كارثة إنسانية في الجنوب السوري

ريان محمد

avata
ريان محمد
05 يوليو 2018
75674E4C-4F7C-4ADC-AD9B-9F61A12D8A04
+ الخط -

ما زالت أزمة أهالي الجنوب السوري تتفاقم، مع نزوحهم إمّا إلى المنطقة المحاذية للجولان المحتل وإمّا إلى الحدود السورية الأردنية. سوء الأوضاع الذي يختبرونه ينذر بكارثة إنسانية وشيكة جداً.

يبدو أنّ ما يحدث في الجنوب السوري، خصوصاً في درعا، يكاد يكون "كارثة إنسانية". فموجات النزوح الجماعي تتواصل من مدن درعا وبلداتها في الريفَين الشرقي والغربي، ليتخطّى عدد النازحين نصف مليون مدني، وهو رقم مرشّح للارتفاع خلال الأيام القليلة المقبلة في ظل أوضاع إنسانية مأساوية وغياب المنظمات الإنسانية وبالتزامن مع صمت دولي مطبق وإغلاق الحدود الدولية في وجه الهاربين من الحرب.

سمر عياش من ريف درعا الغربي، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع كارثي. المدن والبلدات تُحرق الواحدة تلو الأخرى، والناس تتوجّه إلى المناطق الحدودية، إن في اتجاه الجولان المحتل أو صوب الحدود السورية الأردنية، ويستقرّون في العراء. بعضهم يتظلل بالأشجار، في حين أنّ آخرين يصنعون خيماً بدائية لا تقي من الحرّ الشديد ولا من العواصف الترابية التي تشهدها المنطقة". تضيف أنّ "ثمّة نقصاً في كلّ شيء... المياه والخبز والمحروقات والدواء وحتى المواد الغذائية والخضار، على الرغم من أنّنا بلد الخضار". وتشير عياش إلى أنّ "أمراضاً معوية راحت تنتشر بين النازحين، وثمّة حالات متزايدة من الإسهال بالإضافة إلى ضربات الشمس ولسعات العقارب. كلّ ذلك في حين لا يتوفّر عدد كاف من الأطباء".

أم محمد الخالد نزحت كذلك من ريف درعا الغربي وتوجّهت إلى المناطق القريبة مع الجولان السوري المحتل. تقول لـ"العربي الجديد": "خرجنا من بلدتنا تحت القصف. كانت الجثث في الشوارع ولا يوجد من يدفنها. لم نحمل معنا إلا أشياء قليلة من قبيل البطانيات والشوادر والأدوات المنزلية. وهنا، نجد صعوبة كبيرة في تأمين احتياجاتنا، خصوصاً المياه والمواد الغذائية، فالمنطقة جرداء". تضيف أنّ "الحرارة مرتفعة جداً هنا، وهي بالتأكيد لا تقلّ عن 45 درجة مئوية، الأمر الذي يصيب الأطفال بحميات. إلى ذلك، لم نستحم منذ نحو 15 يوماً ولم نبدّل ملابسنا. وثمّة حكّة تنتشر بين الناس". وتتابع أم محمد أنّ "بني يضطر إلى السير مسافة طويلة للحصول على عبوة من المياه بالكاد تكفينا للشرب، بالإضافة إلى قليل من المواد الغذائية. وخلال معظم الأيام، يقتصر طعامنا على وجبة واحدة. وفي حال بقي لدينا قليل من الطعام، فإنّ الحرارة المرتفعة تفسدها".




من جهته، يقول أبو عبد الله الحوراني، من ريف درعا الغربي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع مأساوي جداً. من لم ينزح بعد، يستعدّ للنزوح في ظلّ توسّع العمليات العسكرية والقصف. والناس يظنون أنّهم بتوجّههم إلى الحدود الأردنية أو إلى المناطق المحاذية للجولان المحتل، سوف يحتمون هناك من القصف على الرغم من الأوضاع الإنسانية السيئة في تلك المناطق. فالمساعدات التي تقدّم تكاد لا تذكر". ويرى الحوراني أنّه "في حال استمرت العمليات العسكرية، فإنّ الأهالي سوف يجدون أنفسهم محاصرين بين قوات النظام والحدود الدولية، وهو ما يعني أنّ الأمر قد يتسبب في كارثة إنسانية، لا سيّما وأنّنا نتحدث عن نحو مليون شخص في المناطق الساخنة".

في السياق، يقول عضو مجلس محافظة درعا، المحامي رياض الركب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الريف الغربي يتألّف من ثلاثة قطاعات، الجيدور والأوسط واليرموك، والمعارك تجري على الخط الفاصل بين داعل وطفس وعلى المثلث المعروف بمثلث الموت والذي يمثّل ملتقى جغرافياً للمحافظات الثلاث، ريف دمشق ودرعا والقنيطرة". يضيف أنّ "تركيز القصف على طفس حيث تدور أقسى المعارك، بالإضافة إلى بلدات الشيخ سعد ونوى، تسبب في نزوح سكان معظم قرى الريف الغربي. وقد تخطّت نسبة النزوح في بعض البلدات 90 في المائة، ليتوجّه النازحون بمعظمهم إلى القنيطرة ويقيمون في مخيمات بدائية. إلى ذلك، فإنّ نازحين كثيرين ما زالوا في العراء، في حين أنّ مقومات الحياة اليومية والخدمات الأساسية تكاد تكون معدومة".

ويؤكد الركب أنّ "المجالس المحلية في القنيطرة بذلت جهدها لخدمة النازحين، لكنّ الإمكانيات ضعيفة. وفي المخيمات التي تستقبل نازحي الريف الغربي، لم تُقدّم أيّ مساعدات إغاثية أو خدمية، في حين أنّ بعض تلك المخيمات حصلت على الخبز بسعر رمزي". إلى ذلك، يقول إنّ "الخدمات الطبية سيئة جداً ويجري الاعتماد على المستوصفات الميدانية غير المجهزة بالمعدات أصلاً والتي لا تستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة الوافدة إليها".




أمّا نائب رئيس مجلس محافظة درعا عماد البطين، فيدقّ ناقوس الخطر في الجنوب السوري، محذّراً من "كارثة صحية". ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "استمرار آلة القتل والدمار دفع الناس إلى اللجوء إلى الحدود. والنازحون إلى الشريط الأمني للجولان المحتل في وضع إنساني لا يحسدون عليه في حين تنعدم كلّ مقومات الحياة والنظافة والرعاية الصحية، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية بين النازحين".

أمّا الناشط في المجال الطبي فارس زين الدين، فيقول لـ "العربي الجديد" إنّ "النازحين من الريف الغربي والذين توجّهوا بمعظمهم إلى المناطق المحاذية للجولان المحتل، يصنعون الخيم بطريقة بدائية بواسطة البطانيات". ويؤكد أنّ "لا منظمات إنسانية تعمل على إقامة مخيمات بطريقة منظمة، بينما الخدمات الطبية في مخيمات النزوح شبه مفقودة".

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.