قصر يلدز

22 سبتمبر 2015
أحد القصور في "قصر يلدز"
+ الخط -
قصر يلدز، اسم يطلق على مجموعة من القصور والأجنحة ومتحف ومعمل إمبراطوري للخزف، واقعة كلّها في قلب أكبر غابة في قلب إسطنبول. معنى يلدز بالتركية "النجمة". وكالنجمة تشع هذه المباني ذات الطراز العثماني المختلط بشكلٍ واضح بالطراز الأوروبي.
قيل إن السلطان عبد الحميد الثاني، هجر في نهاية القرن التاسع عشر قصر دولمه باهتشه المطلّ على ضفاف البوسفور، واختار تلك البقعة حيث الأشجار المتنوعة والنباتات والزهور البهية التي تؤلّف كلّها "غابة يلدز". غابةٌ تشبه المدينة؛ إذ النباتات فيها ليست محلية فحسب، بل منها المستجلب من شتّى البقاع، لتكون كلّها هنا في ذاك المكان الاستثنائي حيث أوروبا وآسيا تلتقيان.
إذ يهجر السلطان قصره، فهذا لا يمكن إلا أن يكون لسبب "سياسي"، ويبدو أن السلطان عبد الحميد الثاني كان يخشى هجومًا يأتيه من ناحية الماء، من البوسفور، فترك جهة الماء واختار جهة الغابة. كذا غدا المكان مقرّ إقامة السلطان وبلاطه.
إسطنبول هي هي، واقعة في مكان "لقاء الشرق بالغرب"، جامعة لمؤثّرات شتّى من الجهتين. مؤثّرات تظهر في عمارتها الغنية وعمرانها المميّز.
أراد السلطان العثماني أن يكون مجمّع القصور هذا، عاليًا كاسمه؛ "نجمة" تحفة معمارية، فاستدعى معماريًا إيطاليًا شهيرًا هو ريموندو دارونكو لبناء أجنحة إضافية.

اقرأ أيضاً: المدرسة العادلية بدمشق

ريموندو، الذي درس هندسة العمارة في البندقية، استجاب لدعوة السلطان، كان ذاك عام 1892. أعجب السلطان بالمعماري، فسمّاه رئيس المعماريين، وأوكل إليه مهمة إعادة بناء مدينة إسطنبول التي أصابها زلزال. نفذ الإيطالي مجموعة من الأبنية بين عامي 1896 و1897 ذات أطرزة متنوعة، لكن يمكن تصنيفها كلّها في ثلاث مجموعات، مجموعة الإحياء التي تركز على عناصر العمارة العثمانية، والـ"آر نوفو" Art Nouveau، ومدرسة فيينا. كان ريموندو دارونكو أوّل من أدخل طراز الـ"آر نوفو" الأوروبي إلى إسطنبول. واستلهم دارونكو من الزخارف البيزنطية والعثمانية على حدّ سواء، وكان له فضل في إدخال عناصر العمارة الإسلامية من زخارف وأشكال إلى الأبنية "الحديثة" في إسطنبول.
ولعلّ هذا الشغف بالزخارف وبما هو مشغول ومنمنم ومورّق ومترف، كان هو السبب في اختيار السلطان العثماني معماريًا إيطاليًا. إذ يروى عن السلطان عبد الحميد الثاني أنه كان عارفًا بأسرار الخشب والزخارف والحفر، ويبدو أنه صمّم بعض الأثاث في أحد الأجنحة.
المساهمون