قطر المسؤولة عن تأخر "العلمانية" العربية

31 يوليو 2017
العتيبة: خلافنا مع قطر فلسفي (Getty)
+ الخط -
خرج علينا السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، بدرس آخر عن مشكلة بلاده، و"الشقيقة الكبرى" الرياض، مع قطر، بزبدة القول: خلافنا مع قطر فلسفي حول الرؤية والمستقبل "العلماني" للحكومات. لا أحد يعلم بالطبع كيف أُنيب سعادته عن عواصم "العلمانية العربية". هفوة أو ارتباك آخر؟

لنلاحظ مدى تهافت مسلسل التمرّغ بشعارات الغرب، من دون إدراك ربما لما يدور فيه: المقدمات السرية لا تبشّر بابن رشد آخر، ولا بفولتير ولوك عربي. في الواقع، فإن هذه المبشرات مكشوفة الظهر أمام أقل المتابعين شأناً في هذا الغرب. قبل نحو ثلاثة أعوام، في خريف 2014، خرجت علينا أبوظبي بقائمة "تصنيف 83 مؤسسة وجماعة إرهابية". ولاقت تلك القائمة استهجاناً، حقوقياً وسياسياً واجتماعياً، في الغرب المُخاطب ذاته. حتى مؤسسة "كير" في أميركا، لم تتردّد بالدفاع عن مواطن إماراتي أُهين من الشرطة.

يكشف الخطاب المتهافت عن سطحية عربية غريبة في مقاصد العلمانية وأهدافها. فمن يدافع في الغرب عن القيم والحقوق الفردية والجماعية، بناء على دساتير دفعت الشعوب في سبيلها أثماناً باهظة، لا تنطلي عليه لعبة "المال قادر". مثلاً، في غرب النرويج، ستافينغر، جرّب هذا المال لتبييض صفحته الحقوقية في الأمس القريب، بوضع دولة السفير قبل جمهورية الثورة الفرنسية، احتراماً لحقوق الإنسان، من خلال "مؤسسة حقوقية" دحلانية قبل أن يُلاحق صاحبها بتهمة "تبييض الأموال". السؤال الملحّ عربياً: هل حقاً إن "العلمانية العربية" معضلة "فلسفية" تتحمّل الدوحة مسؤولية تأخيرها عن فضاءات دول الحصار؟ هل هي قطر أو الإمارات من يقوم بتغييب كل صاحب رأي بمكارثية عربية، وتستنبط أدوات محاكم التفتيش، وتسطو على جزر وأراضٍ عربية، وتنسى جزرها المحتلة؟ قطر أو الإمارات هي التي تدعم جماعات من اليمن إلى سورية وليبيا، ومنها الدينية التي تُلبس زي الموت البرتقالي وتُعدم كما "داعش"، وتعمل ليل نهار على إعادة إحياء مومياءات أنظمة الاستبداد، وتتدخّل لقلب نظام الحكم في سلطنة عُمان، وتحتفي بانقلاب فاشل عند غيرنا؟

ببساطة، يراد للباحث الغربي أن يستمع للسفير الإماراتي فيهز برأسه موافقاً، ولتخرج بعض وسائل إعلام اليمين الغربي لتصفّق لـ"عبقرية الاكتشاف". الحقيقة أن دروس شيطنة الدوحة ركيكة ومخجلة بلسان عربي، فما بالك بالرطن بغيرها؟ مأزق حقيقي نعيشه في عالمنا العربي باعتلاء بعض "النخب" ظهر الفكر. إن دولة علمانية كالدنمارك تعرف دينها وكنيستها دستورياً، لكن هل سعادته يعتبرها "علمانية"؟ بعض العرب، أمثال السفير وزملائه المنشغلين بأحجام الدول، لا يبشرّنا بعلمانية، بل بغلمانية السياسة.
المساهمون