قنوات التهريج وإعلام الجزيرة

11 اغسطس 2017
+ الخط -
لو أردنا تقييم النهج الإعلامي لقناة العربية، ومثلها كثير من قنوات الضوضاء والصخب اليومي، لجاز لنا التوقف عند أكثر من فضول، يثير استغرابنا ودهشتنا العامة، ولوجدنا كماً هائلاً من التأملات التشخيصية لطبيعة هذا الأداء المختلف الذي لا يتماشى مع معايير المصداقية في شيء، ولا يخدم أدنى الإعتبارات المعقولة، للمخاطبة الموضوعية والسلوك الأمين.
تخطئ هذه القنوات دائماً في مقابل ما تتناوله من تهريج مخالف للحكمة الصائبة، وتمتد مفارقتها غير السوية إلى الحد الذي يجعلنا نشكو مراراً خروجها عن المهنية الشريفة والتناول الصادق، وتظهر في تعاطيها القضايا المصيرية، كما لو أنّها متنكّرة لعمقها القومي العروبي وثوابت الأمة الواحدة.
تبدو في ضوء حصرنا لها نسخة مكرّرة للتقاليد السائدة للدول المفلسة، وبوقاً دعائياً للأنظمة المتهالكة، ورجع الصدى للأصوات المأزومة، وبصورة دقيقة لا تعني سوى ضجيج مفتقد لعنصر القابلية عند الواعين من الناس، ما جعل علاقتها بالشعوب ضدّية وتعاليها عن العمل المؤسسي والوظيفة الأخلاقية تعالياً مذموما.
وحين يتمحور تركيزها على استهداف الكينونة الجامعة للإنتماء الواحد، كما هو شأنها في الغالب، تتجلّى أدوارها القبيحة تبعاً للمشاريع المغايرة وتتوالد عندها سرعة الأجوبة الجاهزة للتشويش المتعمّد عن كلّ نشاط تعبوي، قد يقود إلى مشاريع التغيير ويتطلع إلى حياة كريمة.
لكن الأمر في مجمله يشير إلى أنها لم تعد تتناسب مع وعي المتلقي، ولا تدور مع حاجته للاهتمام بالمسائل المتعلقة بمستقبله، طالما وهي لون من ألوان الخداع والفكرة المهادنة، ومادام ومجالات قناة الجزيرة مفتوحة لمكمن الوعي المجسد لفكرة الواجب المقدس، ومنبراً متاحاً للتعبير عن دور العقل وتطلعاته الشاملة، بل ومتاعاً متصلاً بما تستحقه الأصالة من توجّهات معاصرة، لا قلق إذاً من تعدّد الوسائل الضاجّة بالأحقاد الدفينه والمخططات المشبوهة.
لهذه السمات الماثلة التي تميز إعلام الجزيرة عن غيرها من القنوات الفضائية علاقة مزدهرة مع خطنا العريض، وتسهم مباشرة في حصولنا على أطروحات متقدّمة خارقة لعادة الفعل المألوف بتهيئة ناضجة ملائمة لظروف المستقبل.
جاءت قناة الجزيرة نتاجاً لمسيرة الأمل في صنع الأحداث والتحولات المهمة، وفيصلاً يتعدّى حدود الاحتكار إلى ممارسة فعلية للأفكار الحرّة والقضايا المختلفة.
وهنا أصبح حضورها معبّراً عن معنى الحاجة لوجودها، وثمرة سائدة لفاعلية القناة في الأذهان، وتجربة مناهضة لأدوات الزيف والتضليل.
وعلاوةً على مكانتها اللائقة في وجدان المشاهد العام، فإنّ التزامها القضايا العربية والقومية ثوابت معلومة، ولا يمكنها الخروج عنها أو تحييدها مهما كانت الضغوط وحجم التحديات.
هذا الحدث الأبرز الذي تجلّى بالجزيرة الإعلامية يضعنا أمام قدرات تنويرية مبدعة، تشتغل على إنتاج المعرفة الهادفة بمواكبة تفاعلية، وهو ما جعلنا ننسجم مع واقع تأثيرها العميق عن قناعة كاملة.
57C8D311-2EBC-4E90-85D3-A174EC18BA9C
57C8D311-2EBC-4E90-85D3-A174EC18BA9C
فوزي الحقب (اليمن)
فوزي الحقب (اليمن)