(قصتي-نادال) والخيار الصعب بين التنس وكرة القدم (5)

18 أكتوبر 2015
+ الخط -


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني رافائيل نادال.

كرة القدم عشقي منذ الطفولة، وكنت أتعامل بجدية مع هذه الرياضة منذ أن لعبت في الفريق الرسمي لمناكور في دوري للأشبال، كان والدي وعمي ميغل أنخل يحبان تذكّر أنني كنت أقوم بمراجعة تلك المباريات بتحليل ما حدث فيها. كنت أعلق على أخطائي وأهدافي، لأنني على الرغم من أنني أصغر زملائي بعام، سجلت أهدافا كثيرة (50 هدفا في الموسم) نظرا لأنني كنت ألعب جناحا أيسر.

كنا نتدرب طوال الأسبوع وينتابني التوتر الليلة التي تسبق المباراة. كنت أستيقظ في السادسة صباح يوم اللقاء، وأفكر في المواجهة وأعد نفسي ذهنيا. دائما ما كنت أنظف الحذاء قبل المباراة، لتخفيف التوتر. والدتي وشقيقتي تضحكان عندما تتذكران هذا لأنهما تقولان إنني في ما يتعلق بممارسة الرياضة فأنا منضبط ومنظّم، على العكس تماماً عما أنا عليه في باقي الأمور.

حلم احتراف كرة القدم
منذ الصغر كان حلمي أن أصبح لاعب كرة قدم محترف رغم أنني وأنا وفي السابعة من عمري كنت ألعب بطولات تنس وأقدم مستوى جيدا، ولكنني كنت أشعر بتوتر أكبر عندما أخوض مباراة كرة قدم، ربما لأنني لم ألعب بمفردي وأنني كنت أشعر بأنني مسؤول أمام زملائي.

كان لديّ إيمان مطلق بقدرتنا على الفوز حتى عندما نكون متأخرين بنتيجة كبيرة. أحيانا كنا متأخرين بخمسة أهداف نظيفة وأصرخ في زملائي "لن نستسلم! لا يزال بإمكاننا الفوز". وفي إحدى المرات خسرنا بستة أهداف نظيفة، فقلت بعد المباراة "لا يهم. عندما نلعب على أرضنا سنهزمهم شر هزيمة".

أتذكر تحديدا الموسم الذي فزنا فيه ببطولة جزر البليار، حينما كنت في الحادية عشرة من عمري. كانت المباراة الحاسمة أمام مايوركا، وكنا متأخرين بهدف في الشوط الأول، ولكننا عدّلنا النتيجة وفزنا (2-1) بهدف من ركلة جزاء احتسبت لي. ورغم أن من المفترض أن أسددها بالنظر لكوني هداف الفريق، ولكني لم أتجرأ على تحمّل تلك المسؤولية.

الاختيار الصعب
كان الاختيار بين التنس وكرة القدم من أصعب القرارات التي تعيّن عليّ اتخاذها، رغم أن الظروف التي وقعت اتخذته نيابة عني، فحينها كنت أتدرب خمس مرات في الأسبوع وأسافر للخارج لخوض منافسات التنس، ولكنني كنت أتدرب مع فريق كرة القدم وأشارك في المنافسات خلال عطلات نهاية الأسبوع، في الوقت نفسه كان عليّ مذاكرة دروسي، كان عليّ التخلي عن إحداهما، لكنني لم أكن أريد ترك كرة القدم.

تولّى مهمة تدريب فريق كرة القدم مدرب جديد لم يبد المرونة التي كان يتعامل بها سابقه حيال وضعي، وأخبرني أنني إذا لم أتدرب بانتظام كغيري من الفتية فسيطرني من الفريق، وقد كان. لو لم يكن هذا المدرب قد تولى قيادة الفريق كانت حياتي ستتغيّر.

حب ريال مدريد
اتخذ هذا العشق صورة أخرى مع احترافي التنس، فأنا من أنصار ريال مدريد، الذي يشجعه والدي رغم أن عمي كان محترفا في برشلونة واصطحبني للعب على ملعب كامب نو ذات مرة، وإذا كنت في أستراليا أو بانكوك وتبث مباراة لريال مدريد في الخامسة صباحا أستيقظ لمتابعته. أحيانا، حتى ولو كان عليّ أن ألعب بعد ساعات، وإذا تطلب الأمر، أقوم بتعديل موعد التدريب ليتلاءم مع توقيت المباريات.

وفي أستراليا المفتوحة تحديدا يكون الوضع أصعب نظرا لأنها تقام في يناير/ كانون الثاني من كل عام، وهو موعد هام للكرة الإسبانية، واعتدت الاستيقاظ فجرا لمتابعة مباريات ريال مدريد، وإذا كانت المباراة مبكرة للغاية (بتوقيت أستراليا) أضبط المنبّه لأتابع سير المباراة، وإذا كانت النتيجة كبيرة أخلد إلى النوم ولكن إذا كانت كفتا الفريقين متكافئتين أظل مستيقظا حتى النهاية.

ولكن إذا كنت سأخوض لقاءً في اليوم نفسه، فلا أستيقظ لمتابعة المباراة، مهما كانت أهمية المباراة، فالعمل أولاً.

المساهمون