وفي السياق ذاته، حذر تقرير صادر عن ديوان استخبارات وزارة الدفاع العراقية، أمس الأربعاء، مما وصفه "تحول تنظيم داعش من مرحلة الوجود المادي على الأرض العراقية الى خلايا وجيوب تنتشر في كل مكان وتمنع استقرار المدن وقد تسقطها متى ما تشاء".
وينقل ضابط رفيع في الجيش العراقي عن التقرير تحذيره من أن "التنظيم كان بإمكانه، أخيراً، السيطرة على مناطق عدة في هيت وكبيسة وبيجي بعدما هاجمها بسيارات مفخخة ومقاتلين، لكنه عوضاً عن ذلك انسحب بعد إسقاطه العشرات من القوات الأمنية والمليشيات الى مناطق مجهولة وتلاشى عن الأنظار".
ووفقاً للضابط نفسه، يشدد التقرير على "ضرورة التعامل مع هجمات داعش الخاطفة كونه سيكررها وستكون أسلوبه المعتمد، ولن يفكر باسترداد مناطق انتزعت وحررت منه بل سيضرب وينسحب".
ويلفت إلى أن "لجنة دراسات ورصد تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن رصدت كثيراً من الأمور التي تثير القلق وتنبئ بطول الصراع في العراق من بينها رسائل ومحادثات بين قيادات التنظيم تؤكد أن الصراع لن ينتهي بمجرد طرد داعش من التي يسيطر عليها". ويشير إلى أن "التنظيم قد يتخلى عن فكرة الإمساك بالمدن وحكمها والعودة الى العمل الخيطي المسلح بين المدن وداخلها، كما كان أسلوب القاعدة سابقاً بالعراق".
من جهته، لم يخف قائد عمليات "تحرير الفلوجة"، الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي وجود هواجس عدة في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة، متوقعاً في حديث لمحطة تلفزيون مقربة من الحكومة أن يظهر جيل جديد من داعش بالمرحلة المقبلة.
ووفقاً للساعدي، فإنه "قد تظهر نسخة أكثر تطوراً من تنظيم داعش بالمرحلة المقبلة والعراق ليس لديه مناعة من داعش حتى الآن"، وفي إشارة الى وجوب تنفيذ عمليات إصلاح شاملة بالبلاد يقوم بها السياسيون والسلطات. من جهة ثانية، وصف الساعدي "أهل الفلوجة بأنهم أناس كرماء محبون للعراق ولم يتقبلوا داعش بل فرض عليهم".
ويبدو أن تنظيم "داعش" يسير في اتجاه ما تخشى منه بغداد، إذ تؤكد مصادر عسكرية وأمنية عراقية أن التنظيم شنّ 23 هجوماً مباغتاً على القوات العراقية في محافظة الأنبار وغرب سامراء في الأربع والعشرين ساعة الماضية وحدها، شملت الفلوجة، والرمادي، وهيت، وكبيسة، والخالدية، وذراع دجلة، والثرثار. وتفاوتت بين هجمات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة أو عمليات انتحارية بشاحنات أو أحزمة ناسفة ونتج عنها خسائر كبيرة في صفوف القوات العراقية المشتركة. ولم يستقر التنظيم في أي من المواقع التي هاجمها بل انسحب قبل وصول الطيران الحربي أو الإسناد للقطعات القريبة.
وفي السياق ذاته، يقول العقيد الركن، أحمد عبدالسلام الدليمي، لـ"العربي الجديد" إن "داعش لن يكون بمقدوره الإمساك بالمدن كما كان والسيطرة عليها، لكن سينتشر وينفذ الهجمات المختلفة بكثافة دون أن يعلم له مقر أو قاعدة".
ويضيف الدليمي "قبل أسبوع عندما كنا نريد أن نعرف أين داعش نشير إلى الفلوجة، وقبل شهر نشير للفلوجة والرطبة، وقبل ستة أشهر نشير إلى الفلوجة والرطبة والرمادي، وقبل سنة كنا نشير إلى مدن أخرى إضافية ونذهب ننتقي أهدافاً ومواقع داعش ونقصفها. أما اليوم، فأين سنشير والجهاز الاستخباري لدينا سيء للغاية والضربات تستهدف قواتنا من كل جانب؟".