قرية الديرات الفلسطينية تتحدى سيطرة إسرائيل

10 مايو 2015
من يسأل عن مصير الأسر التي تجرف منازلها؟(العربي الجديد)
+ الخط -
وجدت عائلة فلسطينية مؤلفة من 17 شخصاً نفسها بلا مأوى، بعد أن قامت جرافتان إسرائيليتان بهدم منزلها المؤلف من ثلاثة طوابق في قرية الديرات في الضفة الغربية المحتلة بحجة بنائه من دون ترخيص.

واضطرت العائلة التي أصبح منزلها كومة من الركام إلى الانتقال والسكن في قرية قريبة، لأنها لا ترغب في إعادة بناء ثم هدم المنزل لأنه بُني على أرض تملكها العائلة من دون الحصول على موافقة إسرائيل.


ويتكرر هذا السيناريو مئات المرات سنوياً في الضفة الغربية المحتلة، إذ من المستحيل الحصول على رخصة بناء من إسرائيل، ما يدفع الفلسطينيين إلى البناء "من دون ترخيص" بشكل غير قانوني، فتقدم السلطات الإسرائيلية على هدم هذه المنازل.

وتنظر المحكمة العليا الإسرائيلية حالياً في قضية متعلقة بسيطرة إسرائيل الكاملة على التخطيط للبناء في "منطقة ج" التي تشكل 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة.

وتطالب قرية الديرات بالتعاون مع منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية غير الحكومية ومنظمات أخرى، الدولة العبرية بإنهاء سياسات الإسكان التمييزية وإعادة شؤون البناء والتخطيط إلى الفلسطينيين.


ويقول الملتمسون إن هذه القضية ستقدم حلولاً لمشكلة البناء، والذي يعتبر غير قانوني، وستؤثر على هدم المنازل في هذه المناطق. ويتناول الالتماس أيضاً قضية التشريد القسري للفلسطينيين كنتيجة للتخطيط الفاشل وهدم المنازل الممنوع بموجب القانون الدولي.

ويقول إريك اشرمان، رئيس منظمة حاخامات من أجل حقوق الإنسان إن "التخطيط لا ينظر إليه باعتباره حق... بل يعتبر كشيء يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تمنحه أو تسحبه".

وتقول أرقام صادرة عن الأمم المتحدة أن هناك 298 ألف فلسطيني يقيمون في منطقة ج، مع 341 ألف مستوطن إسرائيلي في 135 مستوطنة و100 بؤرة استيطانية عشوائية. وتبلغ مساحة المنطقة ج 360 ألف هكتار، ولكن أقل من 1 في المائة من مساحتها مخصص للتطوير الفلسطيني، مقابل 70 في المائة للمستوطنات، بحسب الأمم المتحدة.


وكتب خبير التخطيط المدني راسم خمايسي في شهادة إلى المحكمة "النتيجة هي فشل عميق ومستمر في التخطيط وتدمير واسع النطاق لمنازل الفلسطينيين في منطقة ج". وهدمت إسرائيل العام الماضي 601 منشأة فلسطينية، ما أدى إلى تشريد 1215 فلسطينياً. وبحسب الأمم المتحدة، فهذا أعلى رقم للسكان المتضررين من سياسات الهدم الإسرائيلية منذ أن بدأت بحفظ السجلات في عام 2008.

وأوضحت منظمة بيمكوم غير الحكومية الإسرائيلية أن إسرائيل منحت في عام 2014 رخصة بناء واحدة فقط للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ما يدفع آلاف العائلات الفلسطينية إلى البناء من دون ترخيص. وأكد أشرمان أن "الأمر الوحيد الذي يمكن أن يحدث الآن ويستطيع تغيير الوضع فعلياً هو إعادة سلطة التخطيط إلى أيدي الفلسطينيين".


وفي قرية الديرات التي يقيم فيها 1800 فلسطيني، تعيش الأغلبية في خوف وقلق من هدم المنازل التي يقيمون فيها. ويقول محمد العمور (59 عاماً) والمتزوج من أربع نساء ولديه 30 طفلاً "الشعور صعب للغاية. فكل يوم ترى فيه مركبات الجيش تمر من هنا تعتقد بأنهم سيأتون لهدم منزلك". وأضاف الرجل الذي اضطر إلى صرف أمواله وأموال أولاده لإعادة بناء المنازل الأربعة التي هدمها الجيش أن هذه "حرب نفسية وحرب مادية لا حدود لها. الشعور لا يوصف".

بينما يؤكد محمد العدرا وهو سائق سيارة أجرة لديه 25 طفلاً أن "كل من يعيش هنا وعمره فوق الـ 45 عاماً، هدم منزله مرة واحدة على الأقل، وبعضهم هدم منزله مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً" مشيراً إلى أن "الهدف هو إجبارنا على المغادرة".

من جهتها، أكدت الإدارة المدنية الإسرائيلية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية والمسؤولة عن تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن الحصول على رخصة بناء يتطلب موافقة "القيادة السياسية"، موضحة أن "لجنة التخطيط التابعة للإدارة المدنية تقوم بفحص وترويج خطط البناء بشكل عادل، اعتماداً على حقيقة أن تكون هذه الخطط قد لبت معايير التخطيط ذات الصلة وموافقة القيادة السياسية على الترويج لها" من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

بينما يقول أشرمان إن التخطيط الذي من المفترض أن يكون شأناً مدنياً خالصاً تم تحويله إلى مسألة سياسية. ويتابع "ترغب إسرائيل كثيراً بالمطالبة بأكبر قدر من منطقة ج، لهذا هناك اهتمام كبير في إبقائها خالية من دون تواجد فلسطيني قدر الإمكان".

اقرأ أيضاً: سوسيا الفلسطينيّة تترقّب نكبتها الجديدة