قمة الأزمات في إسطنبول: روحاني والملك سلمان بضيافة أردوغان

13 ابريل 2016
اجتماع وزاري سبق القمة أمس (عارف هودفيردي يمان/الأناضول)
+ الخط -
تنعقد يوم غد الخميس، ولمدة يومين، اجتماعات مؤتمر القمة الإسلامي الثالث عشر على مستوى رؤساء الدول، في مدينة إسطنبول التركية، في ظل خلافات إسلامية - إسلامية واسعة، أبرزها الخلاف السعودي الإيراني، والتركي المصري، والذي يشمل أهم القضايا الساخنة في المنطقة. ويُنتظر أن تقر القمة، التي تنعقد تحت شعار "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام"، الخطة العشرية 2015-2025، والتي تحدد الخطوط العامة والأدوار التي تلعبها دول منظمة التعاون الإسلامي، في مجالات متعددة، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.

الطابع العام لبرامج القمة الإسلامية يجعلها أقرب إلى البروتوكولية، منها إلى الخروج بقرارات حقيقية فاعلة على المستوى الدولي، إذ سيتم اعتماد المشاريع التي تم التباحث حولها مسبقاً في منظمة التعاون الإسلامي، والتي حددت أولويات القمة بعدة نقاط على المجال السياسي، أبرزها تقديم الدعم للفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولة الضغط دولياً من أجل إطلاق عملية سياسية، تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني.

وتكتسب القضية الفلسطينية أهمية محلية في تركيا هذه الأيام، في ظل مفاوضات تركية إسرائيلية لتطبيع العلاقات بين البلدين، الأمر الذي اشترط له الجانب التركي لاستكماله، رفع الحصار عن غزة. وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، قد أعلن قبل يومين، أن أنقرة "لم تتخلّ عن مطالبها برفع الحصار عن قطاع غزة"، متوقعاً أن تستمر المحادثات بين الطرفين لأسابيع مقبلة.

وستبحث القمة، بصورة مكثفة، قضية الروهينغا في ميانمار، إذ يُتوقَّع أن تناقش القمة التطورات في ما يتعلق بحقوق المسلمين هناك، وقد سمّت منظمة التعاون الإسلامي، في وقت سابق، وزير الخارجية الماليزي السابق، حامد البار، مبعوثاً خاصاً للمنظمة لمتابعة تطورات أوضاع اللاجئين من الروهينغا، الذين يعانون من اضطهاد ديني واجتماعي واسع، إذ حُرموا من أية حقوق سياسية أو اقتصادية، في ظل رفض الحكومات المتعاقبة في ميانمار منحهم أوراقاً ثبوتية، تعترف بهم كمواطنين.


وتأتي القمة في ظل انقسامات حادة أيضاً بين دول منظمة التعاون الإسلامي، حول قيادة السعودية للتحالف العربي في اليمن، ودعمها مع تركيا وقطر، المعارضة المسلحة في سورية، بالإضافة إلى قيادة السعودية لمحور خليجي عربي، يقف ضد التدخّلات الإيرانية في المنطقة، ويواجه أدواتها فيها. ويدخل في هذا الإطار، طرح السعودية موضوع تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، في المداولات التحضيرية للقمة الإسلامية، الأمر الذي واجه اعتراضات، من لبنان والعراق والجزائر وإندونيسيا وإيران. وتمثّل الأخيرة قيادة المحور المضاد للسعودية إسلامياً، والداعم لمليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، في اليمن، وحزب الله في لبنان. كما تدعم طهران النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، وتسهّل تجنيد وتمرير مليشيات عراقية وأفغانية ولبنانية، بالإضافة إلى دعم الحرس الثوري الإيراني المباشر، لحماية النظام السوري.

وكانت أنقرة قد عرضت في وقت سابق، وساطتها بين الطرفين السعودي والإيراني، على خلفية قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في يناير/كانون الثاني الماضي. لكن هذا العرض لم يلق قبولاً، خصوصاً مع النظر إلى تركيا، في إيران، كطرف في محور مع السعودية وقطر يقف ضد أجندتها في سورية، واعتبار السعودية أن مشكلتها مع إيران تتجاوز اقتحام السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، على خلفية إعدام الرياض لنمر النمر، بل تتعلق بتدخّلات إيران الواسعة في الدول العربية، ومحاولة زعزعة استقرار دول الخليج.
كل هذه الأجواء تجعل الاتفاق على ما يفوق "البروتوكول" في القضية الفلسطينية على سبيل المثال، أمراً بالغ الصعوبة، على الرغم من وجود ملفات ملحّة في المنطقة، تتمثّل بالإرهاب، ومواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي يسيطر على أراضٍ واسعة في العراق وسورية.

هذا التباين الإسلامي-الإسلامي، يظهر أيضاً في قضية مواجهة الإرهاب، وإعلان السعودية التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي لم يشمل إيران، الدولة الفاعلة على الأرض في العراق وسورية، والداعمة لمليشيات "الحشد الشعبي" والحكومة العراقية، والنظام السوري، والتي تدعي أنها تحارب الإرهاب "بطريقتها" من خلال التنسيق مع الجانب الروسي. لذا من المستبعد أن تحقق القمة الإسلامية أي انفراج في المواجهة الإقليمية بين السعودية وإيران، في ظل استمرار التدخّلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، الأمر الذي يُعدّ خطاً سعودياً أحمر.

كذلك تأتي القمة الثالثة عشرة في وضع استثنائي لأهم الدول الإسلامية في المنطقة، لا سيما السعودية وتركيا، التي تترأس القمة الحالية، ومصر التي تستلم رئاسة القمة، وسط توتر للعلاقات بين أنقرة والقاهرة منذ الانقلاب على الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. فالسعودية، التي تمتلك علاقات جيدة مع مصر وتركيا، تحاول ردم الهوة بين البلدين، وقامت بإقناع الجانب المصري برفع تمثيل مصر في القمة، ليترأس الوفدَ المصريَّ، وزيرُ الخارجية سامح شكري، بدلاً من أحد مساعديه. وتأتي الجهود السعودية في ظل ممانعة تركيا لتطبيع العلاقات مع مصر، الأمر الذي اعتبره ياسين أكتاي، نائب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في أنقرة، مركزياً في سياسات بلاده، إذ قال في حوار مع صحيفة "العربي الجديد" أخيراً: "لا توجد مشكلة بين الشعب التركي والشعب المصري، مشكلتنا مع الانقلاب العسكري في مصر، الذي نتمسّك بأنه غير شرعي وغير مقبول".

وتحاول الرياض، جاهدة، إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة، والدفع باتجاه تجاوز أنقرة والقاهرة خلافاتهما، وإعطاء الأولوية للملفات الإقليمية العالقة، خصوصاً في العراق وسورية، لا سيما على مستوى مواجهة تنظيم "داعش"، والنفوذ الإيراني في المنطقة، الأمر الذي تتقاسم فيه الرياض والقاهرة وأنقرة وجهات نظر متقاربة حياله، وإن لم تشارك مصر بشكل فاعل، في التحالف العربي في اليمن، والذي تُعدّ جزءاً منه. كما أن المواقف المصرية اتسمت بالضبابية، من التحركات السعودية التركية القطرية، في سورية.

المساهمون