قوانين الإرهاب في الخليج ومخاوف انتهاك الحريات

25 اغسطس 2014
تدريبات إماراتية ــ أردنية لمكافحة الإرهاب في يونيو (getty)
+ الخط -

أصبحت الإمارات الدولة الثالثة، بعد السعودية والبحرين، بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، التي تصدر قانوناً متشدداً لمكافحة الإرهاب، في غضون شهور، فيما ترتبط دول مجلس التعاون باتفاقية لمكافحة الإرهاب، منذ عام 2004. وقد سمي قانون الإمارات الجديد "مكافحة الجرائم الإرهابية"، ونال انتقادات حقوقية واسعة، كسابقيه، السعودي والبحريني، ويشتمل على 70 مادة، تضمن عقوباتٍ تصل إلى الإعدام، ويتشابه في مواده مع قانوني مكافحة الإرهاب المشار إليهما.

ويرى قانونيون وحقوقيون أن مواد القانون الإماراتي مبهمة وفضفاضة، وتفتح الباب واسعاً أمام انتهاكات خطيرة، قد تطال نشطاء سياسيين وإعلاميين. ونصت المواد على تجريم الاعتداء على الشيوخ في الدولة، من دون تعريف الجرم، مما قد يتيح استغلال نص هذه المادة لمعاقبة المعارضين والمطالبين بالإصلاح، وتعزيز الحريات العامة، إذ ستعد هذه المطالبات بمكانة انتقاد للحاكم. وأغفل القانون تحديد التنظيمات الإرهابية، وتسميتها بأسمائها، مما يتيح للسلطات الإماراتية استغلال القانون مستقبلاً، لقمع أصحاب الرأي وتكميم أفواههم، بتهمة دعم الإرهاب.

وكان المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات قد قطع عطلته الصيفية، وعقد جلسة استثنائية، في 21 يوليو/تموز الماضي، لمناقشة القانون الذي تلقاه من الحكومة قبل يوم واحد. وينص القانون على إنزال عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد على كل من أنشأ أو موّل أو نظّم أو أدار أو تولى قيادة في تنظيم إرهابي، والسجن المؤبد على كل شخص سعى لدى دولة أجنبية، أو تنظيم إرهابي، أو شخص إرهابي، أو أحد ممن يعملون لمصلحة أيّ منهم. ويحظر القانون عقد اجتماعات لأي تنظيم إرهابي، على أرض الإمارات، ويمنح السلطات حق فض هذه الاجتماعات بالقوة.

بموجب التعديلات الجديدة على القانون، يمكن للحكومة الإماراتية إعداد قوائم للشخصيات والمنظمات "الإرهابية" وإنشاء لجنة وطنية لمكافحة الإرهاب، كما يمكنها إنشاء مراكز خاصة، يتلقى فيها المتورطون دورساً دينية وتوعوية مكثفة، بهدف "تحييد خطر حملة الأفكار المتطرفة".
واتهمت منظمة "هيومن رايس ووتش" السلطات الإماراتية بالإجهاز على حرية التعبير، وقمع منظمات المجتمع المدني. وقال "المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان" إن الإمارات تستخدم مواد قانونية متعارضة مع حقوق الإنسان، للتغطية على انتهاكاتها الجسيمة، وطالب السلطات الإماراتية بوقف الاعتقالات التعسفية بحق نشطاء المعارضة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإسقاط التهم المتعلقة بالتعبير عن الرأي بشكل سلمي، أو تكوين الجمعيات. ولفت إلى أن الإمارات تمارس شتى أنواع التضييق، بتهمة تهديد أمن الدولة وإهانة الحكام.
وكانت السعودية قد بدأت، في فبراير/شباط الماضي، العمل بنظام جرائم الإرهاب وتمويله، وعُرف باسم قانون الإرهاب. ووفق تقرير لمنظمة "العفو الدولية"، من شأن هذا القانون أن يرسخ الأنماط السائدة لانتهاكات حقوق الإنسان، كونه سوف يُوظف أداة أخرى، تُضاف إلى أدوات قمع المعارضة السياسية السلمية. ولفتت إلى أن فصوله تشتمل على مواد عديدة، تقيّد الحقوق العامة وحق التعبير وغيرها، بصياغة تعريفات فضفاضة، واستخدام كلمات مطاطة لوصف "الإرهاب". ويعرف القانون الجريمة الإرهابية بأنها "كل فعل يقوم به الجاني، تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي، أو جماعي، بشكل مباشر، أو غير مباشر، يُقصد به الإخلال بالنظام العام، والإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها".

لا يشترط التعريف تجاه نية الشخص المتهم بالإرهاب إلى استخدام وسائل مادية مميتة، أو خطيرة وعنيفة بطرق أخرى ضد تجمع سكاني، أو اتخاذ رهائن، وهي أفعالٌ قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، إنها الأركان المركزية لأي عمل إرهابي. وبحسب "هيومان رايتس ووتش"، يحتوي التعريف الجديد على إضافات طفيفة إلى التعريف الوارد في مسودة قانون 2011، والذي لقي معارضة واسعة آنذاك، لكنه يشبهه إلى حد بعيد. كما أن عناصر فيه تتسم بالغموض الشديد، مثل "الإخلال بالنظام العام" و"زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة" و"الإساءة إلى سمعة الدولة ومكانتها". وتعمم المادة الثالثة من القانون أحكامها على الأشخاص السعوديين وغير السعوديين المقيمين خارج المملكة، وتتحدث عن جريمة "المساس بمصالح المملكة، أو اقتصادها، أو أمنها الوطني أو الاجتماعي"، وهو تعريف فضفاض، قد يوقع آلاف النشطاء والمدونين وكتاب الإنترنت تحت طائلة هذا القانون.
ويعطي القانون لوزير الداخلية الحق في "إصدار أمر بالقبض على من يشتبه في ارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون، وله أن يفوّض من يراه وفق ضوابط يحددها"، مما يعني إغفال دور القضاء وتجاهل أحكامه. كما أن القانون يعطي الحق "لجهة التحقيق" أن توقف المعتقل أو "المتهم" ستة شهور، وتمديدها ستة شهور أخرى، من دون الرجوع إلى المحكمة الجزائية والقضاء، مما يعني أن الاعتقال التعسفي والاحتجاز القسري قد يستمر عاماً من دون أية ضوابط. وتسمح المادة 17 لوزير الداخلية، أو من ينوب عنه، "بمراقبة الرسائل والخطابات والمطبوعات والطرود وسائر وسائل الاتصال، سواء أكان ذلك في جريمةٍ وقعت أو (يُحتمل) وقوعها".

وفي البحرين، وافق الملك حمد بن عيسى آل خلفية، في أغسطس/آب 2013، على تعديلات اقترحها البرلمان، برفع مدد الحبس، التي تصدر بحق المدانين، أو المتورطين، في هجمات إرهابية، وسحب الجنسية من المدانين بالتحريض على الإرهاب. وتضمنت التعديلات توقيع عقوبة السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات على "كل من أحدث، أو شرع في أحداث تفجير أو حاول ذلك، بقصد تنفيذ غرض إرهابي، أياً كان نوع هذا التفجير، أو شكله، وتزيد العقوبة إلى الإعدام أو السجن المؤبد"، إذا نجم عن التفجير موت أو إصابة شخص.
وقد حذرت منظمة العفو الدولية من تعديلاتٍ جرت على قانون مكافحة الإرهاب، وقالت إنها ستؤدي إلى مزيد من انتهاك التزامات البحرين الدولية بحقوق الإنسان، بحسب تعبيرها، وقالت إنه "نظراً للطريقة، التي أساءت فيها السلطات استخدام القانون الحالي لقمع المعارضة، فإن امنظمة العفو الدولية تخشى أن تؤدي هذه التعديلات المقترحة إلى مزيد من تآكل الحقوق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات".
ويوجد على أجندة البرلمان الكويتي مشروع قانون لتشديد مكافحة الإرهاب، تقدم به نائب في مجلس الأمة (البرلمان) في فبراير/شباط الماضي، يشدد عقوبة السجن بحق الكويتيين الناشطين في الخارج، ويشاركون في معارك، أو يشجعون ويدعمون أنشطة مماثلة. ويقترح مشروع القانون عقوبة السجن حتى 30 عاماً لهؤلاء. ويقترح المشروع تطبيق العقوبات نفسها على أفراد الجماعات المصنفين "إرهابيين"، محلياً أو إقليمياً، أو في الدول العربية.

وتعكف دولة قطر على إعداد استراتيجية لمكافحة الإرهاب، تستند إلى عدة محاور، منها القانوني والأمني والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي، وفق بيان قدمه العميد، ناصر يوسف المال، مقرر اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب أمام الجلسة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو/حزيران الماضي. وسبق لمجلس الشورى القطري أن أوصى، لدى مناقشته مشروع قانون لمكافحة الجرائم الإلكترونية، في فبراير/شباط الماضي، بتشديد الرقابة على شبكات المعلومات والمواقع الإلكترونية للوزارات. ودعا إلى "معاقبة كل من ينشئ موقعاً لجماعة أو تنظيم إرهابي، أو ينشئ موقعاً لنشر أخبار غير صحيحة، من شأنها تعريض سلامة الدولة للخطر". 
ولم تصدر سلطنة عمان أية قوانين أو تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب منذ عام 2007، والذي شهد إصدار قانون مكافحة الإرهاب، ونص على الإعدام أو السجن لكل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار تنظيماً إرهابياً أو تولى زعامةً أو قيادة فيه. ونص على السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات، ولا تقل عن خمس لكل من انضم إلى تنظيم إرهابي، أو شارك فيه، بأية صورة مع علمه بأغراضه. واختص محكمة أمن الدولة بالفصل في القضايا، والنظر في التظلمات، التي ترفع إليها من أوامر الحبس. وفرض عقوبة السجن لكل من عرّض عمداً، لغرض إرهابي، حياة الناس، أو سلامتهم للخطر، وتكون العقوبة الإعدام إذا أفضى الفعل إلى موت شخص. وعقوبة السجن المطلق والمؤقت مدة لا تقل عن 10 سنوات لكل من اختطف بأية طريقة أو وسيلة من وسائل النقل الجوي أو البري أو المائي، بهدف ارتكاب جريمة إرهابية.