تعيش جهات عدة في المغرب موجة برد قارس يعتبرها كثيرون من أشد الموجات الباردة التي تضرب البلاد، بسبب كميات الثلوج الكثيفة التي تساقطت في المناطق الجبلية، خصوصاً في الأطلس الكبير والمتوسط. كما استقبلت مناطق جنوبية حصتها من الثلوج أضفت مشاهد نادرة منذ عقود، في وارزارات وتنغير وغيرهما.
وأفضى تساقط الثلوج منذ بداية الأسبوع الجاري إلى عزل العديد من الدواوير والقرى في المناطق الجبلية، وباتت محاصرة من الثلوج من كل جانب، لا تصلها بمحيطها الخارجي سوى استغاثات مواطنين ونشطاء عبر وسائط التواصل الاجتماعي.
موجات الثلوج المستمرة في الهطول فوق مناطق وجهات المملكة سببت مشاكل اجتماعية للساكنة الفقيرة، أولاها عزل قراهم ودواويرهم عن العالم الخارجي، وثانيتها صعوبة وصول المؤن والأغطية والمساعدات إليهم، والثالثة انقطاع التيار الكهربائي في عدد من المناطق، ورابعا نفوق عدد من رؤوس الماشية، ما يعتبر خسارة فادحة للعائلات التي تقتات من مثل هذه الأنشطة الاقتصادية البسيطة.
وأطلق مواطنون ونشطاء في عدد من المناطق "المنكوبة" بسبب انهمار الثلوج المتزايد، نداءات متعددة طلبا للنجدة والاستغاثة قبل أن تستفحل الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه. كما طالب هؤلاء السلطات المحلية بإنقاذ مسافرين عالقين في بعض الطرق بسبب محاصرة الثلوج لهم، علاوة على إنقاذ حياة رعاة الغنم في الجبال الذين داهمتهم الثلوج.
وتحولت البهجة التي يخلقها مشهد الثلوج البيضاء حين تكسو الجبال من نعمة تزخر بها البلاد إلى نقمة خلال الأيام الجارية. وهذا ما حصل على سبيل المثال لسكان دوار أيت حدو قرب إقليم خنيفرة، حيث يعيش العديد من السكان تحت وطأة الصقيع والهبوط الحاد في درجات الحرارة، والعزلة التي باتوا يكابدونها جراء الطقس السيئ، التي فاقمت معاناتهم الأصلية إثر شح الموارد المالية والطبيعية.
ويقول أحمد إغرم، الناشط الجمعوي بضواحي الخنيفرة، لـ"العربي الجديد"، إن موسم الثلوج الحالي غير مسبوق عند كثير من شباب الجيل الحالي، خصوصاً بسبب برودته الشديدة، والأضرار التي ألحقها بالسكان وحياتهم وماشيتهم ومستقبل أبنائهم ومؤونتهم اليومية.
— HACKERS®MOROCCAN🇲🇦 (@HackersMoroccan) ٣١ يناير، ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ويشرح الناشط ذاته بأنه شاهد بأم عينه "ماعزا وأغناما نافقة، كانت ترعى بين الجبال بسبب تراكم الثلوج وقساوة البرد والصقيع، وإن سيدة سقط سقف بيتها الطيني من ثقل الثلوج، كاد أن يزهق حياتها وحياة أبنائها"، مضيفا أن "الوضع مترد في هذه المناطق التي تقاسي أحلك الظروف قبل وأثناء وبعد موسم الثلوج".
— صحيفة المناطق (@AlMnatiq) ٢ فبراير، ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ودعا إلى إعلان منطقته وجميع المناطق الجبلية المحاصرة بسبب الثلوج الكثيفة مناطق منكوبة، مثلما حصل العام الماضي مع مناطق مغربية ضربتها الفيضانات القاتلة، مبرزا أن حصار الثلوج وقطع الطرق المؤدية إلى المنطقة يمنع وصول مساعدات غذائية وأغطية وملابس يحملها متطوعون وجمعيات مدنية، فضلا عن مساعدات السلطات المحلية.
— Mohamed Bouarbi (@bouarbi_mohamed) ٢٩ يناير، ٢٠١٨
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Mohamed Bouarbi (@bouarbi_mohamed) ٢٩ يناير، ٢٠١٨
|
— MOROCCO (@M_OROCCO) ٢٨ يناير، ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
مجهودات السلطات في فك العزلة عن مناطق محاصرة بسبب الثلوج أوردتها وزارة الداخلية المغربية ضمن بلاغ أشارت فيه إلى أن "عدد الأسر التي استفادت حتى اليوم من عملية توزيع المؤن الغذائية والأغطية بالأقاليم، في إطار الجهود المبذولة لفك العزلة عن المناطق التي عرفت تساقطات ثلجية وانخفاضا شديدا لدرجات الحرارة، وصل إلى 43 ألفا و896 عائلة".
وتفيد معطيات وزارة الداخلية بأن عملية المساعدات تشمل 22 إقليما، بها 1205 دواروير تابعة لـ169 جماعة محلية، بمجموع ساكنة يناهز 514 ألف نسمة، تم خلالها "تقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة اللازمة لساكنة هذه المناطق لمواجهة الآثار السلبية للظروف المناخية الصعبة".
وأقامت السلطات مستشفيين عسكريين ميدانيين بكل من إقليم شيشاوة وإقليم تنغير، كما أحدثت مستشفى متنقلاً تابعاً لوزارة الصحة بإقليم ميدلت، وتعبئة 660 طبيبا وأكثر من 1950 ممرضا، ونحو 43 مستشفى تابع لوزارة الصحة و9 وحدات صحية متنقلة وأكثر من 400 سيارة إسعاف. كما نظمت 371 قافلة طبية لفائدة ما يفوق 207 آلاف شخص.