وفي هذا الإطار، يتوقع الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، أن تتعلق صفقة بوتين وترامب بضغط موسكو على النظام السوري بهدف تقليص النفوذ الإيراني مقابل بقاء الأسد. ويقول سيميونوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، "على الأرجح، ستتعلق الاتفاقيات بصفقة ستضغط روسيا بموجبها على دمشق للحد من النفوذ الإيراني في سورية مقابل عدول الولايات المتحدة عن المطالبة برحيل الأسد. وحتى قد تبدأ بسحب القوات الأميركية من سورية". وحول كيفية تصرف روسيا للجمع بين إتمام الصفقة وعدم إفساد علاقاتها و"تحالف الضرورة" مع إيران، يقول سيميونوف "قد تقدّم روسيا الأمر على أنه سحب لجميع القوات الأجنبية من البلاد، من دون ذكر إيران صراحة. ومع ذلك، هناك شكوك في قدرة موسكو على تقليص نفوذ إيران بعد بسط هذه الأخيرة السيطرة على حلب ودير الزور، مثلما سيطر حزب الله على الأراضي السورية على الحدود مع لبنان بشكل كامل". وفيما يتعلق بكيفية تطبيق الصفقة، يوضح أنه "إذا تمت الصفقة، فستدعمها الولايات المتحدة بخطوات محددة، مع التقدم في تقلص النفوذ الإيراني. لذلك، سلمت واشنطن المعارضة في درعا والقنيطرة لموسكو ودمشق على سبيل دفعة مقدمة".
بدوره، يشير كبير الباحثين في "مركز السياسة الراهنة" في موسكو والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي، فيكتور أوليفيتش، إلى أن واشنطن تخلت فعلياً عن فكرة إسقاط الأسد، وباتت تبحث فقط عن ردع النفوذ الإيراني، مستبعداً، في الوقت ذاته، احتمال التوصل إلى أي صفقة بشأن الأزمة الأوكرانية التي اندلعت في عام 2014 وتسببت في أكبر توتر بين روسيا والغرب منذ انتهاء "الحرب الباردة". ويقول أوليفيتش، في حديث لـ"العربي الجديد"، "لن يتم إبرام صفقة كبرى، إذ لن تغير موسكو موقفها من الأحداث في أوكرانيا، ولكنها قد تؤدي دوراً مهماً للوساطة في الملف السوري بفضل علاقاتها الجيدة مع كل من إسرائيل وتركيا وسورية وإيران في آن معاً". ويوضح، رداً على سؤال حول مدى قدرة روسيا في التأثير على إيران، "لن تتمكن موسكو من التأثير على طهران حتى إذا أرادت ذلك، لأن طهران هي التي أرسلت قوات برية للقتال في سورية، بينما اقتصر الدور الروسي على عمليات القوات الجوية الفضائية وإيفاد الشرطة العسكرية. لن تُقدِم روسيا على خطوات معادية لإيران، ولكنها قد تساهم في الوساطة".
وفيما يتعلق بدوافع روسية أخرى لعقد القمة، يقول أوليفيتش "بالنسبة إلى روسيا، فإن عقد القمة هو نجاح في حد ذاته ومؤشر على خروجها من عزلتها، لا سيما بعد نجاحها في تنظيم كأس العالم لكرة القدم الذي حضره عدد من القادة الأوروبيين. تثبت روسيا أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي، ولها دور في تسوية الأزمات". أما دوافع واشنطن، فيلخصها بالقول "ليس صدفة أن الولايات المتحدة اتخذت قرار عقد القمة في الوقت الحالي، إذ إن علاقاتها مع الصين في تدهور مستمر. يدرك ترامب وأنصاره أن المواجهة مع روسيا والصين في آن معاً لن تحقق النتائج المرجوة، فيبحثون عن إبعاد موسكو عن بكين. ولكن أي محاولات لاستخدام روسيا في مواجهة الصين لن تفلح".
ويلتقي بوتين وترامب للمرة الثالثة اليوم، فيما يعتبر أول قمة متكاملة بينهما، إذ عقد الاجتماعان الأول والثاني على هامش فعاليات أخرى، أولهما خلال قمة مجموعة الدول العشرين في مدينة هامبورغ الألمانية قبل نحو عام، وثانيهما على هامش قمة "أبيك" في فيتنام في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وعشية توجه بوتين إلى هلسنكي، كشف مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، أن القمة ستشمل محادثات وجهاً لوجه بحضور المترجمين فقط، وستليها محادثات موسعة بحضور أعضاء الوفدين، ومؤتمر صحافي مشترك. من جهته، سارع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لخفض سقف التوقعات من نتائج القمة، معتبراً، في حديث لقناة "روسيا اليوم" الروسية الناطقة بالإنكليزية، أن استئناف الاتصالات بشأن القضايا الخلافية سيكون نجاحاً في حد ذاته.