قيود أردنية على تحويلات الوافدين تضر بشركات الصرافة وتنعش السوق السوداء

05 مارس 2019
عمال أجانب في قطاع الزراعة بالأردن (فرانس برس)
+ الخط -

تشكو جمعية الصرافين الأردنيين من بروز سوق موازية (سوداء) لتحويل أموال العمال الأجانب في الأردن، بعد القيود التي فرضتها الحكومة، قبل نحو عامين، على تحويلات العمالة المخالفة، في محاولة لتقليص أعدادهم.

وألزمت الحكومة، عام 2016، شركات الصرافة والبنوك بعدم إجراء أي تحويل مالي للعمال الوافدين بدون إبراز تصريح العمل، الذي يشترط أن يكون ساري المفعول، والامتناع عن أي تحويلات للعمال المخالفين.

وقال رئيس جمعية الصرافين الأردنيين، عبد السلام السعودي، لـ"العربي الجديد"، إن "التزام شركات الصرافة بقرار البنك المركزي، عدم تحويل أموال العمال المخالفين وغير الحاصلين على تصاريح عمل، أدى إلى لجوئهم إلى طرق التفافية أخرى، كأن يتم التحويل من خلال أشخاص آخرين أو محلات تجارية".

وأضاف أن التحويلات المالية بهذه الطرق تقدر بمئات ملايين الدولارات، أدت إلى تراجع نشاط شركات الصرافة، مشيرا إلى أن الخسائر التي تعرضت لها الشركات كبيرة جداً، ما يستدعي معالجة المشكلة من أساسها.

وتقدر التحويلات المالية الخارجية للعاملين الوافدين في الأردن سنوياً بأكثر من 2.6 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية.

وكان وزير العمل سمير مراد قد قدّر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، في فبراير/شباط الماضي، عدد العمالة المخالفة بنحو 440 ألف شخص، من إجمالي 850 ألفاً، حيث يشكل العمال المصريون غالبية الوافدين إلى المملكة.

وأكد مراد أن وزارة العمل ستطبق عدة إجراءات إضافية لضبط سوق العمل، خلال الفترة المقبلة، منها الطلب من كل شخص يعمل في الأردن فيزا عمل يحصل بموجبها على بطاقة برقم تعريفي ترتبط ببصمة العين، ولا يستطيع العامل الوافد التحرك أو الخروج من الأردن بدونها.

كما قال المتحدث الرسمي لوزارة العمل، محمد الخطيب، إن الحكومة لن تمنح فترة جديدة للعمالة الوافدة المخالفة لتصويب أوضاعها، وذلك بعد انتهاء المهل التي منحتها في السنوات الماضية.

لكن جمعية الصرافين طلبت من الحكومة العمل على الاستمرار في إجراءات تصويب أوضاع العمالة المخالفة، وكذلك إجبار المخالفين على عدم تحويل الأموال إلا من خلال شركات الصرافة والبنوك المحلية، حماية للمصالح الاقتصادية للأردن، ولتفادي إغلاق بعض شركات الصرافة مستقبلاً.

وتخضع تعاملات الصرافة في الأردن لرقابة مشددة من قبل المصرف المركزي والجهات المختصة، خاصة بعد ما شهدته الأسواق المالية في دول مجاورة، كالعراق وسورية، من فوضى، وفق وصف عاملين في سوق الصرافة الأردنية.

وبحسب بيانات البنك المركزي، يبلغ عدد شركات الصرافة نحو 141 شركة، تعمل من خلال مراكزها الرئيسية، إضافة إلى 125 فرعا موزعا على كافة المحافظات. وتصل رؤوس أموالها إلى حوالي 90 مليون دينار (127.1 مليون دولار).

ووصل إجمالي مبيعات الشركات من العملات الأجنبية العام الماضي إلى حوالي 10.57 مليارات دولار، وإجمالي مشترياتها إلى 11.01 مليار دولار.

وأعرب رئيس جمعية الصرافين السابق، علاء ديرانية، عن مخاوفه من احتمال تراجع حوالات المغتربين الأردنيين العاملين في الخارج، ما يزيد من الصعوبات التي قد تواجهها شركات الصرافة المحلية.

ويقدّر عدد الأردنيين العاملين في الخارج بأكثر من 600 ألف مواطن، معظمهم في دول الخليج العربي. وأشارت بيانات صادرة عن البنك المركزي، في فبراير/شباط الماضي، إلى أن تحويلات الأردنيين سجلت انخفاضاً بنسبة 1.4%، خلال الـ11 شهراً الأولى من العام الماضي، إلى حوالي 3.4 مليارات دولار، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2017.

وقال ديرانية، لـ"العربي الجديد"، إن تحويلات العمال الوافدين انخفضت أيضا بشكل كبير من خلال شركات الصرافة، نتيجة لتطبيق قرار البنك المركزي ووزارة العمل، حصر التحويلات للوافدين الحاصلين على تصاريح عمل، ويعملون بصورة قانونية في الأردن.

وتقول الحكومة الأردنية إنها تسعى من وراء إجراءات تقنين العمالة الوافدة إلى توفير فرص عمل للأردنيين في عدة قطاعات، حيث يتجاوز عدد المواطنين المتعطلين من العمل نحو 300 ألف من مختلف المهن والاختصاصات، لكن مختصين في قطاعات التوظيف يشيرون إلى أن أغلب الأردنيين يعزفون عن العمل في الكثير من القطاعات التي يُقبل عليها الوافدون، لتدني الرواتب، وعدم توفر أنظمة مناسبة للحماية الاجتماعية.

وكانت الجهات الرقابية قد ضبطت، خلال الثلاث سنوات الماضية، ملفات فساد كبيرة تتعلق بالمتاجرة بتصاريح العمل وأحيلت إلى القضاء، وتركزت المخالفات في القطاع الزراعي.

ووفقا للبيانات الرسمية، فقد بلغ معدل البطالة، خلال الربع الأخير من 2018، نحو 18.7%، بارتفاع 0.2% عن نفس الفترة من 2017.

وبدأت الحكومة في تطبيق برنامج خدمة وطن، الذي يستهدف تأهيل الشباب الأردنيين من الجنسين للعمل في بعض المهن، في إطار إحلال العمالة الأردنية محل الوافدة.


المساهمون