تتحضر العاصمة اللبنانيّة بيروت لاستقبال مباريات كأس العالم بحفاوة. إذ رُفعت أعلام الفرق على اختلافها على الأبنية، وفي الشوارع، وعلى السيارات.
قصة بيروت مع المونديال غريبة. تعشق هذه المدينة كرة القدم بشكلٍ كبير. قبل أشهر، عندما وصل المنتخب اللبناني إلى المرحلة الثانية من تصفيات قارة آسيا للمونديال، لأول مرة في تاريخه، توحّد الجمهور اللبناني رغم كل انقسامه السياسي. وفي مثل هذا الوقت من عام 1982، كانت الدبابات الإسرائيليّة تُحاصر مدينة بيروت، وكان شبانها وشبان الثورة الفلسطينيّة، يُواجهونها، وكان هؤلاء يتابعون المباريات مستعينين ببطاريات السيارات لتشغيل شاشات التلفزة.
واليوم، يأتي كأس العالم، في ظلّ هدوء أمني يسود البلاد منذ أشهر قليلة بعد جولات من التفجيرات. ويُشكّل فرصة لانتشال البلد من حالة الركود الاقتصادي التي يعيشها على أبواب موسم سياحي يتمنى اللبنانيون أن يكون أفضل مما سبقه.
تتفاوت آراء اللبنانيين في الفرق التي يشجعونها في المباريات. لكن جولة على محال بيع الأعلام وملابس الفرق وتوابعها، وخلال مقابلات مع مشجعين، أجرتها "العربي الجديد"، في عدد من شوارع بيروت، تُظهر أنّ غالبيّة اللبنانيين يُشجعون فريقي البرازيل وألمانيا بشكل أساسي، ثمّ تأتي فرق أخرى كإيطاليا والأرجنتين. تُساهم الأعلام المرفوعة على الأبنية والسيارات بمعرفة ذلك أيضاً، فالأعلام المرفوعة بأغلبيّتها تعود لهذين الفريقين.
يعتبر عدد من الشباب اللبنانيين المنافسة بين الفرق العالميّة قضيّتهم. فقد بدأت المنافسة بين هؤلاء في شراء ملابس الفرق، وتحديد أماكن محدّدة لمشجعي كلّ فريق لمشاهدة المباريات، وفي رفع الأعلام الكبيرة على السيارات وفي الحارات. وساهمت المنافسة بين مشجعي مختلف الفرق في تحريك وتيرة الحياة وإضفاء "روح رياضيّة" في بيروت.
يستفيد أصحاب المقاهي من هذا الأمر. يُعوّل هؤلاء، الذين عمدوا إلى رفع الأعلام أيضاً، على مباريات كرة القدم لجذب أعداد أكبر من الزبائن. وقد أعرب عدد ممّن التقاهم "العربي الجديد" عن أملهم بارتفاع حركة الزبائن. وقال مسؤول عن أحد مقاهي شارع الحمرا الكبيرة إنّه يتوقع زيارة ما لا يقلّ عن مئتي شخص في كلّ مباراة.
في غضون ذلك، انقسمت بعض المقاهي هذا العام، لتعلن مساندتها لفرق محدّدة. رفع أحد المطاعم الإيطاليّة أعلام إيطاليا في المكان، معلناً استقبال مشجعي المنتخب الإيطالي بشكل خاصّ في المباريات. كذلك الأمر بالنسبة لمقهى آخر اختار الفريق الألماني.
وقد سجّل أصحاب هذه المحلات اشتراكات بالقنوات الرياضيّة لجذب الزبائن الذين سيشاهدون المباريات بشكل أكبر. لكنّ عدداً من اللبنانيين يعتمد على تلفزيون لبنان، والذي لأول مرة، سيبثّ المباريات، بعد مساهمة قطريّة في الموضوع. يتساءل عدد من الشباب اللبنانيين حول جودة الصورة وهويّة المعلّقين على المباريات، لكنّهم يؤكّدون أنّهم سيتابعونها عبر تلفزيون لبنان، التلفزيون الرسميّ الوحيد.
من جهتهم، يعتبر أصحاب محال بيع ملابس وأغراض المنتخبات المشاركة في المباريات أنّ الشراء هذا العام أقل من الأعوام السابقة. يُرجع هؤلاء السبب إلى كثرة المحال التجاريّة، وانخفاض أسعار الأعلام التي لا تزيد عن ثلاثة دولارات أميركية. أمّا ملابس الفرق، فتُباع بشكل أوسع. وتتراوح أسعار الملبوسات بين 25 دولاراً أميركياً و130 دولاراً أميركياً بحسب النوع والنوعيّة.
وقد انتشرت في بيروت شائعة على مواقع التواصل الاجتماعي تُحذّر من إجراءات ستّتخذها وزارة الداخلية اللبنانيّة بحقّ من يرفع الأعلام غير اللبنانيّة. في الواقع، ينصّ ملحق في قانون العقوبات، صدر في العام 1945 على منع رفع أي علم غير العلم اللبناني، مستثنياً حالات السفارات والقنصليّات. لكنّ هذا القانون الذي لم يُلغَ، لم يُعمل به مطلقاً. إلا أنّ هذه الشائعات الإلكترونيّة، تسبّبت في إزالة البعض لأعلام الفرق عن السيارات، أو رفع العلم اللبناني إلى جانب علم البلد الذي يُشجعه صاحب السيارة.