قراءة أمنية إسرائيلية لخطاب عباس: نمط تعاطي السلطة لن يتغير

17 يناير 2018
المؤسسة الأمنية تقدر أن غضب عباس كان "منضبطاً"(عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -


بخلاف وزراء ونواب الائتلاف والمعارضة في إسرائيل، الذين تنافسوا في مهاجمة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في أعقاب خطابه أمام المجلس المركزي الفلسطيني، قبل يومين، فقد أبدت المؤسسة الأمنية في تل أبيب ارتياحها إزاء الخطاب.

وحسب صحيفة "معاريف"، فإن قادة كل من الجيش والاستخبارات في تل أبيب يبدو أنهم مطمئنون إلى أن تغييرًا على نمط تعاطي السلطة مع سلطات الاحتلال لن يحدث في أعقاب هذا الخطاب.

وفي تقرير نشرته اليوم، شددت الصحيفة على أن كل ما يعني المحافل العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية هو تشديد عباس في خطابه على التزامه بـ"محاربة الإرهاب وعدم التسامح إزاء أي من أشكاله"، ناهيك عن تشديده على أن الكفاح المسلح "يضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية".

وحسب التقديرات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية، كما تقتبسها معاريف، فإنه لا يوجد ما يدلل على أن عباس معني بأن يقدم، قبل مغادرته مشهد الأحداث، على أية خطوة من شأنها أن "تمس إرثه القائم" على رفض الكفاح المسلح.

وتشير التقديرات ذاتها إلى أن تعبير عباس عن غضبه إزاء القرار الأميركي الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة، كان "منضبطًا".

وأوضحت "معاريف" أن الذي يمنع عشرات الآلاف من عناصر حركة "فتح" الذين يمتلكون السلاح، ويحول دون توجيه بنادقهم صوب إسرائيل، هي التوجيهات القاطعة التي تصدر عن عباس.

وسخر الصحافي الإسرائيلي المتطرف بن كاسبيت من الساسة الذين يهاجمون عباس على خطابه، متوقعًا أن يضطر هؤلاء الساسة، والإسرائيليون بشكل عام، إلى "الاشتياق" له بعد أن يغادر ساحة الأحداث، وبعدما يلاحظون ما سيحدث بعده.


من ناحيته، سخر آفي سيخاروف، معلق الشؤون العربية في موقع "والا"، من محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استغلال خطاب عباس في "المركزي" لتبرير تملصه من حل الدولتين، مشيرًا إلى أن إسرائيل تتجاهل حقيقة أنه لن يخلف عباس من سيقتفي أثره في معارضة العمل المسلح ضد إسرائيل.

وفي تحليل نشره الموقع أمس، حذر سيخاروف من أن هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إسرائيل للقلق من مرحلة ما بعد عباس، على رأسها حقيقة أن السلطة الفلسطينية تحت قيادة عباس كانت "العائق الرئيس أمام تفجر هبة جماهيرية عنيفة ودامية ضد إسرائيل".

وأعاد للأذهان حقيقة أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وبتعليمات من عباس، أحبطت المئات من العمليات التي كانت تستهدف الإسرائيليين، وحالت دون تنظيم تظاهرات جماهيرية كان يمكن أن تقود إلى تفجر الأوضاع.


وأشار إلى أن السلطة لعبت دورًا في الحفاظ على الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية، لافتًا إلى أنه لا يوجد ما يطمئن بأن هذه الأوضاع ستسود بعد أبو مازن. وشدد على أن ثمة أمرًا لا يمكن الاختلاف حوله بشأن عباس، وهو حقيقة أنه الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي تجرأ ووقف ضد اندلاع انتفاضة الأقصى، مشيرًا إلى أن عباس أمر، بعد توليه الرئاسة، أجهزة الأمن التابعة للسلطة في غزة، باعتقال مطلقي الصواريخ على إسرائيل.

وفي السياق، قالت عميرة هاس، معلقة الشؤون الفلسطينية في صحيفة "هآرتس"، إنه على الرغم من جملة القرارات التي أعلن المجلس المركزي عن اتخاذها، فإن الفلسطينيين، وضمنهم معظم عناصر ومؤيدي حركة "فتح" في الضفة الغربية، يعتقدون أنها لن تغير نمط تعاطي السلطة مع إسرائيل.

وفي تحليل نشرته الصحيفة، في عددها الصادر أمس، أشارت هاس إلى أن التقدير السائد في الضفة الغربية هو أن عباس لن يقدم على تطبيق مقررات المجلس المركزي المتعلقة بتجميد التعاون الأمني، تمامًا كما رفض تطبيق المقررات نفسها المتعلقة بهذه القضية، والتي صدرت عن اجتماع المركزي الذي عقد في 2015.

ولفتت هاس إلى أن التشاؤم في الساحة الفلسطينية إزاء فرص موافقة عباس على تنفيذ قرارات المركزي بشأن وقف التعاون الأمني ينطبق أيضًا على التشاؤم إزاء جديته في تطبيق القرار المتعلق بالتوجه للمحافل الدولية، ورفع دعاوى ضد إسرائيل بسبب الاستيطان، مشيرة إلى أن الفلسطينيين ينظرون إلى مقررات المركزي على أنها "كلمات فارغة".

وأضافت هاس أن عباس يحاول، من ناحية عملية، قمع أي توجه لتجاوز أوسلو، مشيرة إلى أن محمد الداية، المرافق الشخصي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، اعتقل أخيرًا وينتظر المحاكمة لأنه نشر منشورًا على "فيسبوك" دعا فيه إلى إلغاء اتفاقيات أوسلو ومواجهة الفساد.

ولفتت إلى أن هناك من يرى أن المواجهات التي شهدتها الضفة الغربية بين الشباب الفلسطيني وقوات الاحتلال في أعقاب خطاب عباس تدلل على أن الفلسطينيين قد ضاقوا ذرعا بالسلطة.




المساهمون