قتلى ومصابون بانهيار بناية جديدة في القاهرة و100 جنيه إعانة للمتضرر

23 فبراير 2018
انهيار عقار في منشأة ناصر بالقاهرة (تويتر)
+ الخط -
مساء أمس الخميس، انهار مبنى سكني مكون من ستة طوابق بحي منشأة ناصر الشعبي بالقاهرة، ما أسفر عن مقتل 10 على الأقل، بينهم طفل، وإصابة آخرين، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية.

في منشأة ناصر، تظهر البيوت متلاحمة والحارات ضيقة، ومقومات البيئة السكنية من مياه وصرف صحي وكهرباء غائبة.

وأصدرت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، بيانًا في أعقاب الحادث، قررت فيه تشكيل لجنة تتولى توفير أغطية للمتضررين، فضلا عن أدوية للحالات المرضية، وصرف مساعدة مؤقتة للإعاشة بواقع 100 جنيه للفرد.

ويبدو تفاعل وزارة التضامن الاجتماعي مع الحادث شديد الاتساق مع تعامل الحكومة المصرية مع ملف العشوائيات بشكل عام، لا سيما أن الحكومة تتمسك بعلاج القضية عن طريق تشييد مئات البنايات دون النظر للتركيبة الديمغرافية للمناطق.

وتشير الدراسات إلى ضرورة التعامل مع العشوائيات باعتبارها ظاهرة مركبة، الشكل العام والمظهر الخارجي لقضية العشوائيات يبدو إسكانيا؛ غير أن دوافعه الأصلية تضم إلى جانب المكوِن الإسكاني مكونات عديدة تتصل بالوضع الاقتصادي وترتبط بالتركيب الاجتماعي وتتعلق بالنسق التخطيطي العمراني.

وأوصت دراسات عدة، الحكومة المصرية، بأن تتعامل مع العشوائيات باعتبارها مشكلة بشر أكثر من كونها مشكلة مسكن، أو تعدّ على أملاك الدولة، أو الاستيلاء على أراضٍ لا تصلح للسكن أصلا، أو ضعف القوانين واللوائح وعدم فاعلية التخطيط العمراني، وضرورة إضافة الرؤية الاجتماعية الاقتصادية لقضية العشوائيات بما يساعد على التشخيص الواقعي للظاهرة  ويسهم في التخفيف من حدتها.

وكان انهيار صخري ضخم وقع في 15 ديسمبر/كانون الأول 1993، على 15 منزلا بمنطقة "الزرايب" بحي منشأة ناصر، وأسفر عن مقتل 70 مواطنا. ثم وقع انهيار صخري أكبر عام 2008، وراح ضحيته أكثر من 130 مواطنًا، وعرف باسم "صخرة الدويقة"؛ حينها صدر قرار من الرئيس آنذاك، حسني مبارك، بإنشاء ما يسمى "صندوق تطوير المناطق العشوائية"، تابع لرئاسة مجلس الوزراء، بهدف حصْر المناطق العشوائية وتطويرها وتنميتها، ووضع الخطة اللازمة لتخطيطها عمرانيا، وإمدادها بالمرافق الأساسية.

ومنذ ذلك الحين، تحاول الحكومات المتعاقبة، إخلاء منطقة منشأة ناصر من السكان، بينما الأهالي يرفضون ويواصلون البقاء رغم الصعوبات والمخاطر، ويتحدّون الحكومة أمام القضاء، متمسكين بتقرير اللجنة العلمية الصادر عن مركز الاستشارات الهندسية التابع لكلية الهندسة بجامعة عين شمس في 2009، والذي ضم 21 توصية بشأن التعامل مع المنطقة، من بينها توصية واحدة بـ"الإزالة"، وهو ما يبرهن به السكان أن هناك "حلولا أخرى وبدائل عدة خلاف تنازل الأهالي عن منازلهم".

وضمت حلول اللجنة في التقرير: "إزالة المباني العشوائية أعلى وأسفل المنحدرات، وأعمال تهذيب وصيانة للصخور في المنحدرات، وأعمال تقوية وتدعيم الصخور في المنحدرات، واستخدام ميول التثبيت، وتكوين مصائد للصخور المتساقطة، واستخدام المسامير والأوتاد الصخرية، واستخدام الخرسانة المرشوشة، وتثبيت المنحدر الصخري، واستخدام أسوار شبك الصلب".

ويضم حي منشأة ناصر قسم شرطة، وسجل أحوال مدنية، ونيابة، وشهرا عقاريا، وإدارة تعليمية، ودائرة انتخابية، ورغم ذلك ترغب الحكومة في إزالة الحي باعتباره عشوائيا، ويتساءل الأهالي "إذا كانت الحكومة تدرك منذ عام 2008، أن تلك المنطقة غير آمنة على السكان، لماذا سمحت بمدّ كل تلك الخدمات والمرافق؟".

ويرفض عدد كبير من أهالي منشأة ناصر، الانتقال لحي الأسمرات الذي تهدف الحكومة المصرية من خلاله لإجلائهم بتكلفة تقارب 12 مليار جنيه من أجل إعلان "القاهرة بدون مناطق غير آمنة" نهاية عام 2018، بإسكان ما يقارب 320 ألف مواطن في أماكن آمنة من بينها مشروع الأسمرات بمراحله الثلاث الذي يضم 18300 وحدة سكنية.

ويؤكد الأهالي أن "كل البرامج والمشاريع الحكومية لا تراعي البُعد الاجتماعي والثقافي والبيئي للسكان، كما لا تراعي الأحوال المعيشية الصعبة التي يواجهونها، فالاهتمام بالمظهر الحضاري لا يجب أن يعلو على الاهتمام بأحوال المواطنين المعيشية".

وتشير دراسات تحليلية للخصائص الاجتماعية لسكان المناطق العشوائية، إلى أن أكثر من 75 في المائة من سكان المنطقة من أصل ريفي، وحوالي 10 في المائة منهم كانوا يقيمون في مناطق مختلفة سابقا، والنسبة الباقية من مواليد المنطقة نفسها، وأن 45 في المائة من السكان عمال مهرة، ويعمل نحو 5 في المائة منهم في قطاع الخدمات، أما النسبة الباقية فهم باعة متجولون أو عمال باليومية.

وتنتشر الأمية بشكل كبير بين سكان المنطقة، و80 في المائة من الذكور أميون، ونحو 95 في المائة من الإناث كذلك، أما الأطفال فقلة منهم يلتحقون بالمدارس المجانية حتى الصف السادس الابتدائي فقط نتيجة لارتفاع متوسط عدد الأسرة إلى 6 أفراد، كما أن 15 في المائة  على الأقل من الأسر يصل عدد أفرادها إلى 9 أفراد للأسرة، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب الإجرام والطلاق.
دلالات