قطار التهجير ينطلق في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي

08 مايو 2018
يخشى عددٌ كبير من السكان مغادرة مناطقهم (فرانس برس)
+ الخط -

بدأت عملية تهجير ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، أمس الإثنين، مع توقعات بأن تستمرّ خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك تنفيذاً للاتفاق الذي أبرم الثلاثاء الماضي، بين ضباطٍ روس والهيئة التي فاوضت عن الريفين الواقعين وسط سورية، وكانت سيطرت عليهما المعارضة السورية قبل نحو ست سنوات، قبل أن يدخلا في اتفاقيات "خفض التصعيد" السنة الماضية.

ومنذ صباح أمس الإثنين، دخلت حافلات إلى مدينة الرستن، كبرى مدن ريف حمص الشمالي، حيث تجمّع المئات هناك ليستقلوا الحافلات، والذين يشكّلون الدفعة الأولى التي غادرت نحو مدينة جرابلس بريف حلب. وليس معروفاً، حتى الساعة، العدد الكلي الذي سيغادر ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي نحو ريف حلب، إذ لم تتم، حتى مساء أمس الإثنين، عملية تسجيل كافة أسماء الذين سيتم نقلهم إلى شمال سورية، مع توقعات بأن يصل العدد إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف شخص من مجموع السكان البالغ نحو ثلاثمائة وخمسين ألفاً.

ونصّ الاتفاق، الذي أبرم الثلاثاء الماضي، على تسليم الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة سلاحها الثقيل، وهو ما تم منذ أيام، على أن يتم نقل عناصرها غير الراغبين في "التسوية"، مع المدنيين الذين رفضوا الرضوخ لشروط "المصالحة" مع النظام، في حافلاتٍ إلى مناطق "درع الفرات" في ريف حلب.

كذلك، نصّ الاتفاق على أن يلتحق الذكور "المتخلّفون عن الخدمة الإلزامية"، بقوات النظام خلال مدة ستة أشهر. كما أنه يحقّ لمن حمل السلاح من السكان المدنيين أن يدخل في "المصالحة"، لكن يتوجّب عليه، وفق ذلك، أن يلتحق بقوات النظام.

ويخشى عددٌ كبير من سكان ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي مغادرة مناطقهم والانتقال إلى شمالي سورية لأسباب عدة، أبرزها أنّ لهم عقارات وأراضي في مناطقهم الأصلية لا يريدون التفريط فيها، فضلاً عن أن الانتقال إلى مناطق الشمال السوري، تعني الذهاب إلى المجهول بالنسبة لهم، حيث سيقيم بعضهم بداية في مخيمات، فضلاً عن أنّ معظمهم على قناعة بأنهم إن غادروا لن يتسنى لهم العودة إطلاقاً.

أمّا الذين اعتزموا المغادرة فعلاً في الحافلات إلى شمالي سورية، فإن معظمهم يرفض الدخول في نظام "التسويات والمصالحات"، إذ يعتقدون أنّ النظام سينتقم منهم لاحقاً، خصوصاً أولئك الذين كانت لهم مشاركة فعّالة في العمليات العسكرية ضده، خلال السنوات القليلة الماضية. كما أنّ قضية إجبار الشباب ممن هم في سن "الخدمة العسكرية" على الالتحاق بقوات النظام، خلال مدة ستة أشهر، تلعب دوراً كبيراً في إقبال عدد كبير من الشباب على المغادرة، لرفضهم الالتحاق بالخدمة ضمن قوات النظام.



ومناطق ريف حمص الشمالي مع ريف حماة الجنوبي، كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، منذ نحو ست سنوات، وتعتبر أشهر المدن والبلدات في هذين الريفين، مدينة الرستن وتلبيسة وقرى سهل الحولة. وشهدت هذه المناطق معارك كثيرة، خلال السنوات الماضية، لكنها بقيت تحت سيطرة المعارضة السورية، قبل أن تشهد هدوءاً نسبياً، بعد أن أدرجت ضمن مناطق "خفض التصعيد" السنة الماضية، إلى أن تفرّغ النظام والروس لها بعد انتهاء معارك الغوطة الشرقية، الشهر الماضي، وأنذروا الفصائل العسكرية فيها إمّا بالحرب، أو بتسليم المناطق كافة التي يسيطرون عليها، وهذا ما حصل في اتفاق الثلاثاء الماضي.

وتبرز في مناطق ريف حمص الشمالي، قضية المنشقين عن قوات النظام، وهم بالمئات، إذ تشير الإحصائيات المتوافرة إلى وجود نحو خمسمائة ضابط منشق، وهم من أبناء مدينة الرستن التي يُطلق عليها "عاصمة المنشقين"، فضلاً عن وجود مئات المنشقين الآخرين من المجندين. وعلمت "العربي الجديد" من مصادرها، أن الضباط الروس الذين تولوا عملية التفاوض في ريف حمص الشمالي، يحاولون أن لا يخرج عدد كبير، سواء من المدنيين أو مقاتلي الفصائل، إلى ريف حلب، إذ قدّموا ضمانات كثيرة تشجّع على البقاء، بما في ذلك للمنشقين عن قوات النظام.

وقالت المصادر إنّ "القيادة الروسية في سورية تريد استثمار وجود الأعداد الكبيرة من الشباب القادرين على حمل السلاح، في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، كي تضمّهم إلى قوات النظام، التي تعاني أساساً نزيفاً حاداً في أعداد المقاتلين. كما أنّ الروس يحاولون تصدير صورة أنهم يعملون على عدم الإخلال بالتركيبة الديمغرافية، للمناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة، وباتت تحت سيطرة الشرطة العسكرية الروسية مؤقتاً لحين تسليمها لقوات النظام".

ووفق الاتفاق مع الضباط الروس، فإن الشرطة العسكرية الروسية مع الشرطة المدنية السورية، ستتسلّم زمام إدارة مناطق ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، لمدة لا تقل عن ستة أشهر، قبل أن تتسلمها مؤسسات النظام بشكل كامل تدريجياً.