لا قدرة للفلسطينيين على الردّ على رصاص وقنابل الاحتلال التي تقتلهم وتصيبهم. لكنّ بعض الأفكار من غزة تثبت أنّ الفلسطينيين شعب مقاومة وصمود وسلام
يحضر على الحدود الشرقية لقطاع غزة منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس/ آذار الماضي، ويحرص على أن يُحضِر أبناءه معه، لكن يأمرهم بعدم الاقتراب من السلك الحدودي لعدم الإصابة بأذى. بعدما أصيب عدة مرات بالاختناق من الغاز المسيل للدموع، قرر أن يحوّل القنابل الفارغة منها إلى قوارير صغيرة يضع فيها زرعاً صغيراً يواجه فيه الاحتلال بقنابل السلام بدلاً من قنابل القتل.
أحمد عبد الكريم أبو عطايا (أبو بلال) يبلغ 47 عاماً، وهو أب لسبعة أبناء، تعود أصوله إلى قبيلة التياهة من مدينة بئر السبع جنوب فلسطين، ويعمل عسكرياً في أحد الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة غزة السابقة. وضعه المعيشي صعب مع تقاضيه 40 في المائة فقط من راتبه كلّ 40 يوماً، لكنّه من الناشطين والمشاركين الأساسيين في مسيرات العودة على الحدود الشرقية.
ينشط أبو عطايا كلّ يوم جمعة منذ الصباح الباكر على الحدود الشرقية لمدينة غزة، وفي منتصف كلّ أسبوع يتوجه إلى الحدود الشرقية ومعه عائلته وعائلات أشقائه. يقول إنّه يتنفس هواء بلاده هناك، إذ ينظر إليها من بعيد، لأنّ والده كان يقيم في قرية صغيرة اسمها محرقة، تتبع لمدينة بئر السبع وتبعد من السلك الحدودي الفاصل 3 كيلومترات.
بدأت الفكرة لدى أبو عطايا عندما لاحظ المئات من القنابل الفارغة تنتشر على الحدود الشرقية. وبعد شهر ونصف من انطلاق المسيرات، قرر أن يجمعها وينقلها إلى منزله لتكون ذكرى، لكنّه قام بتصميم قنابل صغيرة على شكل سبحة كبيرة، ولاقت إعجاباً من أقاربه وأصدقائه، وأهدى بعضهم إياها، ثم بدأ يفك القنابل الكبيرة ويزرع فيها، مثل النعناع والريحان والورد والمريمية.
جمع أبو عطايا أكثر من 1500 قنبلة كبيرة ومتوسطة وصغيرة من الحدود الشرقية. ويقذف الاحتلال أنواعاً عديدة من قنابل الغاز الحارقة، كما يشير أبو عطايا بأحجام مختلفة. من القنابل التي جمعها قنبلة 400 ملم التي تقذف من طائرة صغيرة، وقنبلة من عيار 200 ملم وتقذفها أسلحة الاحتلال الثقيلة، وهي أخطر أنواع القنابل لأنّها في شكل رصاصة كبيرة وتسبب الحرق لأيّ جسد بشري تصطدم به، وهناك عيار 100 ملم التي تطلقها بنادق جنود الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى عيار 50 ملم.
بعد جمعها، يضعها أبو عطايا في وعاء كبير فيه ماء وتترك على مدار يومين، ثم يضع عليها منظفات صابون وكلور ويتركها يومين آخرين، ثم يفركها ليزيل عنها أي مادة كيميائية، ويستخدمها لتصميم أشكال فنية أو قوارير صغيرة.
يقول أبو عطايا لـ"العربي الجديد": "الحياة في غزة مدمرة، الأسواق فارغة، والأسر تشعر بضيق، والموت والحياة يتساويان، ولهذا توجهنا إلى الحدود الشرقية مع مسيرات العودة، ومنذ 70 عاماً حتى الآن لم تستمر مسيرات بهذا الشكل، وهذا دليل على الالتفاف الشعبي عليها، وهي صورة عنا أننا نريد الحرية والسلام والعيش الكريم، لكن واجهنا الاحتلال بالقتل، ومن هنا أحول قنابله إلى شيء جميل أزرع فيه".
أصيب أبو عطايا في فخده بشظايا رصاص في أول يوم جمعة من مسيرات العودة في 30 مارس/ آذار الماضي. كذلك، أصيب في العديد من المرات بالاختناق نتيجة استنشاقه الغاز المسيل للدموع، كما أغمي عليه في إحدى المرات وفقد توازنه ووقع، فنقل للعلاج في المستشفى طوال يومين، وطلب منه الأطباء عدم التعرض للغاز المسيل للدموع، لكنّه ما زال يتوجه إلى الحدود للمشاركة عن بعد بهدف جمع القنابل الفارغة، وهو بصدد جمع أكبر عدد منها ليصنع منها مجسماً كبيراً لمفتاح العودة. وأصيب أربعة من أبناء أشقائه خلال مسيرات العودة، أحدهم كانت إصابته بقنبلة غاز حارقة في رأسه، وآخر أصيب برصاصة متفجرة في يده، وثالث برصاصة في قدمه، والأخير باستنشاق شديد لغاز الأعصاب الذي تسبب بغيبوبة له طوال يومين.
يقول أبو عطايا: "الاحتلال يتفاخر بأسلحته ضدنا، والولايات المتحدة تمد إسرائيل بسلاح متطور من ميزانيتها، لقتل النفس البشرية. هذه الأسلحة هي نفسها تستخدم للحروب في اليمن والعراق، للقتل والتدمير. أردت أن أزرع في القنابل وأرسل رسالة كبيرة إلى كلّ الشعوب، أنّي أزرع السلام في قنابل الدمار، فلو أنفقت المليارات المنفقة على الأسلحة على الدول الفقيرة لنهضنا جميعاً".
اقــرأ أيضاً
يتمتع أبو عطايا بموهبة نظم الشعر والارتجال فيه. ورثها عن والده الذي كان مختاراً للعائلة وكان ينافس كبار القبائل البدوية قبل النكبة في الشعر. وها هو اليوم يضيف الأشكال الفنية من قنابل الاحتلال إلى أشعاره التي تتحدث عن مسيرات العودة.
يحضر على الحدود الشرقية لقطاع غزة منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس/ آذار الماضي، ويحرص على أن يُحضِر أبناءه معه، لكن يأمرهم بعدم الاقتراب من السلك الحدودي لعدم الإصابة بأذى. بعدما أصيب عدة مرات بالاختناق من الغاز المسيل للدموع، قرر أن يحوّل القنابل الفارغة منها إلى قوارير صغيرة يضع فيها زرعاً صغيراً يواجه فيه الاحتلال بقنابل السلام بدلاً من قنابل القتل.
أحمد عبد الكريم أبو عطايا (أبو بلال) يبلغ 47 عاماً، وهو أب لسبعة أبناء، تعود أصوله إلى قبيلة التياهة من مدينة بئر السبع جنوب فلسطين، ويعمل عسكرياً في أحد الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة غزة السابقة. وضعه المعيشي صعب مع تقاضيه 40 في المائة فقط من راتبه كلّ 40 يوماً، لكنّه من الناشطين والمشاركين الأساسيين في مسيرات العودة على الحدود الشرقية.
ينشط أبو عطايا كلّ يوم جمعة منذ الصباح الباكر على الحدود الشرقية لمدينة غزة، وفي منتصف كلّ أسبوع يتوجه إلى الحدود الشرقية ومعه عائلته وعائلات أشقائه. يقول إنّه يتنفس هواء بلاده هناك، إذ ينظر إليها من بعيد، لأنّ والده كان يقيم في قرية صغيرة اسمها محرقة، تتبع لمدينة بئر السبع وتبعد من السلك الحدودي الفاصل 3 كيلومترات.
بدأت الفكرة لدى أبو عطايا عندما لاحظ المئات من القنابل الفارغة تنتشر على الحدود الشرقية. وبعد شهر ونصف من انطلاق المسيرات، قرر أن يجمعها وينقلها إلى منزله لتكون ذكرى، لكنّه قام بتصميم قنابل صغيرة على شكل سبحة كبيرة، ولاقت إعجاباً من أقاربه وأصدقائه، وأهدى بعضهم إياها، ثم بدأ يفك القنابل الكبيرة ويزرع فيها، مثل النعناع والريحان والورد والمريمية.
جمع أبو عطايا أكثر من 1500 قنبلة كبيرة ومتوسطة وصغيرة من الحدود الشرقية. ويقذف الاحتلال أنواعاً عديدة من قنابل الغاز الحارقة، كما يشير أبو عطايا بأحجام مختلفة. من القنابل التي جمعها قنبلة 400 ملم التي تقذف من طائرة صغيرة، وقنبلة من عيار 200 ملم وتقذفها أسلحة الاحتلال الثقيلة، وهي أخطر أنواع القنابل لأنّها في شكل رصاصة كبيرة وتسبب الحرق لأيّ جسد بشري تصطدم به، وهناك عيار 100 ملم التي تطلقها بنادق جنود الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى عيار 50 ملم.
بعد جمعها، يضعها أبو عطايا في وعاء كبير فيه ماء وتترك على مدار يومين، ثم يضع عليها منظفات صابون وكلور ويتركها يومين آخرين، ثم يفركها ليزيل عنها أي مادة كيميائية، ويستخدمها لتصميم أشكال فنية أو قوارير صغيرة.
يقول أبو عطايا لـ"العربي الجديد": "الحياة في غزة مدمرة، الأسواق فارغة، والأسر تشعر بضيق، والموت والحياة يتساويان، ولهذا توجهنا إلى الحدود الشرقية مع مسيرات العودة، ومنذ 70 عاماً حتى الآن لم تستمر مسيرات بهذا الشكل، وهذا دليل على الالتفاف الشعبي عليها، وهي صورة عنا أننا نريد الحرية والسلام والعيش الكريم، لكن واجهنا الاحتلال بالقتل، ومن هنا أحول قنابله إلى شيء جميل أزرع فيه".
أصيب أبو عطايا في فخده بشظايا رصاص في أول يوم جمعة من مسيرات العودة في 30 مارس/ آذار الماضي. كذلك، أصيب في العديد من المرات بالاختناق نتيجة استنشاقه الغاز المسيل للدموع، كما أغمي عليه في إحدى المرات وفقد توازنه ووقع، فنقل للعلاج في المستشفى طوال يومين، وطلب منه الأطباء عدم التعرض للغاز المسيل للدموع، لكنّه ما زال يتوجه إلى الحدود للمشاركة عن بعد بهدف جمع القنابل الفارغة، وهو بصدد جمع أكبر عدد منها ليصنع منها مجسماً كبيراً لمفتاح العودة. وأصيب أربعة من أبناء أشقائه خلال مسيرات العودة، أحدهم كانت إصابته بقنبلة غاز حارقة في رأسه، وآخر أصيب برصاصة متفجرة في يده، وثالث برصاصة في قدمه، والأخير باستنشاق شديد لغاز الأعصاب الذي تسبب بغيبوبة له طوال يومين.
يقول أبو عطايا: "الاحتلال يتفاخر بأسلحته ضدنا، والولايات المتحدة تمد إسرائيل بسلاح متطور من ميزانيتها، لقتل النفس البشرية. هذه الأسلحة هي نفسها تستخدم للحروب في اليمن والعراق، للقتل والتدمير. أردت أن أزرع في القنابل وأرسل رسالة كبيرة إلى كلّ الشعوب، أنّي أزرع السلام في قنابل الدمار، فلو أنفقت المليارات المنفقة على الأسلحة على الدول الفقيرة لنهضنا جميعاً".
يتمتع أبو عطايا بموهبة نظم الشعر والارتجال فيه. ورثها عن والده الذي كان مختاراً للعائلة وكان ينافس كبار القبائل البدوية قبل النكبة في الشعر. وها هو اليوم يضيف الأشكال الفنية من قنابل الاحتلال إلى أشعاره التي تتحدث عن مسيرات العودة.