من زمن آخر
اركضوا بسرعة لإيقاظ الماء من السّبات. لطالما رجوتكم أن تفعلوا منذ زمن.
الحجارة لا تعلوها التجاعيد دفعة واحدة. كذلك الضوء
لا يتجمّد من الصرخة الأولى المفاجئة. اللامتوقع المداهِم يركل الأرض دائماً خلسة. إذا كنت لا تريد إجراء فحوصات للصدر، فالأمر مختلف الآن، لقد تغيّر الزمن. الفرق الطبية الزائرة من كافة الاختصاصات تخفي الآثار الجانبية للقُبلات المجانية الموقعة على البطاقات البريدية. يُنصح بالانغلاق داخل مظروف أمني للسلامة. كلمات الحب المتأخرة بعد انقضاء مهلة شبابٍ تَبدّد منذ زمن تطرق باب جدّة مفقودة منذ عقود. إنها تتطلع إليّ مدندنة فيما تكتب بدموعها: كم يتسنى للأزواج في السجن أن يتحدوا بشكل غير مسبوق. الأجساد سعيدة تتشابك أياديها. لكنني لن أزرع طائرتي الورقية بعد الآن في الأرض التي أغرقتني. مهما بدت غير بريئة. ما دامت محلقة في أفقي.
■ ■ ■
جمارك
هل لديك أمتعة تصرّح بها؟
القليل من الملح
الذي يوقظ الجراح
عوّامة
تساعد الذكريات
على سبر أغوارها
قطاعة الورق
لفتح أيام لم تكتب بعد
ومقص
لتدشين حدود جديدة.
■ ■ ■
أزهار التوليب
رأيت في حلمي أزهار توليب أرجوانية
مقطوفة حديثا على أرض الربيع
طوال الليل اتصلت بأقربائي
للذهاب إلى المنطقة المحتلة
وقطف أزهار التوليب بملء الأيادي
لا تذهبوا بعيدا، قالت أمهاتنا، يوجد الأتراك
الأتراك الذين لم نرهم أبدا
لا يوجد سوى سجّاد موشّى بالألوان على طول التلال الثملة
لكن في وقت لاحق قدموا من حيث لم نكن ننتظرهم
من السماء عبر النزول من المظلات
أزهار توليب مقلوبة
ربيع منهمر.
■ ■ ■
دودة القز
تحت ورقة التوت
اختبأتُ مثلما بثرة سوداء
عندما غادرتني
لكن في نهاية أبريل
لا بد لي من الخروج
سأصير دودة قز
سوف ألتهم جميع أقمشتك
لا محالة
سأخرج في النهاية
من شرنقتك
■ ■ ■
ابتسامة
أنا على ما يرام
أحيانا يرتفع البيت حتى يصل إلى خصري
أحيانا أستيقظ لأجدني في ظلمات الهاوية
لا يمكنني أن أشتكي
على الطاولة طبق من الأرغفة
استَوت كما يجب
فوق تشققاتها
قرأتُ ابتسامة
ستتحول إلى سنبلة
■ ■ ■
جسد لا يسعني
يضيق بي جسدي أكثر مما ينبغي
أعرف هذا،
لقد فات أوان التغيير
بحلول اليوم السابع فقط
وأنا
منذ ما يقرب أربعين سنة
أبتعد بأقصى سرعة
من مخازن التعاضدية
لأنني أضعت القسيمة
كيف يمكنني التعرّف
إلى بكائي الحديث الولادة
محاطاً الآن
بصرخات كثيرة
كلّما ضاق بي جسدي أكثر مما ينبغي
كلّما استطالت الطرقات أكثر
كلّما تكاثرت الحجارة البيضاء الصغيرة
للعودة
وأسرفت الجيوب
في الانكماش
■ ■ ■
صيام
أمتعتني للغاية
رسالتك الأخيرة
هذا الأبيض على طول الصفحة
التنهدات
والنظرات الفائقة
التي عهدتِ بها
إلى تذييل صمتك للرسالة
لكَم أمتعتني حقاً
سأجيبك
كما يليق بك
صَومي سوف يشمل إلى الأبد
اسمك.
■ ■ ■
بأية طريقة
بالتأكيد من الصعب أن تفهم
لماذا نقبِّل الخبز
الذي وقع على الأرض
بالتأكيد من الصعب أن تفهم
لماذا نحتفظ بأجمل الزهور
للجمعة المقدسة
لماذا نرشّ الماء
وراء من يذهب منّا في رحلة
بالتأكيد من الصعب أن تفهم
لماذا نرتِّب سريرنا
قبل أن نتعجل الفرار مطارَدِين من المظلّيين
الذين ينزلون في ساحتنا.
■ ■ ■
غاضبة
كنتِ غاضبة
هل تتذكرين يا أمي؟
عندما تناولتُ خلسة أحمر شفاهك
وجرحتُ الجدار
الأبيض بالكامل
بلطخة مديدة
لقد نزفت يداك
لتنظيفها
عندما فرق الإنقاذ
سوف ترفع الجدار
الأبيض بالكامل
الذي كسر وجهي إلى قطع متناثرة
أخشى من جديد
أن تكوني غاضبة
كم ستنزف سنواتك
لتنظيفها
ما هو مقاس الموت
العجوز
كيف تسنّى لقدمه الانزلاق
سلساً داخل صندلك؟
■ ■ ■
مهاجر صغير
خبئوني، قالت الطائرة الورقية
وتسللوا
من وراء خزانة آنية المائدة الفضية.
هؤلاء الذين يحافظون على التوقعات المتلألئة
لزفاف الفتاة الذي لم يحدث قط
بينما تسلّلت الطائرة الورقية من النافذة
مجهِشةً ببكاءٍ مرير
على الرغم من الابتسامة المرسومة على هيئتها.
الرياح التي تهبّ بجنون
جرفت طفلاً صغيراً أمام عتبة بيتنا
والدته التي عهدت به إلى عارضة الطائرة الورقية
أرسلته لتجربة حظه في مكان آخر:
لا تخِفه
لكن ماذا تفعل هنا؟
قبِّله على فمه حتى يتنفس
هل تحرّكت جفونه أم أنني أتوهم؟
رياح الشمال تعصف بقوة
وترفع الطفل عاليا في السماء
فيما تشقّ النساء جيوبهن
كما لو كان فلذة أكبادهن
من ارتقى طائراً في جناح الملاك
دعوهن يبكين عليه
همست الطائرة الورقية
حتى لا يصعد بدون دموع إلى سماء مجهولة
اليوم مكتوب على الصفحة البيضاء أن يغادر
سيكون أفضل من أن يشيخ مثلي بلا عقِب
تفكّر العانس -
لكن لمن تستطيع القول.
■ ■ ■
زقاق مطير
ينهمر القطر متصلاً من جانب واحد
في الجانب المعاكس تقف البروق وحدها
ملوحةً بصواعق على أتم الاستعداد
كلّما رأت الوحدة بدون رهبة في العيون
زقاق الانهمار الوحيد
اليوم لا أضع عيوني
لكننّي أجد طريقي بسهولة
أعرف
أنت على اليمين
أنت على اليسار
كيف لي أن لا أفقدك؟
* Pambos Kouzalis شاعر من جزيرة قبرص، ولد في مدينة نيقوسيا حيث يعيش اليوم. درس تاريخ الفن وعلم الآثار في جامعة أثينا، ويعمل في التدريس وينشط في الحقل الثقافي. بالإضافة إلى مجموعاته الشعرية، شارك كوزاليس في إنتاجات مسرحية وتلفزيونية من خلال كتابة نصوص غنائية. نعثر في شعره على صوت شخصي، وخصوصية قبرصية تجمعه مع أقرانه الشعراء هناك، رغم انتمائهم إلى تقاليد الشعر اليوناني.
** ترجمة: ميشرافي عبد الودود