وقال أوبرمان، خلال حديث له، اليوم الأربعاء، لبرنامج "زد دي إف ماغازين": "على تلك الأجهزة ليس حماية الدولة فقط، بل المواطنين أيضاً"، مضيفا أنه "يجب ألا نسمح بالتجسس على المواطنين الأبرياء في ألمانيا من قبل أجهزة مخابرات أجنبية.. نحن بلد الحرية".
بدوره، دعا وزير الخارجية، زيغمار غابريال، إلى فتح تحقيق شامل في شبهات التجسس التي قامت بها الاستخبارات التركية على الأراضي الألمانية في حق مؤيدي وأتباع رجل الدين فتح الله غولن، المتهم من قبل أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة خلال يوليو/ تموز الماضي، مشيرا إلى أنه و"في حال ثبت ذلك فإنها ستكون عملية خطيرة في الواقع".
هذا في وقت شدد عدد من المراقبين على أن ما حصل "أمر خطير في دولة القانون ألمانيا"، موضحين، في المقابل، أن "السلطات في برلين لا تتصرف إلا وفق معطيات قانونية وأدلة ثابتة"، مشيرين إلى أن "من تم التجسس عليهم يقيمون بصورة شرعية في البلاد، وبالتالي فإن ألمانيا لا تتعاطى برد الفعل وفق هاجس الخوف، وهؤلاء لا تمكن مراقبتهم بسبب توجهاتهم السياسية، ولأنهم لا يشكلون أي خطر أمني على البلاد".
وأبرز المراقبون أن "الخرق التركي تجاوز الأعراف القانونية في هذا المجال، علما أن السلطات في ألمانيا كانت قد أشعرت عددا من هؤلاء أنهم مراقبون ومطلوبون من قبل السلطات في أنقرة، ودعتهم إلى تجنب السفر إليها مخافة تعرضهم للاعتقال، وهي التي رفضت في وقت سابق تسليمهم إلى تركيا".
وتتهم أنقرة برلين بـ"التسويف في هذا الملف"، وتستند إلى ما ذكرته لجنة في مجلس العموم البريطاني، والتي أوردت أن هناك "أدلة دامغة تبين تورط جماعة غولن في محاولة الانقلاب الفاشلة، وأنه تم خلال مؤتمر ميونخ للأمن تسليم قائمة تضم أكثر من 300 اسم بعناوينهم وبياناتهم الشخصية إلى أجهزة الاستخبارات الخارجية الألمانية، على اعتبار أنهم مشتبه بهم من قبل تركيا بالتورط بمحاولة الانقلاب، وطالبت بجمع المعلومات عنهم".
وكانت السلطات في تركيا قد استدعت، الأسبوع الماضي، القائم بالأعمال الألماني لديها للاحتجاج على رئيس المخابرات الخارجية الألمانية، برونو كال، على خلفية حديثه لمجلة "دير شبيغل" أخيراً، والذي شكك فيه بأن تقف حركة عبد الله غولن وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، معتبراً أنه "لم يتم تقديم أي دليل قاطع للتعامل مع أنقرة استخباراتيا".
في المقابل، يرى خبراء أمن ألمان أن ما تطالب به أنقرة لا يندرج ضمن المهام المكلفة بها الاستخبارات الخارجية الألمانية، وأن عملية مراقبة مواطنين داخل ألمانيا هي من صلاحيات المخابرات الداخلية، مشيرين إلى ما جاء في كلام وزير الداخلية، توماس دي ميزيير، والذي أبرز أن "نشاطات التجسس على الأراضي الألمانية هي جريمة يعاقب عليها القانون، ولا يجب السكوت عنها"، ومضيفا أن "هذا ينطبق على كل دولة وأجهزة مخابراتها، وأن جهاز مكافحة الجريمة يراقب مثل هذه النشاطات، وقد يكون لذلك تبعات، ولذا يجب على كل دولة تسجيل العاملين لديها في أجهزة المخابرات لدينا، وفي حال قيام بعض الأشخاص بممارسة نشاطهم خارج السفارة فإنهم سيفقدون حق الإقامة في ألمانيا، وسيتم إصدار قرار عقوبة بحقهم، ولن يتم التغاضي عن هذا الأفعال".
وبحسب الخبراء، فإن الاتفاقيات الموقعة بين الدول تخضع عمل أجهزة المخابرات الأجنبية على أراضي الدول الأخرى لضوابط معينة، وهذا ما ينطبق على الاتفاقية الموقعة بين أنقرة وبرلين في مجال مكافحة الإرهاب، "أما العمل الاستخباري الذي تقوم به أجهزة الدول الأعضاء في حلف الأطلسي فهو قائم ومحق داخل دوله ويخضع لمعايير أخرى، وعليه فإن الادعاء الألماني سيعمد إلى إعادة التدقيق في تلك العمليات والنشاطات ليتم في حال التأكد من ذلك إلى محاسبة المتورطين، وكشفهم أمام الرأي العام الألماني، وقد تصل العقوبة إلى طردهم من البلاد".
يذكر أن وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى، بوريس بيستوريوس، قال في مؤتمر صحافي، أمس الثلاثاء، إنه ثبت أن "المخابرات التركية قامت بالتحري عن مواطنين أتراك يعيشون في ألمانيا على خلفية انتمائهم لحركة غولن"، واصفا السلوك بـ"غير المحتمل وغير المقبول". وذكر الوزير أنه تم جمع محتويات كثيرة من المعلومات أخذت من فيديوهات وكاميرات وصور مختلفة، وأشار إلى أن الأسباب ما زالت غامضة، معتبرا ذلك "نظرية مؤامرة تحولت إلى حالة من الخوف بدأت تنتشر، وهي تعتبر جميع أتباع غولن أعداء للدولة".