قرع طبول الحرب حول طرابلس... وهذه السيناريوهات المتوقعة

24 فبراير 2019
التوتر الحاصل "ينذر بقرب وقوع مواجهات مسلحة" (Getty)
+ الخط -

تشهد مواقع عسكرية، جنوب وغرب العاصمة طرابلس، تحركات لتحشيد الأسلحة ونقل المقاتلين، وتحديدا داخل معسكر اللواء الرابع في منطقة العزيزية، الضاحية الجنوبية للعاصمة، بالتزامن مع حراك مماثل في معسكر أم شويشة، جنوب منطقة العجيلات، التي تبعد عن طرابلس 80 كم غربا.

وحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن التوتر الحاصل في المنطقة "ينذر بقرب وقوع مواجهات مسلحة بين قوتين؛ الأولى تعسكر في منطقة العزيزية وتتبع حكومة الوفاق ويترأسها اللواء أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية، والثانية في العجيلات بالغرب، ويقودوها ضباط تابعون للواء خليفة حفتر".

وأكد المركز الإعلامي لمدينة الزنتان، صباح اليوم الأحد، سيطرة قوات اللواء جويلي على منطقة القريات، وطرد مسلحي حفتر منها، مشيراً إلى أنها تستعد لاقتحام منطقة الأصابعة.

وكانت قوات حفتر قد أطلقت، نهاية الشهر الماضي، عملية عسكرية باسم "طوق الحمادة"، مكلفة اللواء إدريس مادي، المتحدر من الزنتان، بالسيطرة على كامل الخط الرابط بين القريات، جنوب غرب طرابلس، وصولا إلى غدامس الحدودية مع الجزائر.

من جانب آخر، رجحت المصادر أن المجموعات الموالية لحفتر تسعى للتقدم إلى مواقع في منطقة ورشفانة المتاخمة لطرابلس غربا، والتي تسيطر عليها قوات الجويلي منذ سبتمبر الماضي، ضمن خطط حفتر الساعية إلى الاقتراب من العاصمة طرابلس، بعد سيطرته على الجنوب الليبي.

وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر أرتالا من الشاحنات تقلّ أسلحة ثقيلة إلى داخل معسكر اللواء الرابع في العزيزية، قادمة من منطقة الزنتان الجبلية التي ينتمي لها اللواء الجويلي، بالتزامن مع وصول أسلحة إلى معسكر أم شويشة جنوب العجيلات، قادمة من قاعدة الوطية، غرب البلاد، التي تسيطر عليها قوات أخرى من الزنتان موالية لحفتر.

وفي ذات الوقت، قالت المصادر إن منطقة غريان الجبلية تشهد، هي الأخرى، توترا أمنيا كبيرا، في الآونة الأخيرة، على خلفية انقسام مواقفها بين مرحب بحفتر ومعارض له، في وقت تقف قواته على بعد 20 كم فقط غربا، وتحديدا في منطقة الأصابعة.

سيناريو الجنوب في الغرب

ويرى المهدي الشريف، عقيد ليبي متقاعد وخبير أمني، أن الاستراتيجية التي يبدو أن حفتر سينتهجها في الغرب الليبي، هي ذاتها التي استخدمها في الجنوب "فهو يعوّل على الخلافات الداخلية في المدن والمناطق، كما حدث في منطقة الهلال النفطي عام 2017، وأخيرا في الجنوب، وإرغام أهلها على التسليم له، تلافيا لوقوع صدام داخلي بين أبنائهم".

وبيّن الشريف أن "خطط حفتر الرامية إلى خلق انقسامات بدأت فعليا منذ أسابيع، إذ ظهر مسلحون موالون له في مدينتي الزاوية وصرمان غرب طرابلس لإعلان الولاء له".

وأضاف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الانقسام واضح في الزنتان، فجزء من تلك القوات التي يقودها اللواء إدريس مادي تتبع حفتر، وزحفت باتجاه الأصابعة، وهي التي تمد معسكر العجيلات بالسلاح حاليا، مقابل قوات أخرى يقودها الجويلي تعارض حفتر بشكل واضح"، لافتا إلى أن الأخير "نجح نسبيا في اختراق الزنتان بعد أن سلمت له قوة تابعة للمدينة حقل الفيل مؤخرا، بعد أن كانت تسيطر عليها لعدة سنين".

واعتبر الخبير الأمني أن سيطرة الجويلي على منطقة القريات وطرد مسلحي حفتر الذين يقودهم اللواء مادي "يعني بداية الانشقاق الفعلي في الزنتان التي ينتمي لها كل من الجويلي ومادي".

وعن أهمية غريان، قال العقيد "ميدانياّ، السيطرة على غريان تعني وقوع طرابلس تحت فوّهات مدافع حفتر، ولكن حفتر يستخدمها لإزعاج معارضيه في طرابلس، فحتى لو سلّم مسلحوها له بكل تأكيد لن يكونوا ذراعا عسكرية لقواته في المنطقة، لأن مؤيديه أغلبهم مدنيون وشيوخ قبائل فقط"، مؤكدا أن السيطرة على غريان "لا تعدو خلق عامل قلق في طرابلس".



سيناريوهات المشهد المقبل غرباً

وعن سيناريوهات المشهد المقبل في الغرب الليبي، ترى الصحافية الليبية نجاح الترهوني، أنه

أحد اثنين، السيناريو الأول، "إما أن ينجح حفتر في السيطرة اسميا على أغلب مناطق غرب البلاد، مع وجود فصائل مسلحة قريبة من العاصمة تتجه للسيطرة على آخر موقعين للنفط في الزاوية ومليتا غرب العاصمة، وهو ما قد يفسر تحركاته في منطقة العجيلات القريبة من الموقعين النفطيين، وبالتالي ستكون قوات حكومة الوفاق مرغمة على التنسيق معه".

وتعتبر ضمن هذا السيناريو أن فرنسا بدأت بممارسة ضغوط سياسية داخل طرابلس، تمهيدا لوصول حفتر، تؤكدها تصريحات عضو مجلس الدولة بلقاسم قزيط، أمس السبت، بعد لقاء وفد من أعضاء المجلس بالسفيرة الفرنسية، بياتريس دو هيلين، الذي نقل مطالب السفيرة بضرورة "وجود تنسيق بين السراج وحفتر" من دون أن يحدد حول ماذا سيكون التنسيق، بل نقل عزم بلادها على السعي إلى إجراء تعديلات على الخطة الأممية للحل في ليبيا.

الترهوني ترى أن هذا السيناريو يتوافق مع تصريحات قادة قوات حفتر الذين أكدوا، في أكثر من مناسبة، أن قوات حفتر "لن تدخل طرابلس مقاتلة"، وتشير إليه أيضا "تنسيقات من تحت الطاولة وأصابع بدت تشير بوضوح إلى وجود اتصالات بين وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، وبين قوات حفتر، خصوصا عند إعلان باشاغا، نهاية ديسمبر الماضي، عن تشكيل لجنة مشتركة من جانب الوزارة ومن جانب حفتر لتوحيد الأجهزة الأمنية، والذي لم يخف أيضا إعجابه بمساعي حفتر العسكرية، آخرها خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة الحرة الأميركية، الأسبوع الماضي، التي أكد فيها أن عملية حفتر في الجنوب عمل وطني".

ويتمثل السيناريو الثاني، حسب الصحافية الليبية، في تمكّن حفتر "من تثوير خلاياها النائمة داخل طرابلس، وإلهاء المليشيات المعارضة له لمقاومتها داخل العاصمة، بالتوازي مع عمليات عسكرية للسيطرة على مناطق محيط طرابلس، واحدة تلو الأخرى".

لكن الترهوني تعتبر أن نتائج هذا السيناريو "لن تكون جيدة بالنسبة لحفتر، فالمنطقة بأكملها ستدخل في حرب طويلة، لا سيما وأن الغرب الليبي يتوفر على عدد كبير من الفصائل المسلحة المعارضة لحفتر، بعضها يتركز بثقل كبير في الزاوية، غرب العاصمة، وبعضها شرق العاصمة، وتحديدا مصراته التي تتواجد قواتها في أغلب المناطق الفاصلة بينها وبين طرابلس على مسافة 200 كم".