قلق عراقي من احتمال انسحاب 10 آلاف عسكري أجنبي من البلاد

08 يناير 2020
تتمتع القوات الأميركية بالنفوذ الأكبر ضمن قوات التحالف (Getty)
+ الخط -
قال مسؤول في وزارة الدفاع العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "قرار مجلس النواب بشأن إنهاء دور التحالف الدولي، سيكون له أثر سلبي على الوضع الأمني في العراق، على مستوى محاربة الإرهاب، وكذلك تدريب القوات الأمنية وتجهيزها".

وأوضح المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه ما يزال هناك أهداف لتنظيم "داعش" من المفترض أن تستكمل قوات التحالف جهودها في القضاء عليها لإنهاء خطر التنظيم وتأمين المدن المحررة، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "قوات الأمن العراقية بحاجة لمزيد من التطوير والتدريب، وكذلك الاستشارة، ناهيك عن الحاجة إلى الأسلحة والمعدات المتطورة، التي يوفرها التحالف الدولي".


وصوَّت مجلس النواب العراقي، يوم الأحد، على سلسلة قرارات وُصفت بأنها "ثأرية" لقتلى الغارة الأميركية في بغداد التي أودت بحياة قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

وقضت قرارات المجلس بإنهاء التواجد العسكري الأجنبي في البلاد، وإلزام الحكومة العراقية إلغاء طلب المساعدة المقدم إلى "التحالف الدولي" لمحاربة تنظيم "داعش"، ومنع استخدام الأجواء العراقية، فضلاً عن تقديم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ضد واشنطن، على خلفية الهجمات التي نفذتها أخيراً في مدينتي القائم وبغداد، وأسفرت عن مقتل سليماني.

وما إن فرحت الأوساط العراقية الموالية لإيران بتمرير القرار، حتى جاءت تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي قال فيها: "إذا أجبرت القوات الأميركية على المغادرة، فسنفرض عقوبات كبيرة على العراق لم يروا مثلها من قبل".

وأعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، يوم الأحد، تعليق عمليات تدريب القوات العراقية والقتال ضد تنظيم "داعش"، بسبب الالتزام بحماية القواعد العراقية التي تستضيف قوات التحالف، من الهجمات الصاروخية المتكررة على مدى الشهرين الماضيين من عناصر كتائب "حزب الله" والتي تسببت في مقتل أفراد من قوات الأمن العراقية ومدني أميركي، بحسب بيان رسمي للتحالف.

وكان القائد العسكري الذي يتحدَّث حالياً باسم وزارة الدفاع العراقية يحيى رسول، قد أكد لـ"العربي الجديد"، أن "ما تبقى من قوات التحالف الدولي هو لاستكمال قدرات القوات العراقية المسلحة، خصوصاً لناحية التدريب والتسليح والتجهيز"، مضيفاً أنّ "هذه القوات ضرورية لإعطاء الاستشارة بهذه المجالات، وهو أمر مهم جداً بالنسبة لتشكيلاتنا العسكرية، ونحن ما زلنا بحاجة للقوات الأجنبية لا للقتال على الأرض، بل لتدريب جيشنا بطرقٍ مهنية وقوية".

ولم يصوت غالبية النواب السنة والكرد في البرلمان العراقي على قرارات ترحيل القوات الأجنبية، لأسباب شرحها القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية، أثيل النجيفي، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن "السنة والكرد يرفضون خروج القوات الأميركية لأنهم يدركون بأن العراق سيتم تسليمه كلياً إلى إيران والفصائل التابعة لها، وستكون لها اليد الطولى، والسنة والكرد يرفضون أن يتحول العراق إلى ضيعة تابعة لإيران".

ولفت النجيفي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إلى أن "السنة والكرد لا يثقون بالجيش العراقي كونه لا يمتلك القوة الكافية لمحاربة الجماعات الإرهابية، كما أن القوات النظامية ضعيفة أمام المليشيات المرتبطة بإيران، وبالتالي لابد من بقاء قوات التحالف لتدرب الجيش العراقي حتى يصبح قادراً على مواجهة كل التحديات المستقبلية".

وتابع أن "الذين صوتوا من النواب السنة كانوا مجبرين على الحضور، وبعضهم أصلاً بات يوالي بصراحة مثل الحزب الإسلامي"، مشيراً إلى أن "أميركا التي خسرت مليارات الدولارات ومئات الجنود وأسقطت نظام صدام حسين لن تتخلى عن العراق بسهولة والذي يعتبر نقطة استراتيجية مهمة بالنسبة لها وفي حال أجبرت على الخروج فإن المحافظات السنية ستكون أكثر المحافظات المتضررة من التنظيمات المتطرفة والفصائل الموالية لإيران أيضاً".


بدوره، رأى المحلل والباحث العراقي واثق الهاشمي أن "قوات التحالف الدولي دورها مهم في إسناد القوة الجوية في العراق، والقرار الذي اتفق البرلمان على طرحه، بشأن ترحيل القوات الأجنبية لم يجب على الكثير من الأسئلة المهمة، ومنها، ماذا لو عاد خطر "داعش" أو أي جماعة إرهابية أخرى، هل ستتمكن القوات العراقية من مواجهته، بدون غطاء جوي محترف مثل التحالف الدولي".


وبيّن الهاشمي لـ"العربي الجديد" أن "الأميركيين لن ينسحبوا من العراق بسهولة، وستبقى الولايات المتحدة تهدد الحكومة العراقية والمسؤولين المحليين بالعقوبات، خصوصاً"، وقال إن "أميركا تريد منذ ثمانينيات القرن الماضي العراق أن يتحول إلى قاعدة عسكرية مهمة في الشرق الأوسط".

وتؤكد مصادر عسكرية عراقية أن عدد أفراد القوات الأجنبية في العراق لا يتجاوز 10 آلاف بين مقاتل ومستشار. وبالرغم من أن التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، يضم 68 دولة، إلا أن التواجد الفعلي للجنسيات العاملة في العراق لا يتجاوز 15 جنسية تتواجد فعلياً على الأرض في العراق، فيما تغيب أكثر من 25 دولة عن العمل الميداني والحربي، بعد أن أعلن العراق محرراً بالكامل من تنظيم "داعش"، أواخر عام 2017، حين انسحبت غالبية القوات بعد انتهاء المعارك، ومن ضمنها القوات الإيرانية التي تمثلت بضباط الحرس الثوري الذين رافقوا قوات "الحشد الشعبي" خلال الحرب.


ومن بقي من القوى الأجنبية داخل المعسكرات والمقرات والقواعد العراقية، لا يتعدى دورها تدريب القوات العراقية على القتال وتطوير مهاراتها، كما الإشراف على مهمة تسليحها، بعد انهيارها بشكل شبه كامل عام 2014، واحتلال تنظيم "داعش" لمساحة تقدر بثلث مساحة العراق.


وأبرز القوات الأجنبية في العراق بعد القوات الأميركية هي القوات الهولندية والسويدية والبريطانية والإيطالية والكندية التي انحصر دورها جميعا في التدريب فقط بقرارٍ من برلمانات دولها، والقوات الأسترالية والألمانية التي تقدم الخدمات اللوجستية، فضلاً عن الجنود الفرنسيين، إضافة إلى القوات التركية التي تستقر في بعشيقة، ومناطق متفرقة من إقليم كردستان.

وتبقى القوات الأميركية هي الأعظم من حيث التواجد والانتشار والتأثير والامكانيات، ناهيك عن الحساسية التي يشعر بها الموالون لإيران في العراق، والتي تأججت بعد الغارة الأميركية التي استهدفت الجنرال الإيراني قاسم سليماني وقياديين في "الحشد الشعبي" الموالي لإيران.