قوى جديدة ستنضم إلى مجلس الأمن مطلع 2019: الأنظار على أميركا

27 ديسمبر 2018
خشية أن تكون نويرت متشددة أكثر من هايلي(فرانس برس)
+ الخط -
اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني، ستدخل خمس دول جديدة إلى مجلس الأمن الدولي لتشغل مقاعدها لسنتين، بينها القوى الإقليمية الثلاث ألمانيا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا، بينما لا يمكن التكهّن بما إذا كان التغيير على رأس البعثة الأميركية سيجعل التفاهمات مع الولايات المتحدة أسهل. وستغادر "نجمة" مجلس الأمن، نيكي هايلي، هذه الهيئة التي عين البيت الأبيض صحافية سابقة هي الناطقة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت، سفيرة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة خلفاً لها. وفي السياق، قال ريتشارد غوان، من جامعة الأمم المتحدة، لوكالة "فرانس برس"، إنّ "عدداً كبيراً من الدبلوماسيين يركزون على تبدل السفيرة الأميركية"، مضيفاً أنّ كثيرين يخشون أن تتبنى نويرت "خطاً أكثر تشدداً من نيكي هايلي في مبدأ أميركا أولاً". وفي الإطار ذاته، أشار دبلوماسي إلى أنّ "أميركا أطلقت العنان" لتطبيق مبدئها من "الأحادية" إلى "الانعزالية"، معبراً عن تخوّفه من أن تصبح الأمم المتحدة "هدفاً لهذا التصلّب الأميركي".

وكان مجلس الأمن الدولي قد أخفق بشأن سورية، لكنه بدا متحداً في 2017 عندما أقرّ سلسلة من العقوبات ضد كوريا الشمالية، فيما كان الانقسام سمة عام 2018. وقال دبلوماسي آخر لـ"فرانس برس"، إنّ "المناقشات تجري بحدة في أغلب الأحيان، لم يعد هناك سعي إلى تفاهمات، لم يعد أحد يصغي، عمليات التصويت الإجرائية تتوالى والمواقف تتسم بالاستقطاب".

بدوره، ذكر سفير في الأمم المتحدة طالباً عدم كشف هويته، أنّ المجلس رأى في نهاية 2018 بشأن اليمن، الولايات المتحدة تهدّد باستخدام حقّ النقض (الفيتو) ضدّ نص تقدمت به بريطانيا أقرب حليفة لها، في حادثة لم تكشف، لكنها شكلت صدمة للندن.

وفي العلن، تبدو اللهجة لاذعة. فقد قال السفير الروسي، فاسيلي نيبينزيا، خلال دورة عن إفريقيا الوسطى، باستياء شديد "لا سعي إلى تسوية... إنها ليست المرة الأولى التي يقال لنا فيها: إنه أمر غير قابل للنقاش".

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول الحالي، لم تخف بوليفيا أيضاً غضبها. وقال مندوبها "نطالب بأن نؤخذ بجدية"، منتقداً "غياب الشفافية والاحترام" في المفاوضات التي سادتها الفوضى حول إرسال مراقبين إلى اليمن.

وتعتبر موسكو أن مشاكل مجلس الأمن ناجمة عن "حاملي الأقلام المحتكرين من قبل الثلاثي" الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، التي تعود إليها تقليدياً، ومن أجل مصالحها، العديد من القرارات التي يجب صياغتها حول النزاعات في العالم. ويتساءل مراقبون عن الانسجام في المجلس مع دخول ألمانيا وجنوب إفريقيا -المرشحتان لمقعد دائم على الأمد البعيد- أو إندونيسيا، ومعها بلجيكا وجمهورية الدومينيكان. وستحلّ هذه الدول محل السويد وكازاخستان وإثيوبيا وهولندا وبوليفيا.

ومع انتشار حوالي مائة ألف من جنود حفظ السلام في عدد من مناطق النزاعات، تواجه الأمم المتحدة تحديات كبرى. لكن كيف يمكن الدفع باتجاه السلام بمجلس أمن وصفه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، نفسه بأنه "منقسم اليوم أكثر من أي وقت مضى"؟ وقال دبلوماسي سويدي على وشك الرحيل آسفاً، إنّ "الانقسامات هي نفسها في الاجتماعات العلنية والمغلقة على حد سواء".

وللمرة الأولى، تفاهمت الدول الأعضاء الخمس الجديدة مع الدول الخمس الأخرى غير دائمة العضوية (بولندا والبيرو والكويت وغينيا الاستوائية وساحل العاج) لتقاسم رئاسات اللجان وتقديم اللائحة إلى "مجموعة الخمس"، أي الدول الخمس الدائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين). وعبّر دبلوماسي من بلد صغير عن ارتياحه لأن ذلك "قُبل بلا مشاكل"، مذكراً بأنّ رئاسة اللجان كانت معركة تجري في الكواليس بشكل ثنائي. وتابع هذا المصدر أنّ الدول العشر غير الدائمة العضوية "لن تحقّق توازناً مع مجموعة الخمس، لكن يمكنها لعب دور ما".

وفي ما يعكس رمزياً رفضها لبنية موروثة عن مرحلة ما بعد الحرب ولم تعد تلائم عالم اليوم، لا تريد الدول الخمس الأعضاء الجديدة أن تسمى "أعضاء غير دائمين" بل "أعضاء منتخبين". ويمكن للثنائي الفرنسي الألماني أن يزيل الانطباع بوجود مجلس يعمل بسرعتين. وقال ريتشارد غوان إنّ "الألمان والفرنسيين سيعملون بتعاون وثيق ليظهروا أنه ما زال لأوروبا وزن تعددي على الرغم من انسحاب بريطانيا" من الاتحاد الأوروبي. أما إندونيسيا، فيمكن أن تزعج الصين. وقال هذا الخبير في شؤون الأمم المتحدة إنّ "الإندونيسيين لديهم فريق متين ويمكنهم تنظيم مناقشات في المجلس حول اضطهاد المسلمين في الصين".
(فرانس برس)