قطر.. 5 أسباب لتراجع نفقات دعاية مرشحي "البلدي"

19 ابريل 2015
الدعاية الانتخابية تنتشر في شوارع قطر (العربي الجديد)
+ الخط -

تشعر مرشحة المجلس البلدي المركزي القطري، فاطمة الجسيمان بأن الدعاية الانتخابية تعد واحدة من أبرز المشكلات التي تؤرقها، على الرغم من تراجع نفقات الدعاية الانتخابية للمجلس البلدي في خامس دوراته، إلا أن الجسيمان التي تشارك للمرة الأولى في السباق الانتخابي، ترى أن ثمة مبالغة في الأسعار ما زالت مستمرة، إذ تتوقع تجاوز تكاليف الحملة الدعائية لها مبلغ 50 ألف ريال قطري (13700 دولار أميركي)، لأن سعر اللافتة الصغيرة يتجاوز الألفي ريال (549 دولارا).

في عام 1999 انطلقت انتخابات البلدي المركزي في قطر، كأول تجربة ديمقراطية في البلاد، وانفق المرشحون ملايين الريالات على دعاياتهم حينذاك، إذ تقدم  للانتخابات 249 قطرياً وقطرية، لا تقل الميزانية الإعلانية لأي منهم عن مائة ألف ريال (27500 دولار)، لكن الميزانية تراجعت هذه المرة عن الدورات الانتخابية السابقة، بحسب ما قاله لـ"العربي الجديد"، سعود بن عبد الله آل حنزاب، رئيس المجلس البلدي في دورته الرابعة.

اجتماعات لأهالي الدائرة في الفنادق

يكشف رئيس المجلس البلدي القطري، سعود بن عبد الله آل حنزاب، أن تجربة عام 1999 أحدثت زخماً جماهيرياً وإعلامياً كبيراً تزامن مع حملات دعائية مبالغ في بعضها، لدرجة وصلت إلى عقد اجتماعات في الفنادق لأهالي الدوائر من قبل بعض المرشحين، "وهو أمر مكلف جداً، كما يقول الحنزاب، متابعا: "متوسط تكلفة الدعاية آنذاك كان مائة ألف ريال تقريباً، وهو مبلغ كبير في تسعينيات القرن الماضي، إذ لم تتجاوز مكافأة عضو المجلس ألفي ريال (550 دولارا أميركيا).

لكن الميزانية الإعلانية تراجعت شيئاً فشيئاً حتى بلغت أقل مستوى لها مع الدورة الخامسة -يقول آل حنزاب- مبررا ذلك بعدة أسباب، أبرزها زيادة عدد شركات الإعلانات في قطر، والتي كانت أقل من نصف العدد الحالي منذ قرابة العِقد، قائلا: "لا يزيد متوسط الإنفاق على الدعاية الانتخابية عند غالبية المرشحين على 50 ألف ريال قطري، على الرغم من ارتفاع الأسعار في الكثير من النواحي الحياتية، بسبب اعتماد عدد من المرشحين على مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة للدعاية، والتي أصبحت بديلاً مثالياً للخيام الانتخابية التي كانت تكلف الأعضاء مبالغ باهظة.

يتوقع رئيس المجلس البلدي أن تظل صناعة الدعاية الانتخابية قائمة في قطر، خاصةً أن الأسعار باتت في متناول أي مرشح، فـ90% من المتقدمين للمجلس البلدي لا يلجأون لكبرى الشركات العاملة في هذا المجال، بل يكتفون ببعض اللافتات الموزعة في منطقتهم للتعريف بهم، وهو جانب غير مكلف، كما يقوم بعضهم بتوزيع المطبوعات في مختلف المناطق، لأن شريحة واسعة من السكان لا تحبذ التفاعل مع المرشح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

ضوابط قانونية

تتلخص مهام البلدي المركزي في مناقشة كل ما يتعلق بالشؤون البلدية، كالبنى التحتية والزراعة وغيرها، ويرفع توصياته إلى وزير البلدية ليرى ما إذا كانت متوافقة مع صلاحياته من عدمه، ثم توجهه للجهة المعنية، ولم يضع قانون المجلس الانتخابي سقفاً لميزانيات الدعاية الانتخابية، كما يقول المحامي يوسف أحمد الزمان نائب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، لأن الدعاية في الغالب لا تخرج عن إطار المعقول، إضافة إلى أن الاستحقاق متعلق بانتخابات بلدية تتسم بالهدوء في غالب الأحيان، موضحاً أن اشتراطات انتخابات المجلس البلدي ثابتة منذ فترة، ولكن بعض التعديلات البسيطة تدخل عليها وفق ما يراه وزير الداخلية.

ولكن بالمقابل حرصت وزارة الداخلية على وضع ضوابط إعلانية للدعاية الانتخابية، بحسب الزمان، ومن بين الاشتراطات التي وضعتها الوزارة للحملة الدعائية لهذا العام، أن تبدأ بعد إعلان الكشوف النهائية للمرشحين وتستمر حتى يوم الاقتراع، ويحظر ممارسة أي عمل دعائي قبل أو بعد المدة المحددة، ولا يسمح بعمل أية دعاية انتخابية للمرشح إلا بعد حصوله على تصريح من وزارة الداخلية، ويمنح التصريح المرشحين الذين تم إعلان أسمائهم في الكشوف النهائية، ويكون تصريح الدعاية الانتخابية مقيداً بالدائرة الانتخابية للمرشح ولفترة زمنية محددة، وهو مستند صادر وفقاً للوائح القانونية المنظمة للدعاية الانتخابية ليتمكن من خلاله المرشحون للانتخابات من ممارسة الدعاية المناسبة لهم.

وأوضح نائب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق أنه لا يجوز أن تتعارض الشعارات والعبارات والصور المستخدمة في الحملة الانتخابية مع القيم الدينية للمجتمع القطري، ولا يجوز أن تتضمن الدعوة أي نزعة قبلية أو طائفية، ولا يجوز استعمال شعار الدولة في أي عمل دعائي انتخابي، ناهيك عن التزام الاحترام المتبادل وعدم الإساءة لأي مرشح آخر.

ولفت إلى أنه حرصاً من وزارة الداخلية على سير العمل الانتخابي والدعاية له على الوجه الأمثل، فقد حظر وزير الداخلية في قراره رقم 7 لسنة 1998، أي عمل دعائي داخل أماكن العبادة والمعاهد الدينية والمدارس وأماكن التعليم، إضافة إلى حظر الدعاية الانتخابية داخل المباني الحكومية ومباني الهيئات والمؤسسات العامة، وعلى أعمدة الإنارة وبالقرب من اللجان الانتخابية.

المطبوعات من 20 ألف ريال إلى 35 ألف

يرى أيمن دياب مدير المكتب الفني في دار الشرق (أحد أبرز المراكز الإعلانية في قطر) أن ثمة ثبات نسبي في حجم الدعاية التي يقوم بها المرشحون، على الرغم من أن المتوقع زيادتها بصورة مستمرة، على الأقل بما يعادل نسب التضخم، كما قال لـ"العربي الجديد" ويوضح دياب أن إعلانات مرشحي البلدي تنقسم إلى اللافتات الكبيرة الموضوعة في الشوارع "البانرز"، والمطويات التي توزع على أبناء الدائرة.

وأضاف:"هناك تفاوت مادي واضح بين حملات الدعاية لكل مرشح، بعضهم يبدأ من 20 ألف ريال على الأقل وصولاً لـ35 ألف ريال لكافة المطبوعات، وارتفاع التكلفة في السابق راجع إلى كون المرشحين كانت طلباتهم الإعلانية أكثر مما هي عليه في الوقت الحالي، كما بدأت الميزانيات الموضوعة للحملات الدعائية في التراجع بصورة واضحة".

يتابع مدير المكتب الفني بدار الشرق:"وسائل التواصل الاجتماعي كان لها أثر كبير على المطبوعات، فكل مرشح باتت له صفحات يتواصل من خلالها مع كافة الناخبين، ما تسبب في تراجع في وسائل الدعاية المتعارف عليها، حيث يخصص بعض المرشحين نسبة من الميزانية للتعريف بصفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأشار إلى أن قطاع الإعلانات في قطر يشهد منافسة قوية بين مختلف الشركات، فعددها تضاعف بصورة واضحة، ما أحدث فارقا في أسعار المطبوعات، لافتاً إلى أنه لا استغناء عن الطباعة، حتى وإن تصاعد الاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي، فكبار السن يهتمون بما يوضع من لوحات ويتعرفون على الناخب من خلالها، على عكس الفئات الأصغر عمراً التي تفضل التعرف على الناخب من خلال موقعه أو صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، فلكل وسيلة جمهورها.

وأشار إلى أن المرشحين القدامى يتجهون إلى نفس شركات الدعاية التي تعاونوا معها من المرة الأولى، موضحاً أن الأمر متعلق في المقام الأول بالسمعة التي اكتسبتها هذه المؤسسات، فبعض المرشحين لا يجازف بالتعامل مع شركات جديدة، لا يضمن التزامها بمواعيد التسليم، ما يمكن أن ينعكس على سمعته في التعامل مع ناخبيه.

وأوضح أن أقل اللوحات التي نفذها المركز الفني بدار الشرق كانت بعرض متر وطول مترين مع قاعدتها المثبتة، وتتكلف 2500 ريال (قرابة 700 دولار)، أما أكبر اللافتات فكانت أربعة أمتار في ثمانية أمتار، مع تثبيتها في المنطقة المحددة، وتكلفت قرابة 14.5 ألف ريال قطري (قرابة 4 آلاف دولار)، مشيراً إلى أن مرشحا واحدا فقط هو من قرر عمل هذه اللوحة.

الدعاية الصينية

يكشف شادي دغمش، مسؤول شركة دوحة ميديا للإعلان، بأن ظهور الآلات الصينية في سوق الدعاية القطري، أثر بشكل كبير على الأسعار، إذ صارت تكلفة بعض اللافتات المستخدمة لا تتجاوز 15 ريالا قطريا (4 دولارات)، ولكن مستوى طباعتها الرديء، لم يوقف العديد من المرشحين عن اللجوء إليها، لأنهم يهتمون برواج أوسع في المقام الأول، كما يقول دغمش، لافتاً إلى أن تكلفة طباعة اللافتات بشكل عام تراجعت بصورة واضحة، فقد كانت اللافتة الصغير تتكلف 300 ريال، أما الآن فتراجعت نتيجة المنافسة القوية في السوق لتصل إلى 50 ريالا فقط.

ويحذر دغمش من أن عدد من اللافتات المصممة في الوقت الحالي غير آمنة، ومنها ما لم يراعي الظروف المناخية، قائلا "يمكن أن تطير إحداها أمام السيارات بفعل الرياح التي تهب كل حين وآخر في البلاد".

وحول الأسعار أضاف دغمش: أقل اللافتات التي توضع في الشوارع، تكون بمساحة متر واحد، وإن أضفنا لها مصاريف التركيب، فإن السعر يتفاوت بين 750 إلى ألف ريال قطري، في حين أن هناك نوعيات أخرى تكون أكبر حجماً، يصل سعرها إلى خمسة آلاف ريال، واللوحات التي تتكلف فوق هذه الأسعار نادراً ما تجد مرشحا يرغب في تنفيذها.

وأوضح أن غالبية المرشحين لا يميلون لتنفيذ لوحات أو مجسمات باهظة الثمن، فأحدهم طلب تنفيذ مجسم، وحين علِم أن السعر سيزيد على 16 ألف ريال قطري تراجع عنه، لأن الميزانيات الدعائية لغالبية المرشحين في تراجع مستمر، مشيرا إلى أن بعضهم يتحدث عن أن سعر طباعة المطويات "فلايرز" لا يتجاوز 2000 ريال لعشرة آلاف مطوية، وأن باقي الأسعار تعتمد على عدة معطيات أبرزها جودة الطباعة والميزانية المعتمدة من قبل المرشح.

يرجع دغمش التراجع الواضح في الميزانيات الإعلانية إلى المنافسة التي يشهدها السوق القطري في هذا المجال، فلم تعد الشركات المرخصة -والتي زادت بصورة واضحة في الفترة الأخيرة- سبباً وحيداً، بل إن دخول بعض الأفراد غير المرخصين في شكل شركات على الخط زاد الطين بلة، بعضهم يضع أسعارا أقل مما هو متداول في السوق المحلي، وإن استشعر أن العميل لن يتعاقد معه يضع سعرا دون التكلفة الفعلية، ما يصعب تعامل الشركات المرخصة مع بعض الزبائن.

دلالات