ليس من المبالغة القول إن الجالية العربية الإسلامية في فرنسا ممزقة، ولا وزن لها في رسم سياسة فرنسا الداخلية والخارجية، ولا حتى في الجلوس على مائدة الجمهورية. التنافس على أشده بين قيادات نصبت نفسها ناطقة باسمها.
نيكولا ساركوزي، حين كان زيرا للداخلية والأديان، فرض عليها قيادة تمثيلية طيعة ومنتقاة، لكن من دون رصيد شعبي ولا تمثيلية تُذكر. ألَيْس عدم الاتفاق على تحديد يوم صوم رمضان وعيد الفطر، لدى الجالية الإسلامية، السنية في غالبيتها المطلقة، دليلا على حجم الفرقة والتشتت؟!
نيكولا ساركوزي، حين كان زيرا للداخلية والأديان، فرض عليها قيادة تمثيلية طيعة ومنتقاة، لكن من دون رصيد شعبي ولا تمثيلية تُذكر. ألَيْس عدم الاتفاق على تحديد يوم صوم رمضان وعيد الفطر، لدى الجالية الإسلامية، السنية في غالبيتها المطلقة، دليلا على حجم الفرقة والتشتت؟!
لن نبحث في كلّ الأسباب لهذه الفرقة، وإن كان على رأسها التجاذبات السياسية والولاءات لدول أجنبية، وأيضا تعدد الدول التي ينحدر منها هؤلاء المهاجرون القدامى، مع اختلاف تاريخها السياسي والاجتماعي.
على الرغم من وصولنا إلى الجيل الثالث من الهجرة، وإبدائه تحرره من عُقَد الآباء والأجداد، وأيضا، تجاوزه لـ "النسيان المزدوج"، الذي ابتكره سوسيولوجي الهجرة والاغتراب الراحل عبد الملك صياد، تلميذ بيير بورديو، إلا أنه يغالب من أجل خلق نخبة فكرية وسياسية تعي حالتَهَا وتقدّم اقتراحاتها في هذه الفرنسا، التي تتغنى بـالتنوع diversité ولا تمارسه.
لم تتوقف نضالات أجيال الهجرة، من تفكيك الكولونيالية إلى مسيرة الجيل الثاني الطويلة، المطالبة بالمُواطَنَة الحقيقية والاندماج النقدي البعيد عن الامتصاص والبلع. وما إصرار شباب متحمس، من أصول عربية وإفريقية وغجرية، على تأسيس "حزب أهالي الجمهورية" إلا تأكيدا على أن المشوار لا يزال بعيدا، وأن اختيار الحكومات الفرنسية، يمينية ويسارية، لبعض الشخصيات من أصول عربية وإفريقية، ومنحها بعض الوزارات، ليس دليلا على الاندماج الحقيقي بقدر ما هي عملية تجميل فقط ومغازلة للصوت الانتخابي العربي الإسلامي.
ألم يصرح نيكولا ساركوزي، بحقيقة الأمر، حين قال "اخترت رشيدة داتي وزيرة للعدل؛ لأني قلت في نفسي إن رشيدة داتي بأبويها المنحدرين من الجزائر والمغرب من أجل أن تتحدث عن السياسية الجزائية، أمر له معنى!" كما أن ساركوزي ذكّر بسواد بشرة وزيرته وهي من أصول سنغالية راما ياد، وقال بأنه ليس له ذنب إذا كان لونها أسود، لأن الوزيرة كانت تطلب منه أن يرى عملها وليس وجهها.
ألم يصرح نيكولا ساركوزي، بحقيقة الأمر، حين قال "اخترت رشيدة داتي وزيرة للعدل؛ لأني قلت في نفسي إن رشيدة داتي بأبويها المنحدرين من الجزائر والمغرب من أجل أن تتحدث عن السياسية الجزائية، أمر له معنى!" كما أن ساركوزي ذكّر بسواد بشرة وزيرته وهي من أصول سنغالية راما ياد، وقال بأنه ليس له ذنب إذا كان لونها أسود، لأن الوزيرة كانت تطلب منه أن يرى عملها وليس وجهها.
التحديات كثيرة، وعلى رأسها العنصرية والإسلاموفوبيا، ولكن الجالية عرفت كيف تقاومها، ولم تيأس قط، لأن "قدرنا هنا"، كما يصرح لنا، غازي حمادي، النائب البرلماني الاشتراكي، التونسي الأصل، "وفرنسا، لنا نحن، أيضا".
وكما استطاعت الجالية العربية الإسلامية في فرنسا أن تتحدى الصعاب، التي لا تني تتجدد، فإن حقبة داعش، لن تكون سوى تذكار سيء قصير، ما دام أن الجالية، بكل مكوناتها واختلافاتها، واعيةٌ أن مصيرَها في هذه الأرض، أرضها، مرتبطٌ بسلميتها واعتدالها وتسامحها ورغبتها الجارفة في العيش المشترك.