تراهن قطر على تعزيز المناطق الاستثمارية الحرة وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية في مواجهة الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ أكثر من 7 شهور، كما تراهن على تغيير خريطة وتركيبة الاستثمارات الخارجية في البلاد والتي يتركز نحو 90% منها حاليا في قطاعي الغاز والنفط.
وتسير قطر بخطى واثقة نحو تنويع مصادر الدخل، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتقليل الاعتماد على عائدات النفط والغاز، وتأسيس مناطق استثمار حرة، في تحد كبير للحصار الجائر الذي فرضته أربع دول عربية على الدوحة منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي.
وبلغة الأرقام، فقد ازداد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في قطر بنسبة 2.5% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2017، بسبب نمو القطاع غير النفطي، الذي ارتفع بنسبة 4.9% في الفترة نفسها. وتتسارع خطوات الحكومة القطرية الرامية إلى توفير البيئة التشريعية والبنية التحتية، اللازمة لإرساء اقتصاد متنوع ومتين، واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مختلف المجالات.
وفي هذا الإطار، تأتي موافقة مجلس الوزراء القطري، الأسبوع الفائت، على قانون تنظيم
الاستثمار الأجنبي في النشاط الاقتصادي، وبما يجيز لغير القطري الاستثمار في مجالات البنوك وشركات التأمين، كما يتيح للمستثمر الأجنبي التملك بنسبة 100% في غالبية قطاعات الاقتصاد بعدما كانت هذه النسبة لا تزيد عن 49%.
كما صدر سابقا القانون رقم 21 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 34 لسنة 2005 بشأن المناطق الحرة الاستثمارية، لتصب التعديلات بشكل مباشر في دفع عجلة الاقتصاد والاستثمار في قطر إلى الأمام، من خلال تعزيز وتطوير بيئة الأعمال ودعم الجاذبية الاستثمارية وتسهيل استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى المناطق الحرة التي تشمل المناطق الاقتصادية ومطار حمد الدولي.
وتضمنت التعديلات الجديدة عدم وجود قيود على جنسية رأس المال وحرية اختيار الشكل القانوني للمشروع، وكذلك حرية تحديد أسعار المنتجات ونسبة الأرباح، بالإضافة إلى إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج والصادرات والواردات من الضرائب وغيرها من الرسوم.
كما تمنح المشروعات القائمة بالمناطق الحرة العديد من الضمانات من أبرزها عدم تقييد ملكيتها، ومنح حوافز ومزايا خاصة للمشروعات التي تعمل على زيادة نسبة المكون المحلي في منتجاتها والمشروعات التي تستثمر في مجالات الخدمات اللوجستية أو الاتصالات، ومن بينها على سبيل المثال أسعار مخفضة أو تيسيرات في قيمة الطاقة المستخدمة وإعفاء كامل المكونات المحلية من الرسوم الجمركية في حال البيع للسوق المحلي.. وتقديم كافة التسهيلات المطلوبة لإصدار الموافقات على التراخيص بإقامة المشروعات من إدارة هيئه المناطق الحرة وذلك توفيراً للوقت والجهد، بالإضافة إلى توفير الأراضي المجهزة بالمرافق اللازمة لإقامة تلك المشروعات وفقاً للمساحات التي تتناسب وطبيعة كل مشروع، فضلاً عن التيسيرات اللازمة بشأن تأشيرات الدخول للمستثمرين واستقدام العمالة المطلوبة لهذه المشروعات.
وتتمتع قطر بالكثير من المزايا المشجعة للاستثمار، منها تدني تكلفة رسوم الكهرباء و الماء و الغاز الطبيعي وأراض صناعية يمكن استئجارها بأسعار رمزية، تبدأ بخمسة ريالات قطرية لكل متر من الأرض المؤجرة عن الثلاث سنوات الأولى من مدة بدء العقد، من ضمنها مدة التخصيص، والبدء في تنفيذ المشروع الصناعي، على أن تزداد القيمة الإيجارية بعد ذلك لتصبح عشرة ريالات سنويا، إضافة إلى عدم وجود ضرائب على استيراد الآلات الكبيرة و قطع غيارها والمواد الخام وعدم وجود ضرائب على الصادرات، وعدم وجود حصص كمية على الواردات، ولا توجد قيود على الصرف وتحويل الأرباح للخارج.
حجم الاستثمار الأجنبي
وأظهر مسح أجرته وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، ارتفاعا في قيمة الحسوم لغير المقيمين بنسبة 23 بالمئة، بما يمثل 144.2 مليار ريال، حيث ارتفعت من 629.8 مليار ريال إلى 774.0 مليار ريال مع نهاية العام 2016.
وشكلت الاستثمارات الأجنبية الأخرى نسبة 70% أي ما يعادل 541.6 مليار ريال متبوعة بالاستثمار الأجنبي المباشر بمقدار 135.4 مليار ريال أي ما يعادل 25 %، تلتها الاستثمارات في المحافظ المالية بما يعادل 93.2 مليار ريال بنسبة 12 % من إجمالي الحسوم، فيما انخفض رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الداخل في نهاية سنة 2016، بمقدار 5.2 مليارات ريال جراء صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتغيرات الأخرى التي حصلت خلال السنة.
وفيما يتعلق بالأصول مع غير المقيمين، أظهر المسح ارتفاعا مع نهاية 2016 بمقدار 63.4 مليار ريال من 396.2 مليار ريال إلى 459.6 مليار ريال، بينما شكلت الاستثمارات الأجنبية الأخرى التي تتمثل في القروض طويلة الأجل والأدوات المالية قصيرة الأجل المتعلقة بالتجارة 62 % أي ما يعادل 286.4 مليار ريال من إجمالي الأصول مع نهاية العام نفسه، تلتها الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الخارج بمقدار 139.9 مليار ريال، أي بنسبة 31 %، وبلغت الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية (سندات مالية) ما قدره 33.1 مليار ريال مشكلة نسبة 7 %، كما بلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الخارج والتغيرات الأخرى 10.9 مليارات ريال خلال العام 2016.
وفي نهاية العام 2016، تركز حوالي 90 % من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الداخل في أنشطة النفط والغاز وما يرتبط بها من صناعات تحويلية وأنشطة أخرى مثل النقل والتسويق، وفيما يخص القيمة الدفترية للاستثمارات فقد شكلت أنشطة الصناعات التحويلية 56 % من إجمالي قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تلتها أنشطة التعدين واستغلال المحاجر بنسبة 32 %، وأنشطة القطاع المالي والتأمين بنسبة 6 %.
وساهمت أكثر من 60 دولة في رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في دولة قطر، حيث استمرت الحصة النسبية لمجموعات الدول الرئيسية الأربع في الارتفاع، إذ شكلت حصتها 93 % من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في نهاية عام 2016.
وبلغ رصيد قطر من الاستثمار الأجنبي المباشر في الخارج 139.9 مليار ريال في نهاية عام 2016 بزيادة قدرها 8% عن السنة السابقة، وشكلت مجموعات الأنشطة الاقتصادية التالية معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الخارج خلال الفترة المذكورة، حيث بلغت أنشطة القطاع المالي والتأمين 36 %، وأنشطة النقل والتخزين والمعلومات والاتصال 31 %، وأنشطة التعدين واستغلال المحاجر 27%.
وتمتلك قطر استثمارات أجنبية مباشرة بالخارج في حوالي 80 بلداً، بلغت حصة أعلى أربع مجموعات دول منها 95% من إجمالي الاستثمارات مع نهاية عام 2016.