في هذه الأثناء بقي الوجود الرسمي الفلسطيني محظورا بسبب اتفاقية أوسلو، حتى ما قبل عامين حين بدأت الحكومة ترصد موازنات صغيرة لدعم صمود السكان الفلسطينيين في تلك الأراضي، بينما ينشط الاتحاد الأوروبي بشكل خاص ولافت منذ 2010 بالبناء وتقديم المساعدات للأهالي، في المجالات الإنسانية والتنموية، وبلغت قيمة هذه المساعدات في السنوات الثلاث الماضية 33 مليون يورو.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي لا يصعّد سياسياً أو إعلامياً بعد كل عملية هدم وتخريب للمشاريع الأوروبية، في اتقاء واضح لرد الفعل الاسرائيلي، إلا أن وزراء إسرائيليين يحرّضون على الاتحاد الأوروبي، ويتهمونه بأنه يقوم ببناء مستوطنات للفلسطينيين في مناطق "ج"، في تزوير كامل للحقائق على الأرض.
هدم لا يتوقف
وصلت عمليات هدم المنشآت التي يبنيها الاتحاد الأوروبي في مناطق "ج" عام 2016 ذروتها مقارنة بالسنوات العشر الماضية، إذ وصلت قيمة ما هدمه الاحتلال إلى نحو 600 ألف يورو في عام واحد، شملت وحدات سكنية ومأوى للحيوانات وخطوط مياه وغيرها من الاحتياجات السكانية التي تترك الأهالي بعد كل عملية هدم في العراء، فيما بلغت في الأعوام 2014 و2015 نحو 400 ألف يورو.
يقول مسؤول الإعلام في مكتب تمثيل الاتحاد الأوروبي في القدس شادي عثمان لـ"العربي الجديد" إن "إسرائيل قوة احتلال عليها واجبات وفق القانون الدولي تجاه السكان الفلسطينيين في هذه المناطق، وبالتالي، في حال عدم قيامها بذلك، عليها تمكين الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي من توفير هذه المساعدة للسكان". ويتابع: "الاتحاد الأوروبي يرفض بشكل مطلق سياسة إسرائيل الاستيطانية بشكل عام، وسياستها المتعلقة بالمناطق المصنفة "ج"، ويرى أن الوجود الفلسطيني فيها أمر مهم، هذه أرض محتلة، ويُتوقع من إسرائيل أن تحترم ما يقدّمه الاتحاد من مساعدات وتمتنع عن أي مس فيها، وأن توفر للمواطن الفلسطيني الإمكانية بأن ينمو ويتطور في هذه الأماكن أسوة بأي مكان آخر". ووفق عثمان، فإن هدم منشآت الاتحاد الأوروبي ومشاريعه في مناطق "ج" يتم نقاشه على أنه من القضايا المحورية مع إسرائيل في كل لقاء.
بدأ الاتحاد الأوروبي بتوثيق التدمير الإسرائيلي لمشاريعه منذ عام 2010، أي منذ أن بدأ الاتحاد يدعم قيام التجمّعات الفلسطينية بعمل مخططات هيكلية. وعلى الرغم من الخلل المبدئي بهذه المخططات من حيث الأساس، إذ يُطلب من التجمّعات السكانية أن تقوم بعمل مخطط هيكلي لها، يتضمن المساكن والبنى التحتية وغيره، إلا أن صاحب القرار في هذه المخططات هو الإدارة المدنية للاحتلال الإسرائيلي، إذ يعكف نحو 13 ضابطاً إسرائيلياً على تعديل المخططات التي تردُهم من التجمّعات السكانية والمجالس المحلية التي تشرف عليها، لتقوم الإدارة المدنية بتعديلها بالكيفية التي تترك أقل قدر ممكن من الأرض للفلسطينيين لاعتبارات الاستيطان، ليكون الأمر في نهاية المطاف وكأن الفلسطيني يضع قيده حول رقبته بيده. لكن على الرغم من هذه النتيجة الحتمية، إلا أن الإدارة المدنية وافقت شفهياً على مخططات بعدد أصابع اليد الواحدة من أصل 100 مخطط تم تقديمها لها خلال السنوات الماضية، وما تبقى من مخططات امتنعت الإدارة المدنية عن الجواب سلباً أو إيجاباً، لكن ضباطها لم يمتنعوا عن مواصلة الهدم.
ويقول عثمان: "حسب ما تم التوافق عليه مع إسرائيل، فإن التجمّعات السكانية تُقدّم مخططها الهيكلي وبعد مرور 18 شهراً من عدم تلقي رد إسرائيلي سلباً أو إيجاباً، يتم إنجاز المخطط الهيكلي". وعن السلبيات الكبيرة لفكرة المخططات الهيكلية التي تمنع النمو الطبيعي للفلسطيني وتحصره في منطقة محددة في أرضه، يقول عثمان: "بفضل المخطط الهيكلي فإن إسرائيل لم تستطع هدم مدرسة التواني جنوب الخليل".
قصة صمود التواني
التواني هي واحدة من قرى مسافر يطا الثماني عشرة جنوب الخليل، وهي قصة صمود يومية يعيشها الكبار والأطفال في القرية المحاطة بثلاث مستعمرات استيطانية، وبشارع التفافي لاستخدام المستوطنين، استولى الاحتلال على نحو 1200 دونم من أرض القرية وأبقى لسكانها 200 دونم فقط، وسط اعتداءات يومية من هدم وضرب وخلع أشجار وتسميم المواشي والآبار، وقائمة تطول من العذاب اليومي.
ووافقت الإدارة المدنية على المخطط الهيكلي الذي أبقى 200 دونم لأهالي قرية التواني البالغ عددهم نحو 500 نسمة، إلا أن الإدارة المدنية امتنعت عن المصادقة رسمياً على المخطط، بعد احتجاجات واسعة للمستوطنين ومجلس المستعمرات الذي يرفض وجود أهل التواني على أرضهم، كما يقول رئيس مجلس قروي التواني، صابر الهريني. ويشير إلى أن "اعتداءات المستعمرين شبه يومية، وقدّمنا في السنوات الماضية آلاف الشكاوى ضدهم في مراكز الشرطة الإسرائيلية الموجودة في المستعمرات لكن من دون جدوى".
بين الأهالي كان من اللافت رؤية فتيات أوروبيات متطوعات في مؤسسة أوروبية لتوثيق اعتداءات المستعمرين، إذ يقمن بتوثيق الاعتداءات منذ عشر سنوات وإرسالها للاتحاد الأوروبي، أما المفارقة الكبيرة فهي إصرار قوات الاحتلال على الفلسطينيين بتقديم الشكاوى بعد كل اعتداء للمستعمرين عليهم، لدرجة أنهم ينقلون الأهالي بسيارات الجيش إلى مركز شرطة الاحتلال لتقديم الشكاوى، في تكتيك إسرائيلي يعكس أن شرطة الاحتلال تنظر في شكاوى الفلسطينيين، ما يعني أن منظومة العدالة الإسرائيلية تقوم بالمتابعة لذر الرماد في عيون أي محاكم جنائية أو دولية مستقبلية.
لا يذكر الهريني آخر مرة زار فيها وزير في السلطة الفلسطينية قرية التواني، وباستثناء زيارة محافظ الخليل العام الماضي، فإن آخر زيارة لوزير الحكم المحلي كانت قبل 11 سنة وقام بها الوزير خالد فهد القواسمي، فيما زار رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض المكان عام 2008.
على تلة تتوسط القرية والمستوطنة، جلست الجدة فاطمة سلامة الهدار (82 عاماً)، تراقب أحفادها يلعبون قرب خيمة نصبتها القرية لتكون محطة راحة لأطفال القرى الفلسطينية المجاورة التي تقف المستعمرة بينهم وبين مدرستهم، مثل حقل شوك لئيم. تقول الهدار: "صار لي أكثر من 60 سنة وأنا بناطح وبقاتل المستعمرات، لكن التواني مثل القيادة الفلسطينية تناطح إسرائيل بقرن مكسور". وتضيف: "ولدت قبل دولة إسرائيل بـ20 سنة، واليوم يطردوننا من أرضنا، ويسممون أغنامنا، ويضعون السم في آبار المياه، لقد ذلونا، سرقوا الأرض التي نعتاش منها ونربي فيها الغنم ونزرعها لنعيش، لم يبق من الأرض ما يكفي لنعيش عليه، يضربون الراعي ويعتقلونه ويخرج بغرامة مالية كبيرة بعد أيام، أين نذهب؟".
في إحدى المرات التي تصدّت الهدار للمستعمرين بدأوا بضربها وبدأت بالصراخ قائلة "لو أبو عمار موجود ما ضربتوني"، فرد عليها أحد المستعمرين: "إنتو غنم بلا راعي". للجدة الهدار أكثر من 50 حفيداً وحفيدة، الصغار منهم يدرسون في مدرسة التواني، التي بات وجودها غصة للمستعمرين، وكل يوم دراسي فيها بمثابة يوم صمود آخر يضاف لروزنامة المدرسة.
عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، أغلقت بالقوة مدرسة قرية التواني التي كان تعمل قبل عقود طويلة من الاحتلال، وأعاد السكان افتتاح مدرسة للقرية بمساعدة من الاتحاد الأوروبي الذي قام ببناء ثلاث غرف صفّية عام 1998، وبعد ذلك توسعت المدرسة لتضم ثلاث غرف أخرى بناها أهالي القرية، وقامت وزارة المالية الفلسطينية ببناء 3 غرف أخرى. بدأت المدرسة بـ12 طالباً عام 1998 والآن يوجد فيها 160 طالباً من الصف الأول الابتدائي وحتى الثانوية العامة.
أمام خيمة بين التواني والمستعمرة، وقف مدير مدرسة "التواني المختلطة" محمد أبو الحلاوة يشرح معاناة طلابه في الوصول اليومي للمدرسة، قائلاً: "مدرسة التواني تخدم عدة تجمّعات سكانية هي: التواني، المفقرة، سوسيا، طوبا، مغاير العبيد، والجوايا، وأجزاء من يطا، لكن الأكثر معاناة يومياً هم طلاب قريتي طوبا ومغاير العبيد، الذين يأتون إلى المدرسة صباحا عبر مستعمرة "ماعون" المقامة على أراضي التواني الواصلة ما بين طوبا والتواني". ويشرح أن المدرسة تقوم بالتنسيق يومياً مع جنود الاحتلال لعبور الطلاب من خلال المستعمرة باتجاه المدرسة، والأمر نفسه يتكرر في رحلة الإياب. ويضيف: "تخيل أن يكون هناك طفل في السادسة من عمره ويصطحبه جنود مدججون بالسلاح ليمشي معهم عبر المستعمرة خوفاً من تعرض المستعمرين له".
عادة ما يتأخر الجنود الذين ينسقون مرور الطلبة عبر المستعمرة ساعتين أو أكثر على موعد الدوام المدرسي، في الطريق التي تستغرق نصف ساعة من المشي، أما إذا كان هناك نشاط أمني فإن جيش الاحتلال يرفض التنسيق للطلاب، وبالتالي يضطرون للالتفاف حول المستعمرة ويمشون مسافة 14 كيلومتراً عبر الوديان والتلال على الأقدام حتى يصلوا المدرسة.
الطالب حمزة عمر جندية (13 عاماً) من قرية طوبا يستيقظ يومياً ولا يعرف أي طريق سيمشيه كل يوم، ويقول: "إذا كان الجنود معنا بمشي أنا وصحابي نص ساعة حتى نوصل المدرسة، وإذا لا ما بنقدر نمشي داخل المستعمرة بخاف يقتلونا، لذلك نمشي حول المستعمرة نحو ساعتين حتى نصل المدرسة".
من جهته يشرح أبو الحلاوة "أننا نستقبل الطلاب في حالات مؤلمة، إما الهلع الشديد من صراخ الجنود المدججين بالسلاح، أو التعب الشديد من المشي حول المستعمرة في حال لم ينسق لهم الجنود المرور من خلالها، لذلك قمنا بنصب خيمة في الطريق المؤدية بين المستعمرة والتواني، لتكون نقطة استراحة للطلاب المتعبين من الشتاء أو حرارة الجو، قبل أن يكملوا مسيرتهم باتجاه المدرسة". المدرسة وطلابها الذين يعانون من انتهاكات يومية مرعبة، تعاني مدرستهم أيضاً من نقص هائل في التجهيزات، وعدم وجود ساحة مدرسية للعب الطلاب، ولا يذكرون متى زارهم وزير التربية والتعليم الفلسطيني آخر مرة.
لم يترك الاحتلال أياً من مسلمات الحياة البشرية، من شبكات مياه وكهرباء وبيوت، إلا وقام بتخريبه ويستمر في ذلك حتى اليوم. تتذكر المثقفة الصحية جميلة العدرة كيف اقتحمت في يوم ماطر عشرات الآليات الإسرائيلية القرية لخلع أعمدة الكهرباء قبل بضع سنوات، حضرت نساء القرية وأقمن جداراً بشرياً بأيديهم المتشابكة وأجسادهن وقمن بحماية ما تبقى من الأعمدة. تصف العدرة الأمر لـ"العربي الجديد"، قائلة: "كان يوماً مرعباً، مطر شديد وآليات عسكرية تقترب منا بصوت عالٍ لتخيفنا، وجنود يدفعوننا بعنف ووحشية، لكن جميع نساء التواني لا يردن لأبنائهن أن يعيشوا في العتمة التي تربين عليها، وهذه الأعمدة التي وضعها الاتحاد الأوروبي من حقنا، فرحلوا بعد أن استسلموا".
شراسة استيطانية
وفي سؤال لمدير المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية كريستوف جابري، لماذا تقومون بالبناء وتزويد بعض التجمّعات بأعمدة الكهرباء وأنابيب مياه وأنتم تعرفون أن الاحتلال سيهدمها، يجيب جابري: "هناك مبدأ ليس فقط من قبل الاتحاد الأوروبي ولكن من الأمم المتحدة، هذه سياستنا أن نقوم بمساعدة الناس على البقاء في مناطق ج".
ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "طالما هناك هدم، فهناك بالاتجاه الآخر التزام من الاتحاد الأوروبي بمساعدة الأهالي وتزويدهم بما يساعدهم على البقاء، ونقوم بتوثيق ما يحدث من تدمير، وإطلاع السياسيين الأوروبيين عليه، والأمم المتحدة تقوم بالمثل من توثيق ما يحصل في منطقة ج والرسالة تصل عبر السياسيين وليس عبرنا". ويتابع: "لا نعتقد أن المساعدات الإنسانية هي الحل، لكنها استجابة مؤقتة للمشاكل التي يواجهها الأهالي هنا، لقد أكدنا ذلك دوماً وتحديداً عام 2013 أن مهمتنا تزويدهم بالمساعدة للناس حيث يقيمون على الرغم من الهدم، في استجابة إنسانية سريعة لحاجاتهم".
وحول ازدياد شراسة الاستيطان الذي يهدد وجود الفلسطينيين، إذ يوجد في مناطق ج 570 موقعاً استعمارياً، يقول جابري: "لا أدري ماذا يحدث بالنسبة للمستوطنات، هذا ليس مجالي، لكن كل ما كان هناك مستوطنات أكثر كل ما كان هناك مشاكل إنسانية أكثر للفلسطينيين وتدمير منشآت أكثر"، مستدركا: "ليس من مهامي الإجابة على أي سؤال سياسي". لكن جابري يعرب عن تفاؤله بأن 95 في المائة من المنشآت والمساعدات الأوروبية ما زالت موجودة، مثل وضع سكان قرية أم الخير الذين ما زالوا يتمتعون ببعض هذه المساعدات.
في خربة أم الخير شرق يطا، يبدو الأمر كارثياً، منازل من الصفيح تم هدمها، وما تبقى مهدد بالهدم بإخطارات من الإدارة المدنية الإسرائيلية، ورجال القرية وأولادها في خيمة كبيرة، فيما الأطفال والنساء في خيم أخرى صغيرة، لا تبعد عن مستعمرة "كرمائيل" سوى بضعة أمتار.
يروي الطفل سلمان الهذالين كيف هدموا منزل جده مرات عديدة، وفي كل مرة يستيقظ وأخوته مذعورين من رؤية جنود الاحتلال الذين يتركونهم في العراء بعد كل هدم. ويقول: "لما ما يكون في هدم، ما بنام من المستعمرين اللي بضربوا ع خيمنا حجار بالليل واحنا نايمين". أما سليمان عيد الهذالين، كبير الخربة، فيقول: "نحن فرع من بدو الجهالين التي تضم 30 عشيرة، تهجرنا من تل عراد في النقب عام 1948، والآن الجهالين منتشرون من أقصى نقطة في شمال فلسطين إلى أقصى نقطة جنوبها"، مضيفاً: "نحن حماة الصحراء الفلسطينية ونواجه الطرد والهدم بشكل يومي، بينما الرئيس أبو مازن لا يملك أكثر من المدن الرئيسية مثل رام الله وبيت لحم، والخليل، لكن حتى الأخيرة لا يملك أي سيطرة عليها لأنها مقسمة حسب الاتفاقيات مع إسرائيل إلى H1 وH2".
من جهتها تقول الحاجة عيدة الهذالين: "عندما هجرت إسرائيل عائلة والدي من تل عراد، اشترينا هذه الأرض وعشنا عليها، لكن إسرائيل لا تريدنا في أي مكان، لقد جعلوا حياتنا لا تطاق، بالنهار جنود الاحتلال، وبالليل المستعمرون".
تهميش وغياب رسمي
في كل التجمّعات البدوية الفلسطينية، يشعر البدو أنهم مهمشون من السلطة الفلسطينية، وأن ما يقدّمه الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية من مساعدات لن يغير المصير الذي رسمته لهم إسرائيل، بتجميعهم في تجمّعات صغيرة أو تهجيرهم إلى مناطق "أ" و"ب" والاستيلاء على أرضهم لصالح المستوطنات. المؤكد أن السلطة الفلسطينية التفتت أخيراً لمناطق "ج"، فبعد مساعدات خجولة وتدخّلات عبر المؤسسات الدولية سابقاً، أقرت الحكومة الفلسطينية قبل شهر لأول مرة موازنة لمناطق "ج" بقيمة سبعة ملايين دولار.
يوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه تم إقرار هذه الخطة بإجماع مجلس الوزراء الشهر الماضي، إذ قامت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بالتنسيق مع أمانة سر اللجنة لتنفيذية لمنظمة التحرير، وبالتنسيق مع محافظة أريحا والقدس، بإعداد خطة مع سبع وزارات بالتعاون مع الهيئة، تهدف لتعزيز صمود التجمعات البدوية في محاور عدة. وحول أن الحكومة لا تعمل في مناطق "ج"، يقول عساف: "هذا غير صحيح". ويشرح أنه "لم تكن هناك موازنات في الفترة الأخيرة، لكن منذ عام 2015 بدأنا برصد موازنات، وتمت زيادة الموازنة عامي 2016 و2017". ووفق عساف فإن الهيئة تشكّلت عام 2004 وكانت تختص بالعمل الجماهيري والقانوني.
لكن العمل الجماهيري موسمي وبالكاد تتم ملاحظته، فيما توفر الهيئة المساعدة القانونية للأهالي الذين يتم إخطارهم بهدم بيوتهم ومنشآتهم. ويدل عساف على الاهتمام الحكومي بمناطق "ج" قائلاً: "وزارة التربية والتعليم افتتحت ثلاث مدارس هذا العام في مناطق "ج"، في التجمّعات غير المعترف بها، وهي في ضواحي القدس، وفي طانا قرب نابلس، ومدرسة الخان الأحمر المهددة بالهدم حالياً، فضلاً عن خمس مدارس سيتم إنشاؤها العام المقبل بالتعاون ما بين الهيئة ووزارة التربية والتعليم، وتعمل على توفير الخدمة التعليمية في كل مناطق ج، وهناك خطة لوزارة الزراعة لتقديم الخدمات للثروة الحيوانية".
الالتفات الفلسطيني لمناطق "ج" متأخر وربما فات الأوان، فعلى سبيل المثال منطقة الغور الفلسطيني التي تشكل من مناطق "ج" يوجد فيها 32 مستعمرة زراعية من أصل 38 مستعمرة من أراضي الغور الذي يشكل 46 في المائة من مناطق "ج" و28 في المائة من مساحة الضفة الغربية بشكل عام، فيما يوجد في منطقة "ج" 570 موقعاً استعمارياً، ما يعني أن إسرائيل تسير بخطى ثابتة وسريعة نحو ضم الضفة الغربية، وما قانون "تسوية الأراضي" الذي أقرته دولة الاحتلال أخيراً إلا السطر الأخير في ملف الاستعمار الاستيطاني الصهيوني من جهة، وأداة قتل ولّدها اتفاق أوسلو لقتل حلم الدولة الفلسطينية.