أبرز القضايا التي فصل فيها هذا العام، والتي أثارت حالة من الغضب في مصر، هو الحكم الصادر في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما أصدر رئيس محكمة جنايات القاهرة، حكما ببراءة الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونجليه جمال وعلاء، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه، في القضية التي عرفت بـ"محاكمة القرن".
وصدر الحكم بتبرئة جميع المتهمين في هذه المحاكمة من قضايا قتل المتظاهرين إبان ثورة يناير 2011، وقضايا الفساد المالي، والاستيلاء على أموال الدولة، والتربح واستغلال النفوذ، وتصدير الغاز إلى إسرائيل.
وعقب الحكم الصادر اشتعلت في البلاد موجة غضب كبيرة، وتظاهر الآلاف في ميدان عبد المنعم رياض، الملاصق لميدان التحرير، بعد أن أغلقت السلطات الأمنية المصرية ميدان التحرير قبل صدور الحكم.
ومن القضايا التي أثارت الرأي العام في مصر، قضية مقتل 37 من رافضي الانقلاب العسكري وإصابة 8 آخرين، داخل سيارة ترحيلات بسجن "أبو زعبل"، عقب الانقلاب العسكري، وفض اعتصامي رابعة والنهضة.
وبرّأت محكمة جنح مستأنف الخانكة في 6 يوليو/تموز، المتهمين، وهم نائب مأمور قسم مصر الجديدة المقدم عمرو فاروق، بعد أن سبق وحكم عليه بالسجن 10 سنوات مع الشغل والنفاذ، والنقيب إبراهيم محمد المرسى والملازم إسلام عبد الفتاح حلمي، والملازم محمد يحيى عبد العزيز، بعد أن سبق وحكم عليهم بالسجن 3 سنوات لكل منهم.
وجاءت البراءة رغم أن التحقيقات كشفت عن تعمد الضباط المتهمين ارتكاب الواقعة، وعدم قيام السجناء بأي نوع من أنواع التجمهر أو إحداث شغب أو تعرض السيارة لأي نوع من أنواع الهجوم.
وكشفت تحقيقات النيابة أن سيارة الترحيلات التي وقعت فيها المذبحة، كان تقل 45 معتقلا سياسيا، وهو عدد يفوق طاقتها، حيث إنها لا تتسع لأكثر من 24 شخصا، في أقصى الأحوال، وأن أي عدد يزيد عن هذا العدد يؤدي إلى تعرض حياة المواطنين بداخلها للخطر؛ نظرا لأن عملية التهوية من الأساس مصممة على العدد المحدد المذكور.
وجاءت تقارير المعمل الجنائي والطب الشرعي لتثبت تعمد إطلاق الضباط القتلة الغاز المسيل للدموع لقتل المعتقلين، حيث ثبت أن الوفاة نتيجة الاختناق بالغاز، واعترف سائق سيارة الترحيلات الرقيب عبد العزيز ربيع، خلال التحقيقات، بأن الضباط المتهمين تركوا المعتقلين الضحايا يستغيثون من نقص الهواء وصعوبة التنفس داخل السيارة 7 ساعات كاملة، ثم أطلقوا عليهم غازا مسيلا للدموع داخل السيارة، ورفضوا محاولة إسعافهم أو نجدتهم.
وتنظر محكمة جنح التهرب الضريبي، إعادة محاكمة رجل الأعمال المصري أحمد عز، أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني المنحل وأحد أبرز رجال الأعمال في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، والملقب بـ"إمبراطور الحديد المصري"، على خلفية اتهامه بالتهرب من سداد مبلغ 10 ملايين و680 ألف جنيه ضرائب مستحقة عليه، وذلك نظير تعاملاته التجارية الخاصة بشركتي عز الدخيلة وعز القابضة، في جلسة 15 فبراير/شباط 2015.
وكانت محكمة جنح التهرب الضريبي، قضت بعدم جواز نظر دعوى اتهام أحمد عز، بالتهرب من الضرائب المستحقة عليه، نظير تعاملاته التجارية الخاصة بشركتي "عز الدخيلة" و"عز القابضة"، لسابقة الفصل فيها أمام محكمة الجنايات، إلا أنه تم الاستئناف على قرار المحكمة، وتم قبوله من محكمة جنح مستأنف، لتعاد القضية من جديد.
وتنظر محكمة جنايات جنوب الجيزة المصرية، محاكمة وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي، آخر وزير داخلية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وذلك لاتهامه بالكسب غير المشروع بقيمة 212 مليون جنيه مستغلا وظيفته، في جلسة 7 فبراير/شباط 2015.
وكانت تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع كشفت قيام "العادلي" بتكوين ثروة طائلة على نحو لا يتناسب مع مصادر دخله، مستغلا في ذلك نفوذ عمله وصفته الوزارية، على نحو يمثل كسباً غير مشروع، وقام بتحقيق تلك الثروة مستغلاً كونه من العاملين في الدولة ومن القائمين بأعباء السلطة العامة، رئيساً لجهاز أمن الدولة، ثم وزيراً للداخلية.
وأضافت التحقيقات أن "العادلي" استغل سلطات وظيفته، وما تتيحه له مكانته ونفوذه في الحصول لنفسه وزوجته وأولاده الـ4 على كسب غير مشروع، بلغ 181 مليونا و163 ألفا و358 جنيها، إضافة إلى 503 آلاف جنيه إسترليني، كما حصل على قطعتي أرض بالحزام الأخضر في مدينة السادس من أكتوبر، وادعى زراعتها، حال أن قانون هيئة المجتمعات العمرانية ولائحته العقارية يحظران على العاملين في الدولة الحصول على أراضٍ في تلك المنطقة، حيث خالف الحظر، مستغلا نفوذه، وحقق كسبا غير مشروع بمقدار 6 ملايين و395 ألفا و300 جنيه.
كما حصل "العادلي" لأبنائه: شريف، وداليا، وجيهان، ورانيا، على 4 قطع إسكان مميزة بمدينة الشيخ زايد في منطقة هي الأميز، ولم يسبق لغيره من آحاد الناس أن حصل على مثيلاتها، وكان ذلك بالأمر المباشر، مستغلا علاقته بوزير الإسكان الأسبق، ودون طرحها بمعرفة الجهاز المختص بالمخالفة للقانون ولائحته العقارية، وهو الأمر الذي ترتب عليه تحقيقه لكسب غير مشروع مقداره 24 مليونا و893 ألفا و366 جنيها.
وتواصل محكمة جنايات الجيزة، محاكمة نجلي الرئيس المخلوع، حسني مبارك، جمال وعلاء، و6 آخرين من رجال الأعمال، ومسؤولين وأعضاء سابقين في مجلس إدارة البنك الوطني، في جلسة 15 يناير/كانون الثاني 2015.
ويحاكم المعتقلون بتهمة الحصول على مبالغ مالية بغير حق من بيع البنك الوطني المصري، وإهدارهم المال العام، والتسبّب في خسائر كبيرة للاقتصاد المصري، وتدمير الجهاز المصرفي في البلاد، عن طريق التلاعب بالبورصة.
وكانت النيابة العامة المصرية قد وجهت للمتهمين تهماً بالاستحواذ على قيمة بيع البنك الوطني المصري البالغة 2.5 مليار جنيه، ومخالفة أحكام قانون سوق رأس المال والبنك المركزي.
وبنت النيابة العامة ادعاءها على أساس معلومات تكشف اتفاق المتهمين على السيطرة على أسهم البنك الوطني، من خلال تكوين حصة حاكمة لهم في الشراء عن طريق صناديق الاستثمار المغلقة، وبيعها وعدم الإفصاح عنها في البورصة، واستغلال معلومات داخلية لتحقيق أرباح سريعة.
ولم يخلُ عام 2014 من التنكيل بالقضاة المنتمين إلى "تيار استقلال القضاء" وحركة "قضاة من أجل مصر"، حيث تم تصفية بعضهم بإحالته إلى المعاش، والبعض الآخر تحت "مقصلة" القضاة.
في 22 سبتمبر/أيلول 2014 أصدر مجلس التأديب الأعلى للقضاة حكما برفض الطعن المقدم من النائب العام الأسبق المستشار طلعت عبد الله على قرار إحالته للتقاعد، في قضية اتهامه بزرع كاميرات مراقبة بمكتب النائب العام خلال فترة توليه منصبه حتى منتصف عام 2013.
لم يحضر "عبد الله" أيا من جلسات التحقيق معه منذ إحالته لمجلس التأديب، وتولى محاميه، المستشار محسن فضل، الدفاع عنه، طوال الجلسات السابقة.
ويواصل مجلس التأديب والصلاحية للقضاء المصري، جلسات إحالة 55 قاضيا إلى الصلاحية، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"قضاة بيان رابعة"، والمتهمين فيها بالتوقيع على بيان يؤيد شرعية الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي، يوم 29 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ويواجه القضاة اتهامات بارتكاب جرائم العمل بالسياسة، ومناصرة فصيل سياسي على حساب الدولة، من خلال توقيعهم وإذاعتهم بياناً يؤيد الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي، من مقر المركز الإعلامي باعتصام ميدان رابعة العدوية، في شهر يوليو/تموز من العام الماضي.
يشار إلى أن القضاة الموقعين على بيان رابعة، أصدروا بيانا توضيحيا، بثوه عبر موقع "يوتيوب"، ادعوا فيه بطلان قرار قاضي التحقيق، المستشار محمد شيرين فهمي، بإحالتهم للجنة الصلاحية، مؤكدين أن بيانهم المذاع من المركز الإعلامي لاعتصام رابعة في 24 يوليو/تموز من العام الماضي، جاء إعمالا لحقهم في التعبير الذي كفلته الدساتير المصرية المتعاقبة والمواثيق الدولية، ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لاستقلال القضاء.
وينظر مجلس تأديب وصلاحية القضاء المصري، محاكمة 15 عضوا بحركة "قضاة من أجل مصر"، في جلسة 19 يناير/كانون الثاني القادم، ومن المقرر استكمال سماع شهود الإثبات، في قضية اتهامهم بالاشتغال بالسياسة.
وتفصل دائرة رجال القضاء في الدعوى المقامة من وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، ضد كل من رئيس الجمهورية السابق المستشار عدلي منصور، ووزير العدل السابق المستشار عادل عبد الحميد، والمستشار حامد عبد الله، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، والذي طالب فيها بإلزامهم إصدار قرار بعودته للعمل بمنصة القضاء، في جلسة 16 مارس/آذار 2015.
واستند وزير العدل الأسبق في دعواه إلى القواعد التي وضعها مجلس القضاء الأعلى في 3 فبراير/شباط 2003 لإعادة التعيين في القضاء، وهو ما ينطبق على حالته القانونية تماما، وأنه ليس هناك في تلك القواعد نص واحد يحول دون عودته إلى عمله على منصة القضاء.
كما استند إلى حالة المستشار حاتم بجاتو، والذي عُين وزيراً لشؤون المجالس النيابية في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، بنفس القرار الصادر بشأنه بتعينه وزيراً للعدل، وقدر صدر له قرار جمهوري.