفراده السبعة.

وسارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالطلب بإرسال فرق إغاثة روسية إلى موقع تحطم الطائرة، فيما تعهّد وزير الخارجية المصري سامح شكري بالعمل عن كثب مع مسؤولين روس من أجل معرفة سبب حادث تحطم الطائرة. فيما أعلنت شركتا "لوفتهانزا" و"إير فرانس" تجنب تسيير رحلات فوق سيناء.

ومع التأكد من عدم وجود ناجين، بدأ العمل لمعرفة أسباب سقوط الطائرة، وبعدما أفادت مصادر أمنية مصرية لوكالة "رويترز" بأن المعاينة المبدئية لطائرة الركاب أوضحت أن عطلاً فنياً تسبّب في الحادث، أصدر تنظيم "ولاية سيناء" بياناً، أعلن فيه مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الروسية. البيان الذي جاء على الموقع المعتاد الذي تصدر من خلاله كل بيانات التنظيم الذي بايع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منذ نحو عام، أشار إلى أن "إسقاط الطائرة جاء كرد على مجازر في حق السوريين العزل في سورية بضربات القوات الجوية الروسية".

وفي الوقت الذي لم تؤكد فيه جهة مستقلة دقة البيان، تزايدت الشكوك في صحة ما جاء فيه، إذ إنه لم يوضح كيف تم استهداف الطائرة، بإطلاق صواريخ، أو غيرها من وسائل. وأكد مراقبون أن منطقة سقوط الطائرة تقع في مناطق نفوذ تنظيم "ولاية سيناء"، الأمر الذي فتح باب الشكوك حول مصداقية الرواية الرسمية في ظل التعتيم الإعلامي ومنع الصحافيين من الوصول لموقع الحادث وقطع شبكات الاتصال المستمر في شمالي سيناء. يُذكر أن التنظيم استخدم أنواعاً مختلفة من الصواريخ الحديثة التي تستهدف الطائرات، أو أهدافاً ثابتة، إلا أن استهداف طائرة مدنية، على هذا الارتفاع، يلقي الشكوك في البيان. يذكر أن تنظيم "ولاية سيناء"، يمتلك صواريخ حرارية موجهة مضادة للطائرات، من طراز "سام 7" و"إيغلا"، استخدمها سابقاً في إسقاط طائرة عسكرية مصرية.

وبعد صمت لساعات، اعتبر رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، أنه من المستحيل تحديد سبب تحطم الطائرة الروسية قبل فحص الصندوق الأسود لكنه أضاف أنه لا توجد أنشطة "غير عادية" يعتقد أنها وراء الحادث.

كما أن وزير النقل الروسي ماكسيم سوكولوف، أعلن أن تبني التنظيم لإسقاط الطائرة "لا يمكن اعتباره دقيقاً". ونقلت وكالة "انترفاكس" الروسية عن الوزير قوله: "تنتشر في عدد من وسائل الإعلام معلومات بأن إرهابيين أسقطوا الطائرة بصاروخ مضاد للطائرات، ولكن لا يمكن اعتبار هذه المعلومات دقيقة". وأضاف "نحن على اتصال دائم بزملائنا المصريين وبالسلطات الجوية في هذا البلد، وحتى الآن لا يملكون أي معلومة تؤكد تلميحات من هذا النوع".

اقرأ أيضاً: تشكيك مصري وروسي بمسؤولية "داعش" عن إسقاط الطائرة

في المقابل، أعلنت هيئة روزافياتسيا الروسية لتنظيم النقل الجوي، أنها لا ترى سبباً حتى الآن يربط تحطم الطائرة الروسية في مصر بعطل فني او خطأ من أفراد الطاقم أو عامل خارجي، مشيرة في بيان نقلته وكالة "نوفوستي الروسية" إلى أنه "حتى يتم الوصول لأدلة موثوقة بشأن ظروف التحطم، لا نرى معنى لطرح ومناقشة أي فرضية".

كما برزت فرضية أخرى حول إمكان أن تكون الطائرة تعرضت للتفجير بزرع عبوات مفجرة داخلها، قبل أن تقلع من مطار شرم الشيخ، وهي شكوك طرحتها وسائل إعلام روسية، ولكن لم يصدر ما يعززها أو ينفيها، باستثناء ما قيل إن الطائرة انشطرت إلى نصفين، وما رواه شهود عيان من أهالي سيناء لـ"العربي الجديد"، من أنهم شاهدوا الطائرة تحترق في الجو قبل سقوطها.

وتسبب الحصار الإعلامي الذي تفرضه السلطات المصرية على سيناء بالكامل، منذ إعلان تطبيق حالة الطوارئ فيها قبل أكثر من نحو عام، في المزيد من إثارة الأسئلة والهواجس، إذ لم تسمح السلطات المصرية، حتى ساعات متأخرة من يوم أمس، لأية وسيلة إعلام محلية أو عالمية بالوصول للمنطقة التي سقطت بها الطائرة. وبينما أعلنت سلطات الطيران المصرية، العثور على "الصندوق الأسود" للطائرة، فإنها لم تكشف أي شيء، باستثناء تأكيدات سلطات مطار شرم الشيخ بأن الطائرة خضعت للفحص الفني قبل إقلاعها من المطار.

وقد اختار الجيش المصري سياسة التزام الصمت التام، في التعامل مع الحادث. وما يثير الشكوك أيضاً، أن قائد الطائرة اضطر إلى خفض ارتفاع التحليق بمعدل ستة آلاف قدم في وقت قصير جداً، وهو ما فسره خبراء طيران، وفنيون، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، بواحد من احتمالين، الأول هو حدوث خلل مفاجئ في الضغط الجوي داخل الطائرة، وهو احتمال ضعيف، مع ما خضعت له الطائرة من فحص، على الرغم مما سربته مصادر أمنية، بأن خللاً فنياً مفاجئاً أصاب الطائرة، وهو موقف لم تعلن السلطات العسكرية تبنيه، بوضوح، وبصورة رسمية.

أما الاحتمال الآخر، وفقاً للخبراء، فهو نشوب حريق داخل الطائرة، اضطر معه قائدها لمحاولة الهبوط السريع جداً، وهذه الفرضية تفتح الباب واسعاً، أمام تبني احتمال تعرّض الطائرة لتفجير من داخلها.

كما كان لافتاً أن الطائرة سقطت في منطقة وسط سيناء، وهي منطقة ممنوع مرور الطيران المدني فوقها، نظراً لخطورة الأوضاع التي تشهدها سيناء. ويبدو أن الطائرة انحرفت عن مسارها المحدد لها سلفا، ودخلت إلى منطقة عسكرية مفروض حظر الطيران فيها. ولم يصدر عن قيادات الجيش المصري، أي بيان حول توجيه إنذار أو مطالبة الطائرة الروسية، بالخروج من المجال الجوي لمنطقة سيناء، نظراً لمنع الطيران المدني في المنطقة.

وكشفت مصادر عسكرية، أن المنطقة التي تواجدت فيها الطائرة الروسية محظورة، ولا أحد يعلم حتى الآن سبب التواجد فيها، خصوصاً أنها لم ترسل أي استغاثة عن تعرضها لخلل مفاجئ، وهو يعني أن السقوط جاء بشكل مفاجئ تماماً. وما يقلل من إمكانية سقوط الطائرة نتيجة عوامل مناخية، هو صفاء الأجواء وعدم تأثر الطقس بعواصف رملية أو أمطار غزيرة في سيناء صباح أمس عند إقلاع الطائرة.

كما أفادت مصادر من سيناء، بأن الطائرة سقطت في منطقة "الكونتلا" التابعة لمدينة الحسنة بوسط سيناء وهي منطقة جبلية تأتي في الحد الفاصل جغرافياً بين جنوب سيناء وشمالها وقريبة من المناطق الحدودية مع إسرائيل، ولم يُشاهد فيها طائرات مدنية من قبل على اعتبار حجم الارتفاع الذي تطير به الطائرات المدنية وعدم وجود مطارات مدنية في تلك المنطقة.

اقرأ أيضاً: السلطات المصرية تعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة الروسية

المساهمون