للوهلة الأولى يبدو المشهد حقيقياً، رجل يقف أمام مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من "قطار العودة" ينادي بصوته الجهور على اللاجئين الفلسطينيين ليعودوا إلى مدنهم وقراهم التي هجّروا منها.
وفي المشهد أيضاً يبدأ عشرات اللاجئين الفلسطينيين رجالاً ونساء وصغاراً وشيوخاً بالصعود إلى عربات القطار من أجل العودة فعلاً، فبهذه الفعالية تمكنت لجان المقاومة الشعبية ولو بشكل رمزي من تحقيق حلم اللاجئين الفلسطينيين كي لا يفقدوا الأمل.
من أمام مخيم الدهيشة انطلق القطار بعد أن امتلأ باللاجئين المتعطشين للعودة، وسار في موكب كبير باتجاه مخيم العزة في مدينة بيت لحم، ومنه باتجاه مخيم عايدة شمالي المدينة، ثم انطلق باتجاه حاجز عسكري يفصل بين بيت لحم ومدينة القدس المحتلة. عند تلك النقطة العسكرية حاول القطار الدخول إلى المدينة المقدسة والعودة الحقيقية، لكن جنود الاحتلال صوبوا بنادقهم باتجاه العائدين وأطلقوا صوبهم قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع إضافة للرصاص المعدني المغلف بالمطاط.
في ذات الوقت حاصر جنود الاحتلال القطار الذي يبلغ طوله 18 متراً، ويضم خمس عربات على متنها نحو 68 لاجئاً، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع الشبان الفلسطينيين الذين كانوا في مسيرة العودة هناك، حتى اضطر جنود الاحتلال إلى تحرير القطار، فرجع على أمل أن يعود في العام القادم ويتمكن من العبور.
ويقول الناشط في لجان المقاومة الشعبية مازن العزة لـ"العربي الجديد" إن "القطار استطاع الوصول إلى أقرب نقطة لمدينة القدس قبل وقوف جنود الاحتلال أمامه والحيلولة دون عبوره إلى المدينة، وقبل مهاجمته واحتجازه، ورسالتنا اليوم التي انطلق القطار من أجلها وصلت، ومفادها أن الشعب الفلسطيني لن يكل ولن يمل حتى يعود إلى الديار".
ويضيف العزة بأن القطار سيعود يوماً ما محمّلاً باللاجئين الفلسطينيين من كل المخيمات الفلسطينية، ليعودوا إلى كل المدن والقرى التي هجروا منها إلى حيفا وعكا ويافا وبيت جبرين وزكريا والمالحة وغيرها.
ويوضح أن هذا القطار هو عنوان للعودة وعنوان لممارسة الشعب الفلسطيني في انتزاع حقه بالعودة إلى الأرض، وأن الشعب الفلسطيني اليوم يقول للعالم كفى عذاباً على مدى 68 عاماً من القهر والذل والتشرد.
وتابع العزة: "اليوم اللاجئون الفلسطينيون يعدون من أجل بناء بيوتهم في مدنهم وقراهم هناك، ويعدون من أجل إعادة زراعة أشجار الزيتون والحمضيات كما كانوا في السابق".
وأشار إلى أن القطار يتكون من خمس عربات، العربة الأولى عليها أسماء القرى التي تم التهجير منها، والثانية تحمل مسار مخيمات اللاجئين في مدينة بيت لحم، وبالتالي فإن كل عربة تمثل نقطة الانطلاق والعودة.
وقاد القطار لاجئ من الجيل الثالث ليكون بمثابة تمسك الأجيال بحق العودة، إضافة إلى أنه ضم أكثر من 68 شخصاً ممن عايشوا النكبة بعدد سنواتها.
وتمنى العزة أن يصل القطار إلى الأراضي المحتلة في العام القادم، وأن يحمل لهم بشائر عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم بعد تحرير أراضيهم من قبضة سلطات الاحتلال الإسرائيلي.