قوة مواقع التواصل في وجه الذكورية

11 سبتمبر 2016
تسليط الضوء على التصريحات الذكورية (آيتور دياغو/فرانس برس)
+ الخط -
نجحت مواقع التواصل الاجتماعي بتسليط الضوء على تصريحين ذكوريين لنائبين: واحد لبناني هو النائب عن حزب الكتائب إيلي ماروني، والثاني مصري "مستقل" هو إلهامي عجينة.

الاغتصاب في لبنان
نبدأ بالحادثة الأولى التي أطلق فيها ماروني جملة من المواقف من خلال تحميله النساء والفتيات المسؤولية عن جرائم الاغتصاب التي تطاولهن، وهجومه على مطلب تعديل قانون الجنسية اللبنانية، ومواقفه حول اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان.
وتساءل ماروني عن دور المرأة في دفع الرجل إلى اغتصابها، وقال: "في بعض الأماكن وبعض المطارح وبعض الأوقات، شو دور المرأة في قيادة الرجل إلى اغتصابها؟".
وحول "قانون استعادة الجنسية"، قال ماروني إنّهم (في حزب الكتائب) حاربوا من أجل أن تُمنح المرأة اللبنانية الجنسية لأطفالها، لكنهم لم يتوقعوا أنّ هناك مليونَي فلسطيني ومليونَي سوري في لبنان ويتزوجون من لبنانيات، على حدّ تعبيره.
وعند اعتراض الناشطة النسوية، حياة مرشاد على كلام ماروني وقولها بأنها "تخجل كمواطنة لبنانية بتمثيله لها في مجلس النواب"، قام الأخير بتوجيه الإهانة لها، ملوّحاً بإلباسها البرقع كي لا تخجل مجدداً. وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر دعا إليه "التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني"، في إطار برنامج "هي"، من أجل مناقشة المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني الذي يُسقط العقوبة عن المغتصب في حال زواجه من ضحيته.
هاجم ناشطون على موقع "فيسبوك" ماروني على إثر تصريحاته الأخيرة، وسخروا منه. إذ كتبت لينا الخوري عطا الله: "ذكورية ايلي ماروني من دون حفظ الألقاب ارتقت إلى أعلى درجات الاحترام ... بالفعل أصبح لأشباه الرجال عين ترى ولسان يتكلم ويبخ السم وما أجمل الإنسان عندما يجد الطريقة الصحيحة التي تعبر عن نفسه ونفسيته..". كلّ هذا الضغط دفع رئيس حزب الكتائب، والنائب في البرلمان اللبناني سامي الجميّل إلى التغريد عبر حسابه الخاص على موقع "تويتر" قائلاً: "منعاً لأي تأويل، نؤكد أنّ الاغتصاب جريمة يتحمّل مسؤوليتها المجرم المغتصب دون سواه". إلا أن ذلك لم يوقف الضغط على مواقع التواصل، فأنشأت ناشطات نسويات عريضة طالبن فيها باعتذار ماروني من نساء لبنان، اللواتي يعانين من التمييز الجندري بمباركة القانون. وجاء في العريضة: "تصريحات النائب الذي ينتمي الى حزبٍ يدّعي مناصرته لقضايا المرأة، تشكّل إهانةً لنا كنساءٍ في لبنان، وتضرب بعرض الحائط سنواتٍ طويلةً من نضالنا من أجل حقوقنا سواءً على صعيد تجريم الاغتصاب وكافّة أشكال العنف الجنسي، أو على صعيد حقنا بمنح جنسيّتنا لأفراد أسرنا".
هذا الضغط على مواقع التواصل، حوّل "فيسبوك" إلى ما يشبه المرصد، حيث استعاد الناشطون سلسلة تصريحات ومواقف ذكورية ومهينة بحق النساء اللبنانيات، كان أبطالها شخصيات عامة لبنانية وتحديداً سياسيين وإعلاميين، نستذكر منهم هنا: وزير الخارجية جبران باسيل، وزير العدل أشرف ريفي، وزير الداخلية نهاد المشنوق، الإعلامي في قناة "المنار" (التابعة لحزب الله) علي نور الدين... وغيرها.



الختان في مصر
بالتزامن مع هذه الحملة الشرسة ضدّ ماروني، كانت الناشطون المصريون على مواقع التواصل يشاركون بقرار رئيس البرلمان المصري علي عبد العال بتحويل النائب إلهامي عجينة إلى هيئة مكتب البرلمان للتحقيق معه على خلفية شكاوى قدمت ضده، بعد تصريح خطير قال فيه: "إحنا شعب رجالته بتعانى من ضعف جنسي، بدليل إن مصر من أكبر الدول المستهلكة للمنشطات الجنسية التي لا يتناولها إلا الضعيف، وإذا بطلنا نعمل ختان هنحتاج رجالة أقوياء، ونحن لا نمتلك رجالاً من هذا النوع". وجاء تصريحه المؤيد لختان الإناث في وقت تنشط الحملات المدنية والطبية في مصر، لوقف ختان الفتيات.
وكانت حملة عنيفة قد انطلقت من قبل ناشطين وناشطات على مواقع التواصل، تطالب بالتحقيق مع عجينة وإقالته إن لزم الأمر، بسبب هذا التصريح الذي اعتبر غير مسؤول. وهذا الضغط دفع الصحف العالمية إلى الحديث عن التصريح الذكوري، حيث نقلت "واشنطن بوست" الأميركية الموضوع. واستعادت الأرقام المخيفة للفتيات اللواتي يتعرضن للختان في مصر، وبلغ عددهن حوالى 27 مليون أنثى، مذكرة بأن مصر تعتبر إلى جانب جيبوتي وسيراليون والصومال من أكثر الدول التي لا تزال تنتشر فيها ممارسة ختان الإناث.

كسر المحرمات
هذان الحادثان أو التصريحان الذكوريان حصلا في أسبوع احد، ومن خلالهما أثبتت مواقع التواصل قدرتها المتعاظمة بشكل سريع في تحديد مسار النقاش في الساحة العامة، وتحديداً في القضايا الحقوقية في وقت يتجاهل الإعلام التقليدي بقسمه الأكبر مناقشة هذه القضايا بالجرأة التي تتمتّع بها مواقع التواصل. إذ نجحت هذه المواقع في كسر حاجز المحرمات، تحديداً في مقاربة المواضيع الجنسية، وحقوق المرأة، في العالم العربي، وبعدما نجحت منذ انطلاق الربيع العربي في كسر المحرّمات السياسية.

المساهمون